سما البكر.. قصة موهبة سعودية لامعة في ملاعب التنس

في مشهد يعكس القفزة الهائلة التي يشهدها قطاع الرياضة النسائية في السعودية، تبرز الطفلة سما البكر كأحد أبرز الوجوه الصاعدة في عالم التنس، رغم صغر سنّها. في عمرٍ لا يتجاوز التاسعة، نجحت هذه اللاعبة القادمة من مدينة الظهران في أن تحجز لنفسها موقعًا لافتًا على خريطة المواهب الواعدة، وأن تتحوّل إلى رمز مُلهِم للجيل الجديد من الفتيات اللاتي يطمحن لرفع راية المملكة في المحافل العالمية.

بداية مبكرة وحلم يكبر

لم يكن الطريق إلى الملاعب مفروشًا بالصدفة. بدأت سما ممارسة التنس وعمرها خمس سنوات فقط، متأثرةً بحب والدها لهذه الرياضة، الذي كان حريصًا على نقل شغفه إليها ومنحها كل الدعم الممكن.

ومع مرور الوقت، تحوّل اللعب الممتع إلى تدريب جاد، وتطوّر الفضول البريء إلى موهبة حقيقية لافتة. وفي أقل من عامين، انطلقت سما لتشارك في بطولات داخلية وخارجية، وتحقق نتائج مبهرة قياسًا بسنّها القصير على الملاعب.

إنجازات محلية وعربية مبكرة

خلال مشاركاتها المتتالية، استطاعت الموهوبة سما البكر تحقيق العديد من الإنجازات، وكتبت اسمها كواحدة من أصغر البطلات في تاريخ التنس السعودي.

ومن أبرز إنجازاتها المبكرة هو تصدرها مجموعتها في بطولة Match Point في البحرين متفوّقة على 26 لاعبًا.

كما أستطاعت تحقيق المركزين الأول والثاني في ثلاث بطولات نظّمتها DJTA في أرامكو بمشاركة أكثر من 30 لاعبًا.

وفازت بالمركز الأول في بطولة منطقة الشرقية للأندية بالدمام، لتُسجّل إنجازًا تاريخيًا كأول لاعبة سعودية تحقق هذا اللقب وهي بعمر سبع سنوات فقط.

كما تأهلت إلى البطولة التصنيفية للمملكة باعتبارها اللاعبة الأنثى الوحيدة ضمن 31 مشاركًا، ونجحت في الفوز بجميع مبارياتها تقريبًا، لتبرهن على قوة شخصيتها وثقتها الكبيرة بنفسها.

هذه النجاحات لم تكن مجرد نتائج رياضية، بل رسائل قوية بأن مستقبل التنس النسائي السعودي يخطو بخطواتٍ واثقة نحو العالمية.

لحظات استثنائية مع نجوم العالم

لم تتوقف قصة سما عند حدود المنافسات المحلية؛ فقد صنعت لنفسها لحظات ستظل محفورة في ذاكرتها وفي ذاكرة عشاق الرياضة.

لاحقًا، حققت حلمًا آخر في الرياض عندما تبادلت الضربات مع النجمة العالمية أرينا سابالينكا المصنّفة الأولى عالميًا في تنس السيدات.

وخلال هذه التجربة، عبّرت سابالينكا عن دهشتها بموهبة سما، مؤكدة أنها تمتلك ما لم يكن يتوفر لدى أبطال كبار في نفس عمرها، ووصفتها بأنها:

“لاعبة مذهلة… لديها دقة وقدرات لا تُصدق بالنسبة لفتاة بهذا العمر. إنها نجمة المستقبل”.

مثل هذه اللحظات ليست مجرد صور أو لقطات تلفزيونية، بل محطات فارقة في رحلة تكوين بطلة قادمة.

برنامج “أبطال الغد”.. منصة المواهب السعودية

سما اليوم واحدة من أبرز نتائج برنامج أبطال الغد الذي أطلقه الاتحاد السعودي للتنس بدعم من صندوق الاستثمارات العامة، والذي يهدف إلى اكتشاف وصقل مواهب الفتيات من عمر 9 إلى 12 عامًا، ومنحهن الفرص للاحتكاك بنجمات التنس العالمي، والاستعداد لمستقبل تنافسي واعد.

شاركت سما مع مجموعة من الفتيات في زيارات تدريبية وميدانية، وشاهدن تدريبات محترفات العالم، قبل الصعود إلى الملعب معهن في لحظات ستظل راسخة في تاريخ الرياضة النسائية في المملكة.

مستقبل يليق بموهبة واعدة

رغم صغر سنّها، بات يُنظر إلى سما البكر كأيقونة صغيرة، ورمز للإصرار والإبداع والتفوق. وعلى خطاها، تمضي مئات الفتيات اليوم بثقة نحو ملاعب التنس في السعودية، مدفوعات بإيمان عائلاتهن وبالدعم الكبير الذي توفره الدولة للمواهب النسائية.

ليس مستبعدًا أن نشاهد سما يومًا ما على ملاعب غراند سلام، تنافس على أعلى المستويات وترفع علم المملكة بفخر. فكل خطوة تخطوها، وكل ضربة تُسدّدها، تبني فصلًا جديدًا في قصة رياضة سعودية تتغير وتتطور وتكبر بحلم جيل جديد.