زراعة السيليكون وتأثيرها في حياة المرأة

د.محمد شلبي عضو الجمعية الفرنسية لجراحة الوجه والفكين / جراح تجميل وترميم في "كلينيكا جويل"
 
تدور في الآونة الأخيرة نقاشات كثيرة حول الزراعة التجميلية للثدي وحشوات السيليكون الخاصة بتكبير حجم الثدي لدى السيدات، وما يمكن لهذه الحشوات أن تسببه من مشكلات صحية متنوعة، ولا تزال الأسئلة المتنوعة والشائعة تطرح بين الفينة والأخرى، والتي من أهمها وأبرزها: هل زراعة حشوات السيليكون آمنة أم خطرة؟ وهل تشكل أخطارا معينة على صحة المرأة بوجه عام؟ وهل يمكن أن تنتقل مادة السيليكون من صدر الأم إلى طفلها في حال الرضاعة؟ إضافة إلى أسئلة أخرى كثيرة تتمحور حول مادة السيليكون نفسها وطرق حقنها والأسباب التي تستدعي الطب إلى استخدامها دون غيرها من المواد الطبية الأخرى. 
 
أجريت الكثير من الدراسات العلمية الصحية الخاصة من قبل أشهر وأهم مراكز البحث الطبي حول العالم، والتي خرجت بنتائج مهمة، كان أبرزها أن مادة السيليكون تحديدا موجودة أساسا وبمستويات عالية في كثير من الأغذية التي نتناولها، كحليب البقر وحليب الأطفال المتداول تجاريا في الأسواق، في حين كانت النسبة أقل بكثير في حليب الأمهات اللاتي خضعن لعمليات زراعة حشوات السيليكون، ومن خلال هذه الدراسة يمكننا الجزم بأنه ليس هناك أي دليل طبي على أن حشوات السيليكون هي المسؤولة عن بعض الأمراض الخطرة في الجسم، فنحن نتعرض باستمرار للسيليكون في حياتنا اليومية.
 
هناك أمور عدة يجب أن نوضحها للسيدات في ما يخص عمليات زراعة السيليكون، ويجب أن تدركها قبل خضوعها لهذا النوع من العمليات التجميلية. من هذه الأمور أنه يمكن أن تتداخل زراعة السيليكون في الثدي مع اكتشاف سرطان الثدي وإيجاده عن طريق التصوير الإشعاعي (الماموغرام)، فيمكن أن تشكل مادة السيليكون عائقا أمام التصوير الإشعاعي، وبذلك يصعب على الطبيب إيجاد الخلايا السرطانية. في هذه الحالة يجب أن تخبر كل سيدة طبيبها، وتبقيه على اطلاع في حال خضعت لعملية زرع السيليكون في الثدي، وذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة واستخدام تقنيات خاصة لمثل هذه الحالات. وأهم من ذلك أنه يجب إعلام طبيبك الخاص بما إذا كان هناك أي تاريخ عائلي لسرطان الثدي.
 
كثيرا ما يتوارد لأذهان السيدات والمراجعين لدينا حول متوسط العمر ومدة بقاء مادة السيليكون في الثدي. حقيقة أن فترة بقاء السيليكون يعتمد ويختلف من امرأة إلى أخرى، فبعض النساء بحاجة إلى إجراء عملية استبدال السيليكون خلال سنوات قليلة، والبعض الآخر قد يمتد من 10 - 20 سنة تقريبا دون الحاجة إلى إجراء استبدال أو تجديد الزرع، وتستبدل مادة السيليكون في الثدي من فترة إلى أخرى لأسباب ومضاعفات عدة قد تحدث مع السيدة في فترات حياتها، مثل الانكماش في  الثدي أو حدوث متغيرات جسدية لا تتناسب مع حجم ثدييها كزيادة في الوزن أو نقصانه. عملية استبدال مادة السيليكون في النهاية هي عملية اختيارية تتوقف على مدى رغبة السيدة في تغيير حجم ثدييها.
 
كل امرأة لها نتيجة مغايرة عن الأخرى، سواء لجأت لزرع السيليكون قبل الحمل أم بعده. ومن المؤكد أن حجم الثديين يكبر عند المرأة بناء على المتغيرات الهرمونية المعروفة والمعتاد حدوثها في جسم المرأة في فترتي الحمل والرضاعة الطبيعية، لذلك فإن مقدار توسع وكبر حجم الثدي يختلف من امرأة إلى أخرى اعتمادا على نسبة وحجم السيليكون الذي جرى زرعه في الثدي. 
 
أما بالنسبة للرضاعة الطبيعية، فهناك الكثير من النساء اللواتي نجحن في إرضاع أطفالهن بعد عملية زرع السيليكون، حيث أشارت الدراسات الحالية إلى أن النساء اللواتي أجرين عملية زراعة السيليكون في الثدي بنوعيه المادة الهلامية أو المحلول الملحي، لا يملكون أي مستويات عالية من السيليكون في الحليب. في الوقت ذاته من المرجح أن تشكل مادة السيليكون عائقا أمام البعض من السيدات وقدرتهن على الرضاعة الطبيعية، حيث ظهر في بعض الحالات تعرض بعض السيدات لالتهاب في الثدي والتهاب في الغدد التي تفرز الحليب في ثدي المرأة، وهو ما يؤثر في الحلمة والمنطقة المحيطة بها، ويتسبب في حدوث شقوق جلدية، في هذه الحالة يمكن للسيدة تناول المضادات الحيوية عند ظهور هذه الأعراض الأولى لكي تقلل من احتمالات حدوث مثل هذه المشكلات الصحية. 
 
مادة السيليكون كغيرها من المواد الطبية، ومن الممكن أن تسبب الحساسية، لكن هذا نادر الحدوث. ونحن معرضون جميعا للسيليكون، فهو موجود في بيئتنا وحولنا، سواء كان في المواد المنزلية مثل المواد المستخدمة في تلميع الزجاج أو غسول اليدين أو الكريمات المستخدمة في تسمير البشرة، وكذلك مضادات التعرق والصابون، والأطعمة المصنعة مثل العلكة وغيرها من المواد التي نستخدمها.