أجمل تقاليد الكويتيين في شهر رمضان

إعداد: نبال الجندي شهر رمضان المبارك هو ضيف كريم وغالي يحل على الأمة الاسلامية في الشهر التاسع من كل عام هجري. هو شهر استثنائي تصبو اليه النفوس وتحن للقائه الأفئدة، وتدمع لفراقه العيون؛ فقد خص الله عز وجل أيام هذا الشهر الفضيل بخصائص وفضائل لا تتمتع بها أي أيام أخرى في العـام. وقد عبّر الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وسلّم) عن هذه المكانة العظيمة حين خطب في الناس قائلاً: "يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، شهر المواساة، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء". وتبدأ في الأيام الأخيرة من شهر شعبان الاستعدادات من جانب شعوب الأمة الاسلامية لاستقبال شهر رمضان المبارك، والذي بمجرد ثبوت رؤية هلاله تبدأ الشعوب في ممارسة عاداتها الرمضانية. وعلى رغـم تشابه العادات والتقاليد في شـهر الخير لدى المجتمعات الإسلامية والعربية خاصة، الا أن تختلف كل منها في مظاهر التعبير عن الفرح بتبادل التهاني واقامة الموائد الرمضانية وتبادل الدعـوات بين الأهـل والأصدقاء. أما المائدة الرمضانية فبقيت تحتل رأس قائمة الأولويات في تلك الاحتفالات، حيث يتميز كل شعب من الشعوب الاسلامية باطباق يرتبط اعدادها بالشهر المبارك. ولفتتنا عادات الشعب الكويتي المتنوعة في شهر رمضان المبارك حيث يولونه اهتماماً كبيراً وتكثر فيه الولائم والاحتفالات. وتهتـم جمـيع البيوت الكويتية باعداد الولائم واقامة العزائم وتبدأ المطاعم على مختلف أشكالها وأنواعها بالاستعداد لتقديم أفضل ما عندها من الوجبات في الافطار والسحور لزبائنها بما يتناسب مع طبيعة الشهر المبارك. وتحتفظ الموائد الكويتية منذ عقود بأطباق مختلفة حافظت عليها الاجيال ومن أهمها: الهريس (الهريسة) التي تتكون من القمح المجروش واللحم، التشريب (وهي عبارة عن خبز أو الرقاق مقطعا مع مرق اللحم يحتوي على هما القرع والبطاطس وحبات من الليمون الجاف (اللومي)، الجريش الذي يطبخ من القمح، والحلويات مثل اللّقيمات تعرف بـ (لقمة القاضي)، البثيث والخبيص وهما اكلتان شعبيتان تصنعان من الدقيق والتمر والسمن، وأكلة الساغو او الماغوطة وهي تشبه المهلّبية. كما يشرب الكويتيون القهوة الحلوة وهى عبارة عن الزعفران المغلي بقليل من السكر. وقد اعتاد اهالي الكويت في رمضان السهر في الدواوين التي تستقبل روادها بعد صلاة العشاء الى ساعات متأخرة من الليل وتقديم أطباق خاصة من الأكل تعرف بـ"الغبقة" ومعنى الكلمة هي كل ما يؤكل في الليل. والغبقة و كانت قديماً عبارة عن وليمة تقام بعد صلاة التراويح للأهـل والجيران الذين يذهبون للمباركة بمناسبة الشهر الفـضيل بالقول "مبارك عليكم الشهر وعساكم من عوّاده". أما أكلات الغبقة تتضمن أنواعا متعددة من المأكولات كالنخي (الحمص) والباجلا (البازلاء) والهريس والفطائر والكبة والسلطات، اضافة الى بعض الحلويات الشعبية كالزلابية والمحلبية واللقيـمات والتمور. وكذلك مشاريبها تتنوع بين القهوة العـربية والشاي والقهوة الحلوة ، وشراب اللـوز (البيذان) وغيره. اما يوم القريش ( ومعنى القريش السخاء) فيعـد عادة كويتية شعبية قديمة وهو يكون في آخر أيام شهر شعبان حيث تقوم كل عائلة بالذهاب الى بيت كبير العائلة (العـود) وهم يحملون ما لذ وطاب مـن الأكلات المتوفرة في بيوتهم وذلك للاحتفال بقدوم الشهر الفضيل ولقاء بقية أفراد الأسرة فالقريش هو آخر وجبة يتناولها أهل البيت قبل بداية رمضان، وهي وجبة مكونة من بقايا الأكل الموجود بالمنزل والذي لا يصلح للتناول في رمضان، مثل والتمر القديم والأرز وخصوصاً السمك لانه كوجبة يختفي عن الموائد طيلة أيام الشهر الكريم حيث أن تناول الأسماك يزيد الشعور بالعطش في فترة الصيام. أما السيدات الكويتيات فلهن طقوسهن الخاصة في الاحـتفال بيوم القريش) من تنظيف المنـازل واطلاق البخور وتحضير الأواني ذات الحجم العائلي، وتقمن بتزيين أيديهن وأرجلهن بالحناء احـتفالا بالشهر المـبارك. وكان الجميع يردد مقولة: اليوم القريش.. وباكر نطوي الكريش. ونأتي إلى ليلة القرقيعان التي يتحضر الكويتيون لها قبل أشهر ويقومون بخياطة بذلات وعباءات (درّاعات) خاصة لها. ففي منتصف شهر رمضان من كل عام، يجول الأطفال في الكويت على المنازل وفي أيديهم أكياس يملؤونها بالحلوى والمكسرات. وهذا التقليد يعرف بالقرقيعان، ولم يَعُد مقتصرا على الأطفال بل يشارك فيه الكبار ايضاً، وتقام له الاحتفالات وتوزّع فيه أكياس "القرقيعان" على الجميع ابتهاجا وفرحا بأيام وليالي شهر رمضان الجميلة. ولا ننسى بالطبع امتلاء المساجد بالمصلّين والاعتكاف في العشر الأيام الأواخر أو الثلث الاخير من شهر رمضان المبارك وإنارة المساجد والشوارع التي تحيطها بأضواء وزينة ملوّنة. وهو مشهد بهيج نراه في كافة البلاد الإسلامية خلال الشهر الكريم.