
منسقة الأزياء دارين مدني لـ"هي": الموضة السعودية ستشهد زمن التألق الذي يمزج بين الأصالة والابتكار
النجاح الحقيقي يكمن في الشجاعة لملاحقة الشغف. هذا ما فعلته دارين مدني، التي تركت مسيرة مهنية مستقرة في عالم المال لتنغمس كليًا في عالم الأناقة. في هذا الحوار، نغوص في رحلة دارين الملهمة ونكتشف كيف مزجت بين الانضباط الذي اكتسبته في عالم البنوك والإبداع الذي يميّز عالم الموضة، لتثبت أن الانتقال من عالم الأرقام إلى عالم الأقمشة يمكن أن يخلق قصة نجاح فريدة.
تشاركنا دارين أصعب التحديات التي واجهتها، وأكثر الإطلالات التي تعتز بها، ورؤيتها لمستقبل الموضة في السعودية، كما تكشف لنا تفاصيل حصرية عن علامتها التجارية الجديدة التي تستهدف المرأة السعودية العصرية.

كثير من الناس يحلمون بإحداث تغيير مهني كبير. ما هي اللحظة التي قرّرت فيها تحديدًا ترك عالم المال وملاحقة شغفك بالموضة؟
لم تكن لحظة واحدة فقط، بل سلسلة من الإدراكات المتتالية. خلال عملي في مجال البنوك، اكتسبت الانضباط والقدرة على التحمّل والعقلية التجارية القوية. لكن مع مرور الوقت، لاحظت أنّ شغفي الحقيقي يظهر دائمًا خارج المكتب، عندما أكون منغمسة في الموضة: أُنسّق لأصدقائي، أتابع أحدث الصيحات، وأبتكر أفكارًا جديدة. اللحظة الفارقة كانت عندما سألت نفسي: هل أريد أن أقضي السنوات القادمة في عمل لا يعكس شغفي الحقيقي؟ عندها اتّخذت قراري الجريء بترك المجال المصرفي والتفرغ كليًا لعالم الأزياء والموضه
ما هي أكبر التحديات التي واجهتها عندما قررت القيام بهذه الخطوة؟
أصعب ما واجهته لم يكن في السوق أو في العمل نفسه، بل في داخلي. كان عليّ أن أتخطى الخوف من المجهول وأن أواجه الشكوك سواء من نفسي أو من الآخرين. كثيرون قالوا لي: كيف تتركين وظيفة مستقرة ومكانة مضمونة لتبدئي من الصفر في مجال مختلف؟ لكني آمنت أن الشجاعة الحقيقية هي أن تختار ما تحب، حتى لو لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. اليوم أنظر لهذه التحديات كخطوات ساعدتني أكون أقوى وأكثر ثقة.
كيف ساعدتك خبرتك في عالم المال، وهو عالم مختلف تمامًا عن الموضة، في الإعداد لما تقومين به الآن؟ هل منحتك منظورًا فريدًا للجانب التجاري للتصميم أو إدارة علامة تجارية؟
خبرتي في مجال البنوك كانت مدرسة حقيقية بالنسبة لي، وقد أعطتني أدوات مهمة ما زلت أستخدمها يوميًا في عملي بالموضة. تعلّمت من خلالها الانضباط، التفكير الاستراتيجي، وإدارة المخاطر، وهي عناصر أساسية لأي عمل ناجح. بالإضافة إلى ذلك، منحتني القدرة على فهم الأرقام، الميزانيات، وخطط النمو، وهذا ساعدني أن أتعامل مع علامتي التجارية ليس فقط كإبداع، بل كعمل متكامل يحتاج إلى إدارة قوية. هذه الخلفية المالية هي ما أعطاني منظورًا مختلفًا يميزني عن غيري في هذا المجال.
لقد عملتِ مع العديد من المشاهير والمؤثرين. كيف تتبعين نهجًا فريدًا في تصميم إطلالة خاصة لكل عميل؟
أنا أؤمن أن كل امرأة هي قصة بحد ذاتها، والستايل هو الطريقة التي تروي بها هذه القصة. عندما أعمل مع شخصية مشهورة، لا أتعامل معها كاسم لامع فقط، بل كإنسانة لها روح وأحلام ورسالة. أبحث عن هذا الجوهر وأترجمه إلى إطلالة تجعلها تشعر أنها متفردة. بالنسبة لي، النجاح ليس أن تبدو جميلة فقط، بل أن تعكس إطلالتها حقيقتها وتزيدها ثقة بنفسها أمام العالم.
ما هي الإطلالة التي صممتِها وتعتزين بها أكثر من غيرها، ولماذا؟
أكثر ما أفتخر به هو عملي مع المؤثرة رتيل الشهري، التي كانت في سن صغير جدًا ما شكّل تحديًا كبيرًا. عادةً في هذا العمر من الصعب أن تجدي الإطلالة التي توازن بين البراءة والثقة، لكن في جلسة تصوير استطعنا أن نخلق لوكات عكست شخصيتها الحقيقية. ما لمس قلبي فعلًا لم يكن الصور، بل السعادة اللي شعرت بها، وكيف انعكست على ثقتها بنفسها. بالنسبة لي، الأزياء ليست فقط عن الشكل، بل عن لحظة تكتشف فيها الفتاة و السيدة قوتها الداخلية.
في رأيك، ما هو أكبر مفهوم خاطئ لدى الناس عن مهنة تنسيق الأزياء؟
الكثير يظنون أن الستايلست مجرد شخص يلبّس الآخرين، بينما في الواقع نحن نساعدهم ليكتشفوا أنفسهم من جديد. أحيانًا تغيير إطلالة قد يغيّر ثقة شخص بالكامل أو يفتح له بابًا جديدًا في حياته. بالنسبة لي، تنسيق الإطلالة ليس عن الفستان أو البدلة، بل عن القصة التي ترويها عندما تقف أمام المرآة وتشعر أنك في أفضل نسخة منك.
كيف ترين المشهد في عالم الموضة في المملكة العربية السعودية وهو يتطور، وما الدور الذي تأملين أن تلعبيه في مستقبله؟
بالنسبة لي، الفترة القادمة في السعودية ستكون هي زمن التألق الحقيقي للموضة، حيث نرى موضة محلية تجمع بين الجذور والثقافة وبين الحداثة والابتكار. الشباب السعودي اليوم يطلب أصالة، جودة، تنوّع، وأيضًا قصة. يريد أن يشعر أن ما يرتديه يعبّر عنه هو، لا أن يكون مجرد تقليد أو استيراد. رؤية 2030 فتحت أبوابًا كثيرة، وبدأت تظهر أسماء سعودية تصنع الفارق، العلامات المحلية تكبر، التصاميم تتجدد، والمستهلك أصبح واعٍ أكثر.
وما أحلم به هو أن أكون من أولئك الذين يساعدون هذا الحِراك ليكون قويًا ومستدامًا. أن أكون جزءًا من بناء جسر بين الاصالة السعودية الذوق العالمي، أن أساعد في إظهار الجديد، دعم المصممين الشباب، وتمكينهم من قراراتهم الإبداعية، وأن أوصل رسالة أن الموضة السعودية ليست مجرد لباس، بل هي تعبير ثقافي وهوية، وهي مصدر فخر وفرصة اقتصادية.
تحضرين لإطلاق علامتك الخاصة، ما الذي ألهمك، وما الذي سيجعلها تبرز بين العلامات الأخرى؟
بالنسبة لي، DM Fashion House ليس مجرد براند، بل هو قصة حلم طالما عشته وأردت أن أراه على أرض الواقع. الإلهام جاء من النساء حولي من قصصهن، قوتهن، ومن رغبتهن أن يظهرن بأفضل صورة دون أن يفقدن هويتهن. أردت أن أخلق علامة تشبه المرأة السعودية والعربية اليوم: قوية، أنيقة، وملهمة. ما سيجعل علامتي مختلفة هو أنها لا تبيع فستانًا او بدلة فقط، بل تقدّم رسالة ثقة بالنفس، وجمال داخلي ينعكس في كل تفصيلة خارجية.
علامتك تتوجه إلى "المرأة السعودية العصرية". هل يمكنك وصف من هي هذه المرأة وما هو أسلوبها في الموضة؟
المرأة السعودية العصرية هي امرأة متوازنة تجمع بين الأصالة والانفتاح. هي متمسكة بجذورها وقيمها، لكنها في الوقت نفسه مواكبة لأحدث الصيحات العالمية. أسلوبها في اللبس يعكس شخصيتها: عملية في يومها، أنيقة في مناسباتها، وتعرف كيف تختار ما يليق بها دون أن تفقد هويتها. هذه المرأة تبحث عن أزياء تعبّر عنها، تمنحها الثقة، وتجمع بين الراحة والفخامة. وهذا بالضبط ما يستهدفه براند DM.
ما هي النصيحة التي تقدمينها للنساء السعوديات الأخريات اللواتي يفكرن في سلوك مسار مماثل في ريادة الأعمال أو المجالات الإبداعية؟
أقول لكل امرأة سعودية: لا تخافي أن تبدأي. الأحلام الكبيرة تبدأ بخطوة صغيرة، وأحيانًا أصعب ما في الموضوع هو أن نأخذ القرار الأول. الثقة بالنفس هي مفتاحك، والإيمان بقدراتك هو سلاحك. قد تسمعين أصواتًا تقلل من شأنك أو تشكك فيك، لكن تذكري دائمًا أن قصتك أنت وحدك التي تكتبينها. كوني شجاعة، كوني مختلفة، واتركي أثرك.