EN ÉQUILIBRE من "كارتييه"

EN ÉQUILIBRE من "كارتييه": تناغم يتجاوز الشكل وحوار خاص مع مدير الأسلوب والتراث في الدار

سهى حامد
21 أغسطس 2025

يتجلى في قلب كل إبداع من "كارتييه" CARTIER مفهوم التوازن كخيط ناظم يوحّد تنوع التصاميم والرموز. ويشكل هذا التوازن قاعدة راسخة في لغة الدار التصميمية، من التكوينات الهندسية والتجريدية، إلى الأحجام والخطوط، ومن انسجام قطعة المجوهرات مع صاحبتها إلى الشعور الحسي عند التزين بها. وتأتي مجموعة المجوهرات الراقية EN ÉQUILIBRE لتعبّر عن هذه الرؤية بدقة لافتة مستكشفة أبعاد التوازن والانسجام كعنصر جمالي وتقني في آن واحد.

"بيير رينيرو"، مدير الأسلوب  والتراث في "كارتييه"
"بيير رينيرو"، مدير الأسلوب  والتراث في "كارتييه"

خلال إطلاق المجموعة في العاصمة السويدية ســــــتــوكـــهـــولــــم، التـــقـيـــت "بيـــيـــــر رينــيـــــــرو" PIERRE RENIERO، مدير الأسلوب والتراث في "كارتييه"، الذي شاركني رؤيته حول هذه المجموعة الفاخرة، وتحدث كيــف تجسد فلسفة التوازن جوهر هوية الــــدار، وعــن الــــــــدور الذي يلـــعــبــــه هذا المـــفـــهـــــوم في تطوير لغة تصميم "كارتييه" نحو المستقبل.

تجســــد هذه المــقــــاربـــــة ما تعــبـــــر عنـــــه "كارتييه" بوصــفـــهــــا "الامتناع عن المبالغة"، حـيــــث يكمن الجمال في الانضباط، والتوازن في كل تفصيل. كما ينعكس هذا المفهوم بوضوح في البنية النحتية والمهارة التقنية لكل قطعة. بين الكتلة والفراغ، وبين الصلابة والانسيابية، تطل مجوهرات تترجم الانسجام بأعلى درجاته. يقول "رينيرو": "يضيف الفراغ حجما، ويمنح القطعة خفة وشفافية، فتتبع حركة الجسد بتناغم طبيعي".

التوازن، كقيمة جمالية، متجذر في تاريخ الدار. ويتجلى ذلك من خلال ما يسميه "رينيرو" "لغة أسلوب كارتييه"، أي مفردات تصميمية تتجدد مع كل مجموعة وتمنحها طابعا معاصرا نابعا من إرث متراكم. يقول: "مثلا قد نلاحظ صدى لعشرينيات القرن الماضي في بعض التفاصيل الهندسية، لكن القطع تنتمي بالكامل إلى اللحظة الراهنة".

وعلى مستوى أعمق من هذا التوجه الإبداعي، يشرح "رينيرو" ما يسميه بـ"الأفكار الأم"، وهي أفكار تنبت منها تصاميم متعددة، كل منها يحمل بصمة الفكرة الأصلية، لكنها تدفع بها نحو آفاق بعيدة. هذا البعد الفني هو ما يمنح مجوهرات الدار تميّزها، ويرسّخ صلتها بالماضي، ويعبّر عن الحاضر ويخاطب المستقبل.

عقد PANTHÈRE ORBITALE من البلاتين المرصع بالمرجان والجمشت والزمرد والعقيق اليماني والماس   عند النظرة الأولى يبدو عقد TSAGAAN تصميما تجريديا لكن عند الاقتراب تكتشفين الفهد
عقد PANTHÈRE ORBITALE من البلاتين المرصع بالمرجان والجمشت والزمرد والعقيق اليماني والماس

يجسد عقد PANTHÈRE ORBITALE هذا التفاعل مع أرشيف الدار، من خلال مزج خرز المرجان والجمشت، وهي توليفة قدمتها الدار سابقا، وهو ما يجعله من "أبناء" إحدى "الأفكار الأم" السابقة. أما قطع، مثل عقد TSAGAAN، الذي يخفي ملامح فهد ثلجي داخل بنية هندسية خالصة، أو عقد TIGRIS الذي تتحول فيه خطوط فرو النمر إلى هيكل معماري مفصّل، فهي تحمل ملامح لما قد يصبح "أفكارا أم" في المستقبل. ويقول: "من المرجّح أن نرى هذه المقاربة أكثر في المستقبل"، لافتا إلى أن ترجمة ملامح الحيوان إلى تكوين هندسي يمكن أن يصبح مسارا مبتكرا في تصميمات الدار في المستقبل.

يظهر عالم الحيوانات في الدار بتنوع غني في المجموعة، فيتباين بين التجريد الصارم في TSAGAAN وبين غنى الألوان والرمزية في KYLAN أو PANTHÈRE AMAZONE. يقول: "التعبيرات مختلفة، لكن الرؤية موحدة. وهذا ما يمنح كارتييه تفردها".

ويبرز عقد PANTHÈRE DENTELÉE كإحدى أكثر القطع التي تعبر عن جوهر أسلوب "كارتييه". يبدو التصميم من النظرة الأولى بسيطا وأنيقا، بانسياب من خرز الزمرد والماس والعقيق اليماني. غير أن هذا المظهر يخفي تعقيدا تقنيا عاليا. فجسد الفهد، المخرّم والمزخرف بالعقيق والماس، يشبه الدانتيل في خفته وبنيته. هذه الفكرة كما يوضح "رينيرو"، ولدت من قرار تصميمي واعٍ بدمج الفهد تماما داخل بنية العقد. ويقول: "فكرنا منذ البداية في معنى الخرز البنيوي، وكيف يمكن أن يصبح جزءا من تكوين الفهد، ليبدو كأنه خِيط حوله". وقد تطلبت هذه البنية براعة استثنائية في التصميم والتنفيذ، واستلزمت خبرة حرفية جديدة لصياغتها. وهذه المفارقة بين البساطة الظاهرة والتقنية المعقدة تعبر بعمق عن روح الدار.

عقد TSAGAAN من الذهب الأبيض المرصع  بالماس والعقيق اليماني
عقد TSAGAAN من الذهب الأبيض المرصع
بالماس والعقيق اليماني
أقراط TSAGAAN من الذهب الأبيض المرصع  بالماس والعقيق اليماني
أقراط TSAGAAN من الذهب الأبيض المرصع
بالماس والعقيق اليماني
خاتم MOTU من الذهب الأبيض والتورمالين والفيروز والكريسوبراس والماس
خاتم MOTU من الذهب الأبيض والتورمالين والفيروز والكريسوبراس والماس

يأتي هذا المستوى من التماهي بين الشكل والتقنية ثـــمـــــرة تـــعـــاون وثــيــــق بين المصمـــمـــيــــن والحرفيين داخـــل مشـاغـــــل "كارتيــــيـــــــه". يوضح "رينــيــــرو": "إن المصممين يمتلكون فهما عميقا للتقنية، كما أن الحرفيين يتمتعون بشغف التحدي، وهو ما يخلق دائرة ابداعية تحقق مستوى نادرا من البراعة في التنفيذ".

عند الحديث عن الأحجار الكريمة، يشير "رينيرو" إلى أن فلسفة "كارتييه" تقوم على "الكشف عن الجمال أينما كان مصدره". يقول: "على الرغم من التفاوت في قيمتها، لا نتردد في تنسيق الأحجار المختلفة، لأن ما يهمنا هو الجمال الذي تحققه النتيجة النهائية". هذا المبدأ يمنح المصممين حرية واسعة في استخدام طيف متنوع من الأحجار، وفق ما تضيفه من تعبير بصري وشعوري لكل قطعة.

 

ويعد اللون جزءا أساسيا من أسلوب الدار. تنطلق اختياراتها الجريئة للأحجار الملونة من رغبة في إبداع تناغمات وتوليفات غير متوقعة. يقول: "نولي اهتماما بالغا بتناسق الألوان"، مؤكدا أن الهدف ليس الندرة بحد ذاتها، بل التعبير الجمالي.

عقد PANTHÈRE DENTELÉE من الذهب الأبيض المرصع بماسة عيارها ٤.٠٦ قيراط ونحو  ٢٧٤.٥٨ قيراط من خرز الزمرد الكولومبي والزمرد  والعقيق اليماني والماس
عقد PANTHÈRE DENTELÉE من الذهب الأبيض المرصع بماسة عيارها ٤.٠٦ قيراط ونحو
٢٧٤.٥٨ قيراط من خرز الزمرد الكولومبي والزمرد
والعقيق اليماني والماس
خاتم TATEYA من الذهب الأبيض  والياقوت والماس
خاتم TATEYA من الذهب الأبيض
والياقوت والماس

ويستحضر عقد JANOLUS بوصفه مثالا حيا على هذه المقاربة، حيث تتناغم درجات التورمالين مع الأوبال والغارنيت والماس لتنتج تركيبة عضوية تنبض بالحياة. يقول: "عندما تنظرين إلى هذه القطعة، قد ترينها كائنا بحريا أو فراء ناعما، ونحن نحب هذا الغموض التعبيري".

وفي امتداد لهذه الرؤية الجمالية، يضع "رينيرو" المجموعة ضمن سياقها الثقافي الأوسع، حيث يرى فيها امتدادا حيا لإرث "كارتييه" وتاريخها المعروض في المتاحف. في لندن، يحتضن متحف "فيكتوريا أند ألبرت" معرضا شاملا يروي تطور أسلوب "كارتييه"، عبر أكثر من قرن من الإبداع. يشير "رينيرو" إلى أن مجموعة EN ÉQUILIBRE يمكن أن تشكل امتدادا طبيعيا لهذا السرد، وربما حتى فصلا جديدا فيه. يقول: "الكثير من القطع يمكن أن تتماشى مع أقسام المعرض الحالية، سواء في ما يتعلق بالحجم، أو اللون، أو رمزية الحيوانات أو التيجان". ويرى أن المجموعة توسع هذه المحاور، بل ويمكن أن تشكل بحد ذاتها قسما مستقلا داخل المعرض، لما تحمله من لغة تصميمية متكاملة وهُوية معاصرة. وبينما تحتضن أقسام المعرض قطعا معاصرة من "كارتييه"، فإن ذلك يؤكد على قناعة القائمين على المتاحف بأن ما يُصمم اليوم يكمل الإرث بجدارة. يقول: "أعتقد أن القائمين على المعارض ينظرون إلى كارتييه كإرث حي". ويختتم الحوار بقوله: "ننظر إلى كل مجموعة نبتكرها كصوت لهذا الزمن، وكجزء من مسؤوليتنا في تطوير لغة كارتييه ودفعها في اتجاهات جديدة تعبّر عن لحظتها المعاصرة".