مقابلة مع الدكتورة رانية عياط الحويك، أخصائية طب الأطفال، ومديرة طبية ومؤسسة عيادة "سيركل كير" وسفيرة "دايسون"

السؤال الأول: نشهد في وسائل الإعلام العالمية حالات متزايدة من الإصابة بفيروس "كوفيد-19" لدى الأطفال. كيف يمكنني الحفاظ على سلامة أطفالي، لا سيما أنني لا زلت أعمل لفترات طويلة خارج المنزل؟

على رغم وجود العديد من الحوادث المؤسفة ولكن النادرة في ما يتعلّق بإصابة الأطفال بفيروس "كوفيد-19" في جميع أنحاء العالم، إلا ان الأطفال يتجاوبون بشكل أفضل بكثير من البالغين مع الفيروس. وتشير ملاحظاتنا إلى ان الأطفال لا يعانون من أعراض جسيمة، وفي حال ظهورها عليهم، فإنها تكون طفيفة جدًا، وغالبية الأطفال يتغلّبون عليها. كل ما في الأمر هو ان الارتفاع المتزايد بعدد الحالات على مستوى العالم يجعلنا ننتبه أكثر إلى تأثر الأطفال بالفيروس، ولكن هذه نسبة ضئيلة ولا تكاد تذكر.

أما في ما يتعلّق بالأهل الذين يعملون في القطاعات الحيوية وعليهم الخروج من منزلهم يوميًا، فهناك العديد من الاحتياطات التي يجب اتخاذها كي يحافظوا على سلامتهم وسلامة أسرهم عند العودة إلى المنزل:

  • ممارسة التباعد الاجتماعي الآمن. لا تعانق أطفالك حين تعود إلى المنزل مباشرة، وتأكد من اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة قبل القيام بذلك، ومن ضمنها غسل يديك جيدًا
  • توقّع دائمًا أن الملابس التي ترتديها قد تكون ملوّثة بعد عودتك إلى المنزل، لذا قم بتغييرها فورًا وفي أي مكان تستطيع القيام بذلك، ثم اغسلها فورًا
  • قم بخلع الحذاء واتركه خارج المنزل طوال الليل، ونظّفه قبل إدخاله إلى المنزل
  • عليك ان ترتدي الأقنعة الواقية والقفازات المصنوعة من مادة اللاتكس عند الخروج من المنزل، والتي يمكن التخلّص منها عند العودة. احرص ألا تستخدم نفس القناع والقفازات مرة أخرى كونها قد تحتوي على بقايا الفيروس في حال صادفت شخصًا يعاني من الأعراض.
  • أما في ما يتعلق بأولئك الذين يتعاملون بشكل مباشر مع مرضى "كوفيد-19"، كالعاملين في مجال الرعاية الصحية، فمن الأفضل ان يقوموا بالعزل الذاتي بعيدًا عن المنزل. وفي حال لم يستطيعوا القيام بذلك، عليهم ارتداء الملابس الواقية بشكل كامل في مكان عملهم.
  • ضع القواعد المناسبة لأسرتك خلال تواجدك في العمل، وأبرزها: الحفاظ على التباعد الاجتماعي قبل استلام طلبيات التوصيل، التأكّد من غسل الأطفال أيديهم بشكل متكرّر، والتأكّد من أنهم يلبسون الأقنعة والقفازات في حال ذهابهم إلى المتجر.

السؤال الثاني: كيف يمكننا أن نحمي الأطفال المصابين بالربو من فيروس كورونا المستجد وهل يساعد تحسين جودة الهواء الداخلي؟

الحفاظ على صحة الأطفال وتغذيتهم أمر مهم جداً، بالإضافة إلى أهمية التعقيم والتنظيف والحد من الخروج من المنزل والتواجد في الأماكن المكتظة والمغلقة. بالفعل الأطفال المصابين بالربو معرضين لخطر أكبر في حال أصيبوا بمرض الكورونا ولذلك على الأهل أتباع خطوات وقائية للحد من تعرضهم له. بعض النصائح والخطوات:

  • المحافظة على جودة الهواء في المنزل أمر مهم جداً - هُناك بعض العوامل المنزلية والتي قد تؤدي إلى تفاقمِ الربو ومنها المحفزات التي تتواجد في الهواء مثل عث الغبار والعفن. الاستثمار في أجهزة تنقية وتصفية الهواء التي تحتوي على فلاتر"هيبا" المزدوجة، والذي يمكنها التقاط الملوّثات والغازات والفيروسات في الهواء، قادرة على التحكم بجودة الهواء بالإضافة إلى أهمية إبقاء النوافذ مغلقة مع اقترابنا من فصل الصيف وزيادة نسبة الغبار في الجو والحفاظ على نظافة وحدات التكييف.
  • الحفاظ على نظافة أغطية الفراش والوسائد والمناشف واستخدام المواد التي تحمي من الحساسية (هيبوالرجينيك): من المهم اتباع نظام منزلي لغسل الأغطية والفرش بشكل دوري والابتعاد عن استخدام المفارش المصنوعة من الريش أو الصوف بالإضافة إلى تكنيس الفراش والسجاد بالمكنسة الكهربائية لمنع تكاثر الغبار.
  • الحفاظ على نظافة الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال من دون الإفراد في استخدام مواد التنظيف: يقوم بعض الأهل في ظل هذه الأوقات باستخدام مواد التعقيم والتنظيف بشكل مفرط لحماية أطفالهم. في الحقيقة قد يتسبب هذا في زيادة ردة فعل المعرضين لحساسية وخاصة المصابين بالربو.
  • تقليل استخدام الشموع أو أي نوع آخر من المواد المنتجة للرائحة أو معطرات الجو التي يمكن أن تفاقم صعوبات في التنفس لشخص يعاني من الصعوبة بالتنفس أو الربو
  • أهمية المتابعة مع الطبيب بشكل دوري: يجب على الأهل مراجعة حالة الطفل مع طبيب الأطفال وخاصة في هذه الظروف وسيقوم الطبيب بتحديد العلاج المناسب أو اختيار مجموعة من العلاجات المناسبة لحمايتهم.

السؤال الثالث: هل يساعد النظام الغذائي في حماية أطفالنا؟ ما هي العناصر الغذائية التي يجب تزويدهم بها في الوقت الحالي كي يقاوموا الفيروس؟

النظام الغذائي الجيد هو المفتاح لحماية أطفالنا ولحماية أنفسنا كبالغين. لذا، من المهمّ جدًا الحفاظ على بنية منظّمة يوميًا للاستمرار في تعزيز المناعة كإجراء وقائي. وفي حين يعد تناول الفواكه والخضار أمرًا أساسيًا، علينا ان نحضرّها مسبقًا في هذه الأوقات الاستثنائية، كي نضمن وجودها على الدوام.

بالإضافة إلى ذلك، هذه بعض العوامل التي يجب إضافتها إلى الروتين المنظّم:

  •  يجب الانتباه إلى تزويد الأطفال بكميات كافية من المياه، خصوصًا في هذه الأوقات، حيث تنخفض نسبة شعورهم بالعطش إذ أنهم لا يلعبون في الخارج كما كانوا في السابق. كما عليك المحافظة على تناول مستويات عالية من فيتامين سي، ومن الأفضل أن يكون مصدره الفواكه الطازجة. لكن، في حال لم يحب طفلك تناول الكثير من الأطعمة التي تحتويه، فمن الممكن استبدال ذلك بالمكمّلات الغذائية.
  • والفيتامين د مهم كوننا نقضي المزيد من الوقت في الداخل وبعيدًا عن أشعة الشمس المباشرة. وقد تمّ ربط نقص فيتامين د بالمستويات المنخفضة من المناعة، لذا، زوّد طفلك بجرعة 800 وحدة دولية في اليوم، أي ضعف الجرعة اليومية العادية من فيتامين د.
  • كما ان الزنك مهم لتعزيز المناعة، وتعتبر المكسرّات من أبرز مصادره. وفي حال لم يكن لدى الطفال حساسية من المكسّرات البرازيلية، فإن طحن حبتين منها يوميًا وإضافتها في طعام طفلك يعتبر طريقة عظيمة للحصول على متطلّباته اليومية من الزنك في نظامه الغذائي.
  • يساهم تناول السّكر في ارتفاع خطر الإصابة بالعدوى، لذا تأكّد من أن عائلتك تقلل من تناولها للسكر.

السؤال الرابع: ما الذي يجعل مناعة الأطفال أقوى من تلك لدى البالغين؟

يتمتّع الأطفال بمعدّل تجديد خلايا أسرع من ذلك لدى الراشدين، وفي حال تضرّر أي خلية في جسمهم، يمكن إصلاحها بشكل أفضل وأسرع بكثير من البالغين. ولعلّ أبرز أسباب ذلك هو عدم تعرّض أجساد الأطفال لكمية كبيرة من الأضرار، بالإضافة إلى ان رئتاهم تتمتّع بصحة أفضل، ولم يتناولوا الأطعمة المعالجة كما فعل البالغون. كما أن أجسادهم ورئتيهم أكثر صحّة كونهم لم يعرّضوها لأبخرة السيارات والملوّثات والتدخين غير المباشر على مرّ عقود.

والأطفال أقل عرضة للإصابة بالفيروس لأن رئتيهم لديها مستقٍبلات أقل بكثير، بحيث لا يمكن لبروتينات السيتوكين التي يسبّبها الفيروس أن تلتصق بها أو تؤدي لمضاعفات خطيرة في جهازهم التنفّسي. وهذا يعني أنهم يتأثّرون بمشاكل الجهاز التنفسي أقل من البالغين.

السؤال الخامس: ما هي النصائح التي يمكنك تقديمها في ما يتعلق بالحفاظ على صحة الأطفال النفسية، مع الأخذ في عين الاعتبار الإجراءات الحمائية الهامة لكن الصارمة التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة؟

أنصح الأهل بالحفاظ على روتين معيّن مع أولادهم، خصوصًا ان الأولاد يتجاوبون بشكل جيّد مع الجدول المتواصل. ذهابهم إلى النوم في وقت محدّد مثلًا، يساهم في تنظيم يومهم. كما ان المرونة الزائدة في النشاطات اليومية للأطفال تولّد لديهم الشعور بعدم الأمان، وحينها، يبدؤون بمحاربة الروتين والتعامل مع الوضع القائم على أنه إجازة مطوّلة.

يجب على الأهل التخفيف من مشاهدة والاستماع إلى الأخبار المتعلّقة بـ"كوفيد-19"، أو مناقشة تداعياته السلبية أمام أولادهم. فالأولاد يتشرّبون المعلومات بشكل أكبر بكثير ممّا كنّا نظنّ. والطريقة الأفضل هي فتح حديث معهم حول الموضوع وسؤالهم عمّا يحصل برأيهم. على سبيل المثال، يعلم ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات أنه لا يمكنه زيارة جدّته بسبب فيروس "كورونا"، لكنه سوف يزورها مجددًا حين تنتهي أزمة الفيروس. ومن خلال هذه الطريقة، يمكنه معرفة ان سبب عدم زيارته لها هو الفيروس وليس لأنها لا تريد رؤيته. كما ان هناك عدد كبير من الموارد الإلكترونية المخصّصة للأطفال والتي تركّز على معرفتهم المناسبة بالفيروس، كي يكونوا على علم بما يدور من حولهم.

فعليًا، يتكيّف الأولاد بشكل جيد، لا سيما في الداخل. فبالنسبة للعديد منهم، إنها فرصة للبقاء مع أهلهم لوقت أطول كل يوم. إلا أنني أرى ان الأهل هم الأكثر عرضة للانزعاج من البقاء في الداخل، لذا أشجّعهم على تحويل منازلهم إلى أماكن لعب كبيرة وان يستخدموا الأفكار المبدعة التي تدفع الأولاد إلى التفاعل وتحفّز خيالهم. على سبيل المثال، يمكنكم مفاجأتهم بلعبة البحث عن الكنز داخل المنزل من خلال رسم خريطة منزلكم، ومن ثم إخفاء الكنز في أماكن مختلفة في كل مرة. واضبطوا مستوى الصعوبة وفقًا لعمر الأطفال.

تعتمد صحة الأولاد النفسية على مدى شعورهم بالأمان، وهذا بدوره يعتمد على مدى شعور أهلهم بالأمان. طالما يمكنك وضع البسمة على وجهك، والحفاظ على يوم منظّم، والتصرّف بشكل طبيعي، فسيكون أولادك سعداء. ولا تشعر بالضغط لناحية وجوب تغيير قواعد المنزل نظرًا للوضع الحالي. كُن حازمًا معهم. فإن قلت كلّا، هذا يعني أنه لا يمكنهم القيام بالأمر، خصوصًا ان الأولاد يستمدّون قوّتهم وشعورهم بالأمان من التربية الطبيعية والصحية.