حوار مجلة "هي" مع المديرة العامة لهيئة الثقافة والفنون في دبي هالة بدري

دبي – "سينتيا قطار"Cynthia Kattar

تنسيق الجلسة التصويرية: "مايا صباح" Maya Sabbah

دبي المدينة الحاضنة للإبداع، ملتقى الفن والثقافة، أثبتت مكانتها عالميا وعربيا عبر أنشطتها اللامتناهية والتفاتها إلى تنظيم الأحداث الثقافية والإبداعية بأسلوب يرتقي إليه العالم بأسره. استراتيجيات تمكين صلبة رسختها الدولة لتطوير وترسيخ مكانتها عالميا. ووراء هذه النجاحات لا بد أن نذكر المديرةالعامة لهيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) هالة بدري، فهي واحدة من السيّدات الإماراتيات اللواتي بمجهودهن وتفانيهن أثبتن جدارة وتألقا مهنيا باهرا. لقاء مميز جمعنا بها شاركتنا من خلاله أبرز أهداف الهيئة وتوجهاتها ودورها الأساسي بصفتها مديرة عامة.

حوار مجلة "هي" مع المديرةالعامة لهيئة الثقافة والفنون في دبي هالة بدري

المرأة الإماراتية شريكة الرجل في التنمية والتطوير .. وقد سجلت حضورها الفاعل في جميع المجالات على مدى العقود الماضية

أخبرينا عن أبرز أهداف ومهام هيئة الثقافة والفنون في دبي وعن دورك باعتبارك المديرة العامة للهيئة؟

دبي للثقافة هي الهيئة المؤتمنة على القطاع الثقافي والإبداعي في إمارة دبي، انطلاقا من مسؤوليتها الثقافية تجاه التعريف بدبي على المستويين المحلي والعالمي من خلال تمكين القطاعات الثقافية في الإمارة وتطويرها وترسيخ مكانتها عالميا.

تلتزم دبي للثقافة برئاسة سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم بإثراء المشهد الثقافي في دبي، وتعزيز مكانتها مركزا عالميا للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب. كما نلتزم بإحياء وصون الإرث التاريخي للإمارة، وتسليط الضوء على نسيجها الثقافي المعاصر عبر سلسلة من المبادرات والمشاريع الثقافية المبتكرة، إلى جانب ما نرعاه من الأصول الثقافية والتاريخية والتراثية من متاحف ومعالم تراثية، فضلا عن مكتبات دبي العامة.

تعمل "دبي للثقافة" على تطوير الأطر التنظيمية للقطاع الثقافي والإبداعي في إمارة دبي، انطلاقا من خريطة طريق استراتيجيتها 2020-2026، والممكنات الداعمة لها، بهدف خلق بيئة مبتكرة داعمة للإبداع ومحفزة للمبدعين المحليين وجاذبة للطاقات الإبداعية العالمية، وإيجاد الأرض الصلبة لنمو الصناعات الإبداعية وازدهارها، لتكون دبي عاصمة للاقتصاد الإبداعي في العالم. وتشمل أهدافنا الاستراتيجية:

  • دعم الموهبة: تعزيز منظومة بيئية تشجع على نمو المواهب الناشئة ضمن المنظومة التعليمية وخارجها، واجتذاب المواهب العالمية المتنوعة والحفاظ عليها.
  • تمكين المشاركة: دمج الفن والإبداع ضمن مساحات مدينة دبي، وتحفيز المشاركة الفاعلة من قبل جميع فئات المجتمع.
  • اقتصاد إبداعي: خلق منظومة اقتصادية محفزة للإبداع.
  • تعزيز الانتشار الثقافي: تعزيز مكانة دبي باعتبارها وجهة ثقافية، وتقوية المنتج الثقافي المحلي وتصديره على المستوى العالمي.
  • مسؤولية ثقافية: صون التراث الثقافي المادي وغير المادي.

وبصفتي المديرةالعامةللهيئة، أعمل مع فريق الهيئة على تحقيق تلك المستهدفات ضمن بيئة تقوم على قيم التعاون والحلول المبتكرة، وباتباع سياسة القلب المفتوح.

تسهم الصناعات الإبداعية في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل وتحقيق العائدات من الصادرات الثقافية

كيف استطاعت الهيئة التكيّف مع تداعيات جائحة "كوفيد-19"؟وبرأيك ما أبرز الخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة والتي أدّت إلى التعايش مع تداعيات الجائحة؟

على المستوى المؤسسي وفي بداية الأزمة،اعتمدنا نظام العمل عن بُعد مع توفير جميع الأدوات والأنظمة اللازمة لنجاح سير العمل واستمراريته على أحسن وجه. وقد أثبت موظفو الهيئة مرونة عالية في التأقلم سريعا مع النظام الجديد، حيث نفذوا المهام المنوطة بهم على أحسن ما يرام، وبالإنتاجية التي اعتادوا على تقديمها قبل البدء بتطبيقه.  ثم عاودنا العمل من المكاتب تدريجيا حتى وصلنا إلى 100 في المئة، بما يواكب توجيهات حكومة دبي مع الالتزام التام بالتدابير الوقائية، والحفاظ على معايير السلامة.

وعلى مستوى القطاع، حرصنا خلال الجائحة على دعم وتمكين القطاع الثقافي والإبداعي في دبي والإمارات، وضمان استمراريته من خلال العديد من المبادرات، مثل: "ماراثون دبي للأفكار"، و"لنبدع معا"، و"منصة لينكد إن للتعليم الإلكتروني"، و"منصة فن جميل للأبحاث والممارسات الفنية"، ومبادرة "الوقف الثقافي المبتكر"، و"جولة الصور" في متحف الشندغة، وغيرها العديد من المبادرات. كما عملنا على استمرارية الحراك الثقافي أثناء هذه الفترة، عن طريق استثمار تقنيات التواصل والاتصالات المتطورة، فأطلقنا الجولات الافتراضية في المتاحف والمواقع التراثية، والنسخة الافتراضية من مهرجان دبي لمسرح الشباب، والمخيم الصيفي الافتراضي، إضافة إلى عدد كبير من الورش والندوات الافتراضية، شملت جميع المجالات التراثية والأدبية والفنية.

أما بالنسبة لدولة الإمارات، فقد قدمت نموذجا فريدا في التصدي لتداعيات جائحة "كوفيد-19"، سواء من حيث الإجراءات الصحيّة المتخذة للوقاية من انتشار الفيروس، أو من جهة الإجراءات الاقتصادية التي أدت إلى التصدي للتحديات الاقتصادية التي أفرزتها الجائحة، والتي عانى العالم بسببها، ومنها:

  • الإمارات وضعت الإنسان على رأس أولوياتها منذ بداية تفشي الجائحة، وحققت ريادة في تسهيل حياة المواطنين والمقيمين فيها دون تمييز، وذلك عبر اعتماد عدد من السياسات والاستراتيجيات والخطط الوطنية لمكافحتها، والتي شملت الجوانب الصحية والتعليمية، وتعزيز الأمن الغذائي.
  • وفرت الإمارات الخدمات العلاجية والوقائية وفقا لأفضل المواصفات العالمية، لكل من يعيش على أرضها.
  • أطلقت الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في إمارات الدولة عددا كبيرا من المحفزات الاقتصادية التي أسهمت في تعزيز نموالاقتصاد، ودعم قطاع الأعمال. وبحسب التقارير العالمية، جاءت دولة الإمارات في المرتبة الأولى إقليميا، ومن أفضل 10 دول عالميا في فاعلية القيادة بالتعامل مع "كوفيد -19"، كما جاءت ضمن أقوى 20 اقتصادا ناشئا من حيث القوة المالية، فضلا عن المرتبة الأولى عربيا، والـ20 عالميا ضمن أفضل الأنظمة التعليمية.

 أين تكمن أهمية الاقتصاد الإبداعي؟ وكيف ينعكس ثقل هذا الاقتصاد على القطاعات الأخرى؟

للاقتصاد الإبداعي ثقل يوازي ثقل القطاعات الاقتصادية الرئيسة الأخرى من حيث القيمة المضافة الإجمالية وعدد الشركات العاملة فيه، ويعد داعما للناتج المحلي وقطاعا مهما لتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، وتكمن أهميته في عدة محاور، أهمها:

  • توفير فرص لتحقيق نمو اقتصادي أكثر استدامة: فتسهم الصناعات الإبداعية في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص العمل وتحقيق العائدات من الصادرات الثقافية إضافة إلى التأثير المباشر في القطاعات الأخرى.
  • إنتاجية القطاع تعزز أداء القطاعات الأخرى:أهمية الاستثمار في قطاعات الصناعات الثقافية الإبداعية تنبع من الدور الذي يلعبه هذا القطاع في إثراء القطاعات الأخرى وتعزيز أدائها، حيث يرتبط معها بعلاقة تكاملية، فالصناعات الإبداعية تؤثر إيجابا في صحة أداء قطاعات أخرى مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعقار، والسياحة، والضيافة، وغيرها.
  • ديمومة الوظائف ضمن القطاع وعدم تأثرها بالأتمتة: ما يميز هذا القطاع عن غيره هو ميزة استمرارية وتصاعد فرص العمل ضمن هذا القطاع؛ إذ إن الصناعات الإبداعية هي من بين أقل الصناعات عرضة للأتمتة، فهي تعتمد اعتمادا رئيسا على الإبداع البشري بكل أشكاله، لذا تعد قطاعات الصناعات الثقافية والإبداعية أحد أهم دعائم أجندة الإمارة لخلق فرص وظيفية فضلا عن دور القطاع الإبداعي في تعزيز ثقافة ريادة الأعمال، فمعظم المبتكرين يميلون إلى إنشاء شركات صغيرة ومتناهية الصغر في القطاع الإبداعي،وهو ما يعزز ثقافة ريادة الأعمال.
  • جاذبية المدينة: تشكل مخرجات الصناعات الإبداعية عاملا رافدا لجاذبية المدينة للمواهب والاحتفاظ بها، وتولّد عوامل جذب تعزز من تناغم فئات المجتمع وارتباطهم بالمدينة من جهة، ودعم السياحة الثقافية من جهة أخرى.

 

ما الذي ينتظرنا من نشاطات ثقافية في النصف الثاني من العام الجاري والعام المقبل؟

أسبوع دبي للتصميم من الـ8– الـ13 من نوفمبر: يعتبر أسبوع دبي للتصميم المهرجان الإبداعي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وينظّم كل عام أكثر المعارض ابتكارا في مجال الهندسة المعمارية وتصميم المنتجات والأثاث والديكور الداخلي. يهدف أسبوع دبي للتصميم إلى تسليط الضوء على المواهب المُميّزة في المنطقة، ويدعو الفنانين العالمييّن إلى مشاركة إبداعاتهم مع المجتمع المحلي. كما يتخلّل هذه الفعالية معرض "داون تاون ديزاين" الرائد الذي يعرض ابتكارات محدودة الإصدار لعلامات تجارية مختلفة. إضافة إلى ذلك، يقدّم معرض "غلوبال غراد شو" أعمالا من نحو 100 جامعة مبدعة من حول العالم، أما معرض "أبواب"، فيقدّم مشاريع تحتفي بالتصاميم من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا.

معرض "إنفنيتي دي لوميير": المعرض الأكبر للفنون الرقمية على مستوى منطقة الخليج، وسيستقبل الزوار ابتداء من الأولمن يوليو 2020 في دبي مول، حيث سيتيح لزواره تجربة فريدة تجسّد أمامهم عوالم نابضة بالحياة من خلال أعمال عالمية مميزة منها لوحة "ليلة النجوم" للفنان الهولندي الشهير "فينسنت فان غوخ"، والفنون اليابانية المدهشة "اليابان أرض الأحلام" من استوديو "داني روز" تحت عنوان "صور العالم العائم"، وإبداعات "توماس فانز" الرقمية بالكامل "الكون".

 

 كونك مثالا للمرأة الإماراتية الناجحة، ما رسالتك للشابات الإماراتيات الطموحات بمناسبة قدوم يوم المرأة الإماراتية؟

المرأة الإماراتية شريكة الرجل في التنمية والتطوير، وقد سجلت حضورها الفاعل في جميع المجالات على مدى العقود الماضية. وأقول للشابات الإماراتيات: أنتن طموح الوطن وأملهفي العقود المقبلة، فثابرن على التسلح بالعلم والمعرفة، وواصلن مسيرة الإنجازات، ولتكن الخمسين القادمة مسرحا للمزيد من إبداعاتكن.

 تعتبر دبي جسرا عابرا للثقافات لكونها تحتضن أكثر من 190 جنسية. ما أبرز البرامج الثقافية والإبداعية التي لاقت أصداء إيجابية وتفاعلا من الناس؟

هناك الكثير من الفعاليات التي استقطبت جمهورا واسعا من الإماراتيين والمقيمين والزوار، منها:

  • فعاليات موسم دبي الفني.
  • أسبوع دبي للتصميم.
  • مهرجان سكة للفنون.
  • القرية العالمية، أكبر ملتقى ثقافي موسمي في المنطقة.
  • أيام الشندغة.
  • ليالي حتا الثقافية.
  • المرموم – فيلم في الصحراء.

إلى جانب عملي تحتل أسرتي الاهتمام الأكبر في حياتي .. وأعمل على أن أعزز في أبنائي روح الأسرة والعائلة الواحدة

  ما الدور الذي تلعبه هيئة الثقافة والفنون في دبي ضمن فعاليات Expo 2020؟

دبي للثقافة هي الداعم الرسمي للشؤون الثقافية لإكسبو 2020، وسيكون لها دور فاعل في إثراء المحتوى الإبداعي والثقافي للحدث الأروع في العالم، الذي سيشهده ملايين الزوار من مختلف أنحاء المنطقة والعالم. وستعمل على إغناء تجربة زواره من مختلف الثقافات والجنسيات، عبر رفده بالعديد من المبادرات المبتكرة التي تعزز مكانة دبي عاصمة ثقافية عالمية،مثل البرامج الفنية المخصصة للمجتمع التي ينظمها "إكسبو 2020" دبي، إلى جانب طرح باقات تذاكر إكسبو في متحف الاتحاد التابع للهيئة، وتنظيم الحملات التسويقية للترويج لـ "إكسبو 2020"، بما يسهم في إثراء المحتوى الإبداعي والفني وتعزيز مكانة دولة الإمارات على الساحة العالمية.

 إلى جانب دورك وبصفتك مديرة عامةلهيئة الثقافة والفنون في دبي، ما أبرز اهتماماتك؟

إلى جانب عملي، تحتل أسرتي الاهتمام الأكبر في حياتي، وأعمل على أن أعزز في أبنائي روح الأسرة والعائلة الواحدة،وتوفير البيئة الثقافية الأكاديمية لهم في المنزل. ولدي أيضا اهتمام بالعمل التطوعي والمجتمعي الذي أعتبره مساهمة فاعلة لرد قليل من الجميل لوطني.