مدّاحو النساء: الشعراء العرب والمرأة
إعداد: نبال الجندي
في عصر الجاهلية، وقبل بزوغ فجر الإسلام في شبه الجزيرة العربية، كانت المرأة محرومة من أبسط حقوقها وأهمها الحق بحياة كريمة، هذا إن لم يتم وأدها حيّة. فقد اعتبرت المرأة عاراً وهمّاً كبيراً يثقل كاهل والديها، وكان مجرّد التعبير عن مشاعر الحب من رجل لإمرأة يعتبر انتقاصاً للرجولة، أما شعراء ذلك العصر، فقد كانت لهم الجرأة في مدح النساء بأسلوب الغزل في قصائدهم ( وبالأخص الغزل الحسّي) من دون تردد كونهم من خاصة المجتمع الذين تطرب لقصائدهم الآذان.
وفي عصرنا الحديث، لا يمكننا التحدث عن المرأة والحب دون أن يتبادر اسم الشاعر نزار قباني إلى أذهاننا، وبين الماضي والحاضر، هيا بنا نستعرض بعض الأبيات الشعرية في مدح النساء التي سافرت عبر العصور وحفرت مكانها في الذاكرة.
ونبدأ بالـمـتـنـبـي الذي قــال في مدح حبيبته:
فـلـو كـان النســاء كمـثـل هـذي لـفُـضّـلـت النـســاء عـلى الرجــال ومـا التـأنيـث لاسـم الشـمـس عـيـبٌ ولا الـتـذكيـر فـخـرٌ للـهــلال
كما قال في امرأة أعرابية أحبّها:
هام الفؤاد بأعرابية سكنت *** بيتاً من القلب لم تمـــدد لــه طنبـــا مظلومة القد في تشبيهه غصناً *** مظلومة الريق في تشبيهه ضربا بيضاء تطمع في ما تحت حلتها *** وعـز ذلك مطلـــوبا إذا طلبــــا كأنها الشمس يعيي كف قابضه *** شعاعها ويراه الطرف مقتربا وقال محمـد بن زيـاد في مدح زوجته وكراهة ضرب النساء:رأيـت رجـالاً يضـربـون نســاءَهـم فـُشّــلت يمـيني يـوم أضـرب زيـنبـا وكـل محـبٍ يمـنع الـودّ إلـفـه ويـعــذره يـومـاً إذا هـو أذنـبـا
وقال نزار قباني في حبّه لبنات حواء:
ومن عادتي أن أمارس عشقي حتى الجنون . وأقترف الشعر حتى الجنون . فإن الكتابة عندي امرأه . وإن القصيدة عندي امرأه . فلا تدهشي أن تركت كتابي لأقرأ ما في كتاب العيون . فإما أكون شبيها بشعري ، أو لا أكــــــــــون
كما قال في حبّه لمدح النساء:
. أنا ما تورطت يوما بمدح ذكور القبيله . ولست أدين لهم بالولاء . ولكنني شاعر قد تفرغ خمسين عاما لمدح النساء ! ...
وتغزل جرير في العيون الحُور ( العيون الشديدة السواد والبياض حولها ناصع):
إن العيون التي في طرفها حًوَر قتلننا ثم لم يحيين قتلانا.
كما قال:
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن اضعف خلق الله انسانا كما تغزّل ابن الرومي بعيني محبوبته: نظرت فاقصدت الفؤاد بسهمها ثم انثنت عنه فكاد يهيم وقال النابغة الذبياني في ثغر الحبيبةا: كالأقحوان غداة غب سمائه جفت أعاليه وأسفله ندي
أما عنترة بن شداد فتغزل بثغر حبيبته عبلة:
فوددت تقبيل السيوف لأنها **** لمعت كبارق ثغرك المتبسم وأحسن ما قيل في خدود النساء قول البحتري: وارتنا خدا يراح له ويشتمه جَنى الُتفاح فأضاءت تحت الدجنة للشرب وكادت تضيء للمصباح وفي جمال وجه حبيبته وحسنه قال أبو نواس: تمت وتم الحسن في وجهها فكل شيء ما خلاها محال للناس في الشهر هلال ولي من وجهها كل صباح هلال
وقال اشهر عاشق قيس بن الملوح في حبيبته ليلى: ومفروشة الخدين ورداً مضرجا إذا جمشته العين عاد بنفسجا شكوت إليها طول ليلي بعبرةٍ فأبدت لنا بالغنج دراً مفلجا فقلت لها مني علي بقبلةٍ أداوي بها قلبي فقالت تغنجــا بليت بردفٍ لست أستطيع حمله يجاذب أعضائي إذا ما ترجرجا
أما فقيد الشعر الحديث محمود درويش فقد حب المرأة بالوطن فقال:
ما الذي ينزع الجلد عني.. ويثقب عظمي؟ ما الذي يجعل القلب مثل القذيفة؟...
غير حزن المصفد حين يرى أخته.. أمه.. حبه
لعبة بين أيدي الجنود وبين سماسرة الخطب الحامية
فيعض القيود ويأتي إلى الموت.. يأتي إلى ظل عينيك.. يأتي
ويجسّد الشاعر صلاح لبكي الحب السامي النبيل للمرأة بـ:
خلقتكِ من خفقات القلـــوب ورف العيــــــــون وهش السحـر
ومن بهجة الروض غب الربيــع البليل ومن وشوشات السمـر
فأنت من الحلم أنقى وأبهى وأنعم من لفتات الذِكــــــر
وإنك فوق بلــــوغ المنى ومرمى الخيال وظن البشر