ماذا أفعل عند مرض طفلي؟

  هي – أسماء وهبة "حياتنا الاجتماعية ألغيت تماما. ونحن في حالة استنفار دائم". هذا هو لسان حال أم أصيبت طفلتها البالغة من العمر 12 عاما بداء الفشل الكلوي. وعلى الرغم من مرور 7 سنوات على إصابة ابنتها بهذا المرض إلا أنها لم تعتد عليه حتى الآن. تقول: "الأهل والأقارب يدعموننا بوقوفهم إلى جانبنا. ومع أنني أتمتع بإيمان قوي، إلا أنني أسأل نفسي دوما: لماذا وقع اختيار  الله على طفلتي بالذات لتشقى وتتعذب وتحرم من عيش طفولة هانئة مثل معظم الأطفال؟! طبعا أنا لا أعترض على إرادة الله. وأنتظر أن تكبر ابنتي مع أمل كبير بشفائها. لكن حتى لو شفيت فلن أنسى هذه التجربة، التي اعتبرها الأقسى في حياتي كلها". من هنا يعيش الأهل معاناة كبيرة عند إصابة طفلهم بمرض مزمن خصوصا إذا كان يهدد حياتهم. وهو ما ينعكس بطريقة أو أخرى على حياة العائلة بأكملها، حيث يعيش افراد الاسرة الألم والقلق على الطفل المريض وخوف مستمر من فقده في أي لحظة. لذلك تقول اختصاصية العلاج النفسي الحركي في مركز علاج سرطان الأطفال في بيروت منال قزي: "أهم شيء أن يبتعد الأهل عن المبالغة في الاهتمام بأطفالهم المرضى خصوصا في المرحلة الأولى. أي عند تلقي الصدمة. إذ يتلبسهم الخوف، وتعتريهم مشاعر وعواطف مضاعفة، حتى أن البعض منهم يقوم بكل شيء بالنيابة عن الطفل المريض، بهدف إراحته، فلا يعود هذا الأخير يقوم بأي حركة أو أي جهد. من هذا المنطلق على الأهل أن يتعاملوا مع أطفالهم المرضى كما لو أنهم أسوياء. ولا أقصد في المرحلة الأولى من المرض وبدء العلاج، إنما في المرحلة الثانية التي تتطلب أن يتكيف الطفل مع مرضه. ويتقبل واقعه ليمارس يومياته بشكل طبيعي". وفي المقابل تنصح قزي الأهل ألا ينهاروا أمام أطفالهم، على الرغم من معرفتها المسبقة بصعوبة التخلي عن مشاعرهم. "لكننا ننصحهم بضرورة الإفصاح عن مكنوناتهم، شرط أن لا يتم ذلك على مرأى ومسمع من أطفالهم، حتى لا يتأثروا بهم وينتكسوا. لذلك ننصح الأهل بمراجعة أطباء نفسيين إذا تطلب الأمر. وأيضا نطلب منهم اصطحاب أخوة الطفل المريض إلى المستشفى ليعايشوا عن كثب كيفية العلاج، الشيء الذي يساعد على التقليل من مشاعر الغيرة التي تتولد لديهم بسبب اهتمام الأهل الزائد بأخيهم المريض". وفي النهاية تشير قزي إلى أن الغرب سبق العالم العربي في عقد حلقات جماعية لمعالجة المشكلات النفسية التي تواجه الفرد. في حين أننا لم نطبق هذا الأمر بعد رغم فوائده الكثيرة. لذلك تشدد على أهمية ألا ينهار الأهل أمام أطفالهم وألا يفرطوا في اهتمامهم الزائد بأطفالهم المرضى. وأن يحافظوا على التعامل الطبيعي معهم، لأن المرض كما تقول قزي "يؤثر على كل أفراد العائلة ويومياتها".