
الماء مقابل الإلكتروليتات: أيهما يرطب جسمكِ بشكل أفضل؟
للترطيب أهميةٌ كبيرة لا يُستهان بها؛ وهو ضروري للصحة الداخلية والخارجية للجسم على حد سواء، إذ يعمل على تنظيم حرارة الجسم، تسهيل نقل العناصر الغذائية، إزالة الفضلات، حماية المفاصل، وتعزيز صحة البشرة من خلال منع الجفاف، والحفاظ على المرونة، وتقوية حاجز البشرة الواقي ضد العوامل الضارة، مما يمنحكِ بشرةً ناعمة وصحية.
إذن فالترطيب ليس فقط لإرواء الشعور بالعطش، بل أن له انعكاساتٌ إيجابية جمَة على كافة أعضاء وأجهزة الجسم، ويُشجعَ خبراء الصحة والتغذية على وجوب العناية بترطيب أجسامنا على مدار السنة، خصوصًا خلال أيام فصل الصيف والحارة وحتى خلال الشتاء، لتجنب الجفاف وتعزيز المناعة وغيرها من الأمور المتعلقة.
لكن بين الترطيب التام والترطيب المقبول، نقف أمام خيارين يحتار البعض بينهما: الماء والإلكتروليتات Electrolytes، والتي يُقبل عليها كثر بحجة أنها أكثر فعاليةً في ضمان ترطيب الجسم بالمقارنة مع الماء. نعلمُ جميعًا أن "الماء يُحيَ كل شيء" كما ورد في الآية القرآنية "وجعلنا من الماء كل شيءٍ حي"؛ فلماذا نجد البعض ينسب هذه الصفة إلى مشروبات الإلكتروليتات الموجودة في الأسواق، أكثر من الماء الذي يُعدَ المشروب الأهم؟
ربما لغاياتٍ تسويقية، أو لعدم المعرفة التامة بكيفية استخدام هذه المشروبات أو الحاجة إليها؛ لهذا نتطرق في موضوع اليوم إلى الفرق بين الماء والإلكتروليتات ومتى نحتاج لكلَ منهما، بناءً على مقالة بهذا الخصوص نشرها موقع Verywell Health.
ما الفرق بين الماء والإلكتروليتات؟

يُعدَ شرب الماء العادي مفيدًا لتلبية احتياجات الترطيب العامة والوقاية من الجفاف. ومع ذلك، إذا كنتِ تتعرقين باستمرار، أو تمارسين الرياضة لفتراتٍ طويلة، أو تعانين من التقيؤ والإسهال لفترةٍ معينة؛ فقد تحتاجين إلى تعويض نقص الإلكتروليتات (المعادن المشحونة مثل الصوديوم والبوتاسيوم)، وبالتالي قد يكون مشروب الإلكتروليتات خيارًا مناسبًا.
لفهم الحاجة إلى الماء والإلكتروليتات (أو الكهارل)، لا بدَ بدايةً من معرفة ماهية الترطيب والجفاف؛ وهو ما نستعرضه في السطور التالية..
ما هو الترطيب؟
الماء مهمٌ لصحتكِ، تذكّري ذلك دومًا؛ وينبغي عليكِ تناول كميةٍ كافية من السوائل على مدار اليوم. في معظم الأحيان، يمكنكِ الحفاظ على ترطيبٍ كافٍ للجسم من خلال "متابعة عطشكِ" وشرب الماء عند الشعور بالعطش.
تختلف احتياجاتنا للترطيب، لكن التقدير العام يشير إلى أن إجمالي كمية الماء التي يجب تناولها يوميًا يبلغ 11.5 كوبًا للنساء و15.5 كوبًا للرجال، مع تأمين حوالي 20% من هذه الكمية من خلال الطعام بدلًا من السوائل. ويُعدّ الماء العادي خيارًا جيدًا لمعظم السوائل التي نتناولها، ولكن يُمكن للمشروبات الأخرى أيضًا أن تُوفر الترطيب؛ كما يُمكن للأطعمة الغنية بالماء، مثل الطماطم والخيار والبطيخ والبرتقال وغيرها، أن تُوفَر لكِ كميةً جيدة من الماء.
أما الجفاف، فيحدث عندما يعاني الجسم من نقص السوائل، والذي يُصاحبه بعض الأعراض الخفيفة التي يُمكن تخفيفها بشرب المزيد من السوائل. إلا أن الجفاف الشديد قد يصبح مصدر خطرٍ، ويتطلب علاجًا طبيًا.
كيف يحدث الجفاف، وما تأثيره عليكِ؟
يمكن للجفاف الشديد أن يحدث جراء عوامل عدة؛ منها عدم شرب كمية كافية من الماء، التعرَق بسبب الحرارة المرتفعة أو ممارسة الرياضة أو أي مجهودٍ بدني آخر (مثل العمل)، القيء أو الإسهال المتكرر نتيجة المرض، الإصابة بحالةٍ طبية تمنع امتصاص السوائل أو توازنها في الجسم، تناول بعض الأدوية التي تُسبَب فقدان الماء مثل مُدرات البول، أو الإصابة بالمرض أو ارتفاع درجة الحرارة.
في حال عدم علاج أعراض الجفاف الشديد، فإن العناية الطبية الفورية تصبح أمرًا محتومًا؛ وتتضمن هذه الأعراض:
1. الشعور بالعطش الشديد.
2. الصداع والتعب.
3. جفاف الجلد والعينين.
4. تشنجات العضلات.
5. قلة التبول كالمعتاد.
6. صلابة البراز والإمساك.
7. الدوار أو الإغماء.
8. خفقان القلب والارتباك.
في مثل هذه الحالات، قد يُضطر المرء لتناول مشروباتٍ تحتوي على الإلكتروليتات أو الكهارل، لتسريع ترطيب الجسم وتعويض السوائل المفقودة بكثرة. وهنا يبرز السؤال المهم:
ما علاقة الإلكتروليتات بالترطيب؟
الكهارل أو الإلكتروليتات، هي معادن مشحونة في مجرى الدم. ويحتوي الجسم عادةً على 5 إلكتروليتات شائعة هي الصوديوم، البوتاسيوم، الكالسيوم، الكلورايد والمغنيسيوم (لكلَ من هذه العناصر أهميةٌ ودورٌ كبير في تعزيز بناء ونمو وعمل الجسم).
يحتوي الطعام الذي تتناولين على إلكتروليتات، يمتصها جسمكِ ويستخدمها لأداء وظائفه الأساسية، بما في ذلك توازن السوائل. على سبيل المثال؛ تجدين الكالسيوم في الحليب ومنتجات الألبان، الصوديوم في الأطعمة المالحة، والبوتاسيوم في الفواكه والخضراوات.
لا يسعى الجسم للحصول على الإلكتروليتات فحسب، بل يعمل أيضًا على موازنة تركيزها في أعضائكِ وأنسجتكِ ودمكِ بدقة عالية، لأنكِ ستعانين من أمراضٍ خطيرة في حال لم تكن متوازنة. وإذا كانت كليتاكِ سليمتين، فسيعالج جسمكِ الإلكتروليتات الزائدة بكفاءة ويتخلص منها عن طريق البول.
يمكن أن يؤدي الجفاف إلى اختلال توازن الإلكتروليتات، وكذلك الحالات التي تُسبَب الجفاف؛ وقد تفقدين الإلكتروليتات من خلال العرق والقيء والإسهال. في هذه الحالات، من الضروري تناول الإلكتروليتات بالإضافة إلى الماء، لأن الماء وحده لا يوفر إلكتروليتات كافية للحفاظ على توازن الإلكتروليتات عند فقدان كميةٍ كبيرة من السوائل.
ما هي مشروبات الإلكتروليت؟

تحتوي هذه المشروبات على الماء وتركيزاتٍ مختلفة من الإلكتروليتات؛ كما قد تحتوي على سكريات أو نكهات أو إضافات أخرى، وبعض أنواعها قد يتضمن الكافيين. تهدف هذه المشروبات غالبًا إلى توفير الإلكتروليتات بنفس تركيزها في مجرى الدم، لتجديدٍ متوازن لكل من الماء والإلكتروليتات في الجسم.
إذا كانت كليتاكِ سليمتين، فإن شرب كمياتٍ معتدلة من مشروبات الإلكتروليت لا يُفترض أن يُسبَب آثارًا جانبية ضارة. إنما بمطلق الأحوال، يُفضَل أن يصف الطبيب المختص المقدار الذي تحتاجين لتناوله من هذه المشروبات، حسب حالتكِ الصحية واحتياجاتكِ.
كيف تختارين بين الماء ومشروبات الإلكتروليت؟
مما تقدم؛ نفهم أن الترطيب العام يتطلب اختيار الماء في المقام الأول؛ كما يمكن لبعض الأطعمة الغنية بالماء أن تُوفرَ لكِ احتياجكِ من الإلكتروليتات. ويُفضَل شرب الماء على مدار اليوم، بدلًا من شرب كميةٍ زائدة منه دفعةً واحدة، والتي قد تُخفَف في الحالات القصوى من الإلكتروليتات في الدم وتُسبَب التسمم المائي.
الحالات التي قد تحتاجين فيها لشرب مشروبات الإلكتروليتات تشمل ما يلي:
• ممارسة الرياضة أو التمارين الرياضية (مثل الجري أو ركوب الدراجات).
• قضاء أيامٍ طويلة في الحر (مثل العمل) أو حالاتٍ أخرى تتطلب تعرَقًا مستمرًا.
• الإصابة بالحمى وارتفاع درجة الحرارة.
• القيء أو الإسهال المستمر.
إذا كان عليكِ الصيام لمدة ثماني ساعات قبل فحص الدم، فمن الأفضل تجنَب مشروبات الإلكتروليتات والالتزام بالماء العادي، لتجنب التأثير المحتمل على نتائج الفحص. وفي حال كنتِ تعانين من حالةٍ مرضية تؤثر على توازن الإلكتروليتات لديكِ، مثل أمراض الكلى أو ارتفاع ضغط الدم؛ فمن الأفضل استشارة طبيبكِ أولًا لتحديد ما إذا كانت مشروبات الإلكتروليتات آمنة ومناسبة لكِ.
تجدر الإشارة إلى أن هذا المبدأ قد لا ينطبق على الجميع، وتحديدًا على الأطفال الصغار والرُضع، ممن إلى التغذية، وقد يمرضون من كثرة شرب الماء أو مشروبات الإلكتروليت في المنزل. يُفضَل دومًا استشارة طبيب الأطفال بشأن ترطيب الجسم إذا كانت طفلتكِ تتقيأ، أو تُعاني من الإسهال، أو تتصرف بعصبية، أو تظهر عليها علاماتٌ مرضية أخرى.
ما الذي يستدعي زيارة مُقدم الرعاية الصحية؟
إذا شعرتِ بالقليل من الجفاف، فإن شرب الماء العادي أو مشروب الإلكتروليت عادةً ما يُخفَف من المشكلة. ولكنكِ قد تحتاجين الحصول على رعايةٍ طبية إذا كنتِ تعانين من أعراض جفافٍ شديد، أو مشاكل صحية أو الجفاف بشكلٍ متكرر.
في الخلاصة؛ فإن الجسم بحاجةٍ للسوائل والشوارد التي يمكن الحصول عليهما عادةً من الماء العادي واتباع نظامٍ غذائي متوازن. ويمكن أن تُوفَر مشروبات الإلكتروليت كميةً متوازنة من الشوارد لتعويض ما فقدته بسبب التعرق لفتراتٍ طويلة أو القيء أو الإسهال. إلا أن الجفاف الشديد الذي لا يخف مع شرب الماء أو تناول مشروبات الإلكتروليت، يحتاج لمراجعة مقدم الرعاية الصحية فورًا.