
المرونة النفسية سر القوة الخفية في حياتك اليومية
تتلخص أحد تعريفات المرونة النفسية هو القدرة على التواصل مع الحاضر والعمل على تحقيق أهداف طويلة المدى بدلاً من الرغبات قصيرة المدى، وتتيح المرونة النفسية للأفراد التكيف مع التغيرات في البيئة والتفاعل بطرق جديدة ومبتكرة وصحية تتوافق مع أهداف الفرد وقيمه، كما تلعب هذه القدرة دورًا حيويًا في الصحة والرفاهية.
المرونة النفسية

وفي هذا الصدد، توضح راشيل غولدمان، الحاصلة على درجة الدكتوراه وزمالة FTOS، وهي أخصائية نفسية وأستاذة مساعدة سريرية في كلية الطب بجامعة نيويورك: "تتمثل المرونة النفسية في البقاء في اللحظة الحالية والانفتاح على أي أفكار أو مشاعر قد تطرأ، ثم اتخاذ إجراءات تتماشى مع قيمنا".
وفي الحياة اليومية، تتيح المرونة النفسية للأفراد تعديل سلوكياتهم وروتينهم للاستجابة بفعالية لمتطلبات الموقف بطرق تخدم أهداف الفرد وتلتزم بمعتقداته الأساسية.
خصائص المرونة
تشمل بعض العناصر الرئيسية للمرونة النفسية ما يلي:
-
الحضور الذهني

لكي يكون الشخص مرنًا، عليه أن يكون على دراية بما يحدث في العالم من حوله في اللحظة الراهنة، فبدلًا من التفكير في الماضي أو القلق بشأن المستقبل، ويستطيع الأشخاص المرنون التركيز على اللحظة الراهنة.
وتقول جولدمان: "إذا تأملنا الماضي، أو ركزنا على المستقبل، فإننا نركز على أمور خارجة عن سيطرتنا، وإذا تفاعلنا، فقد لا نكون فاعلين أو نتخذ قرارات بناءً على قيمنا ومعتقداتنا وأهدافنا".
-
الانفتاح

تتطلب المرونة أيضًا من الشخص الانفتاح على التجارب ووجهات النظر الجديدة، فبدلًا من البقاء عالقًا في أنماط غير مفيدة، تسمح المرونة للشخص بالنظر إلى الموقف بطرق جديدة وإجراء التعديلات اللازمة.
-
القبول
للحفاظ على المرونة النفسية، يحتاج الشخص إلى الاستعداد لتحمل مجموعة من المشاعر، حتى تلك التي يصعب التعامل معها، فبدلًا من محاولة كبت هذه المشاعر أو تجنبها، يستطيع الأشخاص المرنون تقبّل ما يشعرون به، والاعتراف بمشاعرهم، والبحث عن طرق لإيجاد معنى لما تعلموه والنمو منه.
أمثلة على المرونة النفسية
تشمل بعض الأمثلة على الطرق التي يُظهر بها الناس مرونتهم النفسية في مواقف الحياة الواقعية ما يلي:
-
تقبّل المشاعر الصعبة

قد يُظهر الشخص الذي يُعاني من القلق مرونة نفسية من خلال تعلّم تقبّل أفكار القلق ومشاعر الضيق دون إصدار أحكام، وهذا يُمكّنه من التفاعل في المواقف المُثيرة للقلق بهدوء ومرونة أكبر.
-
التعامل مع الانتكاسات

يُمكن للشخص الذي يُواجه انتكاسة كبيرة، مثل فقدان الوظيفة، أن يُظهر مرونة من خلال التحلّي بالإيجابية واتخاذ خطوات للعثور على وظيفة أخرى، وتُمكّنه المرونة من مواجهة التحديات وإدارة التوتر بفعالية أكبر.
-
إدارة المشاعر الجياشة

قد تُشعِر المشاعر القوية أحيانًا بالقهر، وتُساعد المرونة النفسية الناس على إدراك هذه المشاعر وتقبّلها دون الشعور بالإرهاق.
-
الشعور بالرضا

بينما يُعدّ تطوير المرونة النفسية أمرًا أساسيًا لإيجاد معنى للحياة وإيجاد هدف لها، فهي تُتيح للناس الاستجابة لجميع مشاعرهم بشفافية ومواءمة سلوكياتهم مع ما هو أهم من حيث قيمهم الأساسية.
لماذا تُعدّ المرونة مهمة للصحة النفسية؟
وعلى صعيد متصل، تشير جولدمان إلى أن المرونة النفسية عنصرٌ أساسيٌّ في الصحة النفسية، وتُشير إلى أنها "تُساعد في تقليل التوتر والقلق والاكتئاب وغيرها من مشاكل الصحة النفسية. علاوةً على ذلك، يُمكن للمرونة النفسية أن تُعزز ثقتنا بأنفسنا وتقديرنا لذاتنا، بل وتُحسّن علاقاتنا".
وتُؤدي المرونة دورًا هامًا في الصحة النفسية والرفاهية لعدة أسباب ومنها ما يلي:
1. تُتيح المرونة والانفتاح على التجارب الجديدة للناس تعلّم أشياء جديدة، كما تُساعدهم على التكيّف مع الظروف المتغيرة، مما يُساعدهم على العمل بفعالية أكبر في بيئاتهم.
2. ويُمكن للناس التخلُّص من أنماط التفكير والسلوك السلبية أو غير المُفيدة من خلال الحفاظ على المرونة النفسية، فبدلًا من الانغماس في روتينات وسلوكيات مُتزمِّتة تُفاقم المشاكل، يُمكنهم الاستجابة بطرق أكثر تكيُّفًا.
3. والمرونة النفسية لا تاعد الناس على الاستجابة بشكل أفضل للتحديات فحسب، بل يُساعدهم أيضًا على التكيّف مع الانتكاسات عند حدوثها، وتُحسّن المرونة كيفية إدارة الناس للتوتر، وتُعزز في نهاية المطاف رفاهيتهم العامة.
كيف تحافظين على مرونتك النفسية؟
هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لبناء مرونتك النفسية والحفاظ عليها.
-
مارسي اليقظة الذهنية

تتمحور اليقظة الذهنية حول التواجد في اللحظة الحالية، لذا فهي طريقة رائعة لزيادة وعيك بمشاعرك وأفكارك وأحاسيسك وإدراكك لبيئتك.
وحاولي تخصيص بعض الوقت يوميًا للتركيز على أنشطة تُعزز اليقظة الذهنية، سواءً كانت ممارسة تأمل اليقظة الذهنية، أو اليوغا، أو التنفس العميق، أو غيرها من الأنشطة، ومع الممارسة، قد تجدين أنكِ أصبحتِ أكثر وعيًا واستعدادًا للتكيف مع بيئتك المتغيرة.
-
اعترفي بأفكارك

حاولي أن تتقبلي فكرة أن قدرًا معينًا من الانزعاج وعدم اليقين جزء من الحياة، وبدلًا من محاولة تجنب الصعوبات أو مقاومتها، ابحثي عن طرق للاعتراف بها، وذكّري نفسك بأن الانزعاج والضيق مؤقتان.
واسمحي لنفسك بالشعور بجميع المشاعر دون الحكم عليها بأنها سيئة أو خاطئة، بل هي جزء من الحياة، وجميع المشاعر، حتى الصعبة منها، يمكن أن تُقدم معلومات قيّمة حول كيفية التكيف مع ظروفك المتغيرة.
-
تحدي الأفكار غير المفيدة

يراود الجميع أفكار سلبية أحيانًا، وهناك أهمية لكيفية ارتباط الأفكار والمشاعر والسلوكيات، وبدلًا من التركيز على ما إذا كانت الفكرة سلبية، اسألي نفسك ما إذا كانت مفيدة، وعندما تحددين فكرة غير مفيدة، من الضروري أن تتحديها وتستبدليها بشيء أكثر فائدة.