ما بين اللؤلؤ والانتظار... العلامة السعودية Abadia تكتب قصيدة البحر في مجموعة خريف وشتاء 2025 من أسبوع الأزياء في الرياض

رهف القنيبط

ما بين اللؤلؤ والانتظار... العلامة السعودية Abadia تكتب قصيدة البحر في مجموعة خريف وشتاء 2025 من أسبوع الأزياء في الرياض

اختتمت العلامة السعودية Abadia للمصممة شهد الشهيل اليوم الثاني من أسبوع الأزياء في الرياض 2025 من خلال مجموعة خريف وشتاء بعنوان "الغوص"، حيث تحوّل العرض إلى تجربة فنية تستند إلى الذاكرة والهوية.

استهل العرض بأداءٍ لرقصة السامري قدّمته الفنانة الكويتية منایر عادل، مجسدةً الدور المحوري للمرأة في المنطقة الشرقية، تلك التي انتظرت بصبر عودة الأحباب من البحر. على أنغام ثلاث أغانٍ شعبية من إبداع حصة الحميضي، تنقلت الرقصة بين الشوق والانتظار والفرح، مستحضرةً ذاكرة جماعية عن الصبر والصلابة والرجاء، وممهّدة لعرضٍ يستند إلى شاعرية البحر وعمق التجربة الإنسانية التي انعكست في كل قطعة من المجموعة.

باديا مجموعة خريف وشتاء 2025
تغوص المجموعة في التراث الخليجي، مستحضرة شجاعة الغواصين وصبر النساء اللواتي انتظرن على الشاطئ

نقطة الإلهام.. الغوص في مهنة "الغوص"

تستمد المجموعة إلهامها من الطقوس والممارسات المرتبطة بمهنة الغوص بحثًا عن اللؤلؤ، في استحضارٍ لرحلة الإنسان مع البحر، وما تمثله من شجاعة، تضحية، وانتظار. تغوص Abadia في عمقٍ رمزي وثقافي متجذر في التراث الخليجي، محتفيةً بشجاعة الغواصين وصبر النساء اللواتي انتظرن على الشاطئ، مستعيدةً مشهدية البحر كرمزٍ للحياة، والذاكرة، والرزق، والانتماء.

وفي لفتة تعبّر عن الصلة العاطفية بين المصممة ومصدر إلهامها، تقول شهد الشهيل:

"جدي غاص في البحر حين بلغ سن الرشد، ليُثبت أنه أصبح مستعدًا لتحمّل المسؤولية وأن يصبح مستقلاً. البحر لم يكن مصدر رزق فحسب؛ بل انعكاسًا للقوة والشجاعة والنعمة الصامتة."

أباديا
العرض لم يقدّم أزياء فحسب، بل سرد حكاية كاملة الأركان؛ بدأت من الفن التراثي الخليجي نفسه

تفاصيل المجموعة.. بين الفروة والسدو

تنوعت قطع المجموعة بين البدل الرسمية، الفساتين الانسيابية، والجاكيت الطويل، حيث جاءت القصّات والخامات لتجسّد حركة البحر ومرونته، بينما أضفت الأقمشة اللامعة والمتلألئة بريقًا يستحضر نور اللؤلؤ الطبيعي في حوارٍ بصري بين الهشاشة والصلابة، والأنوثة وقوة الإرادة.

وكان من أبرز ما قدّمته العلامة إعادة تصميم الجاكيت الطويل "الفروة" القطعة التي اشتهرت بها Abadia إذ ظهرت هذا الموسم بأسلوبٍ معاصر يجسّد هوية الدار في قوتها ودفئها وأناقتها الهادئة. كما أعادت الدار إحياء السدو بأسلوبٍ تجريدي معاصر، محوّلة النمط التقليدي إلى عنصر تصميمي دقيق تجلّى في الأكمام والأحزمة وتفاصيل الطبقات، في إشارةٍ إلى استمرارية الحرفة وتحوّلها إلى لغة تصميم حديثة.

اللمسات النهائية.. الإكسسوارات والحقائب

توسعت Abadia هذا الموسم لتشمل عالم الإكسسوارات والحقائب عبر تعاونها مع حرفيين محليين استخدموا تقنيات الكروشيه والتكديس الطبقي، مع تطويرٍ حديث لرموز السدو التي أصبحت سمة مميزة لهوية الدار.

أباديا مجموعة خريف وشتاء 2025
عرضٍ يستند إلى شاعرية الغوص وعمق التجربة الإنسانية التي تلهم كل قطعة في المجموعة

كان دخول العلامة إلى تصميم الحقائب خطوة متكاملة مع رؤيتها الجمالية، إذ أضافت بعدًا حرفيًا جديدًا جعل من كل إطلالة تكوينًا بصري متكامل يتجاوز فكرة تنسيق الأزياء ليعبر عن هوية متكاملة من الحرفية والفكر والجمال.

رؤية شخصية: الترف في المعنى لا في البريق

ما لفت انتباهي أكثر هو أن العرض لم يقدّم أزياء فحسب، بل سرد حكاية كاملة الأركان؛ انطلقت من الفن الشعبي الخليجي كمدخلٍ بصري ووجداني، وافتُتح بمشهدٍ مؤثر جمع رقصة السامري مع مزيجٍ من ثلاث أغانٍ جسّدت حالات شعورية متتابعة من الفقد إلى الشوق ثم الأمل. كان اختيار Abadia للفن والتراث بوابةً إلى الذاكرة الشخصية للمصممة، وجعل العرض تجربةً حسية تتجاوز الموضة إلى فنّ يحاور الوجدان.

ومن خلال هذه اللفتة، أكدت Abadia أن التراث الخليجي أرض مثمرة لا تنضب؛ نغوص في أعماقه فنجد فيه ما يغذي الخيال ويمنح التصميم عمقًا ومعنى. فكل حرفة ونقشة فيه تحمل بذرة إبداع قابلة للنمو من جديد حين تُروى بلغةٍ معاصرة تحفظ روحها الأصلية وتعبّر عن ترف ينبع من الوعي لا من البريق.