بين الإرث والشرارة: أندرسون يعيد كتابة هوية Dior في مجموعة ربيع و صيف 2026

63

المجموعة

"التغيير حتمي" كما أعلن “أندرسون”. وهو ما يتجلى بوضوح في “ديور”، حيث على كل مجموعة أولى أن تُصارع إرثاً ثقيلاً قبل أن تجرؤ على دفعه نحو الأمام.

بداية العرض كانت أشبه بإيماءة سينمائية؛ رحلة بصرية في تاريخ الدار، من مؤسسها وحتى أول امرأة قادتها، “ماريا غراتسيا كيوري”. على جدار هندسي ضخم انبثق من الصندوق الرمادي الأيقوني، ظهر الفيلم كافتتاحية مؤثرة وكحساب مع الماضي. النظر إلى الوراء مسألة، والمضي قُدماً تحت ثقل هذا الإرث مسألة أخرى. ثم جاء البيان الأول: فستان أبيض مكشوف الكتفين، بصورة ظلية A-line مبالغ بها، مُزيّن بشرائط عريضة مندمجة في التكوين، مستوحى من القرن الثامن عشر..أنثوي، شبابي، مرح، ومهيب في آن واحد.

“النيو لوك” يظل المحك لكل مدير إبداعي في “ديور”. نسخة “أندرسون” جاءت بجاكيت قصير أقل هيكلة، مخيط بعناية، ظهره أعيد تشكيله بلمسة robe-à-la-française. أما التنورة الممتلئة فتحولت إلى ثنيات قصيرة أقرب إلى زي مدرسي منها إلى بيان تاريخي عن الأناقة. النتيجة: أنوثة معاصرة بروح شابة، مرحة، وحديثة بامتياز.

من هناك، قلب المصمم الإيرلندي الشمالي رموز الدار الباريسية، المعاطف الكلاسيكية طُويت على ذاتها، الحواشي المنتفخة وُلدت من جديد كتنانير قصيرة زهرية مرحة، أصداء الـBelle Époque تسللت إلى خلفيات و جوانب بناطيل الكارجو والمعاطف. حتى القبعة الواسعة التي توّجت يوماً صورة “النيو لوك” أعاد تشكيلها على هيئة نابليونية إيماءة إلى الثورة، والثورة جزء لا يتجزأ من ذاكرة “ديور”. الرموز كلها حضرت: الأزهار، الباستيل، الرمادي، الوردي، الأخضر… لكنها تحررت إلى أزياء جاهزة حقيقية. وعند تفكيك كل إطلالة نلمس بصمته الخاصة وقد تماهت مع هوية “ديور” الراسخة: لمسة طرافة، شيء من التجريد، والكثير من الأناقة.

ومع ذلك، ظل هاجس البنية قائماً. الصور الظلية المستوحاة من الـpanniers حملت رمزية واضحة، لكنها لم تعكس دائماً ثِقل الحِرفة التي بنت هوية دار تمتد جذورها لثمانية عقود من الأزياء الراقية. فـ”ديور” شُيّدت على صرامة البناء، وفي بعض اللحظات بدت الخفة كأنها تهدد هذا الأساس.

ومع ذلك، جاءت بصمة “أندرسون” واضحة، مباشرة، ومتفردة وهي سمة المصمم الجيد. أما هوية “ديور” الراسخة فأعادت ضبط التوازن قبل أن تنفلت الرؤية. وفي هذا الشد والجذب، بين حدس “أندرسون” وثبات الدار، وُلد الاتزان. ومن قلبه انطلقت الشرارة.

التغيير، في النهاية، حتمي.