
خاص لـ"هي": مدربة اليوغا السعودية لنا ناظر.. أول عربية تتوج بلقب المعلم المتميز من الاتحاد الآسيوي
تبدأ التحولات الكبرى بلحظة فارقة تغير مسار الحياة. وقد عاشت مدربة اليوغا السعودية لنا ناظر تلك اللحظة على بساط اليوغا، قبل أن تتحوّل تجربتها الشخصية إلى مسيرة عالمية. واليوم، وبعد أن حصدت جائزة المعلم المتميز لليوغا من قبل الاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغاسانا، حيث أصبحت رمزًا لصوت سعودي حاضر بقوة في مشهد العافية العالمي.
يُعد الاتحاد الآسيوي لرياضة اليوغاسانا "Asian Yogasana Sports Federation – AYSF"، الذي يتخذ من سنغافورة مقرًا له منذ تأسيسه عام 2009، المرجع الرسمي لرياضة اليوغا التنافسية في آسيا. ومن أبرز برامجه جائزة المعلّم المتميز لليوغا، التي تشمل 44 دولة وتُمنح للمدرّسين الذين يتركون أثرًا بارزًا في مجتمعاتهم ويسهمون في تطوير وانتشار هذه الرياضة، ما يجعلها من أرفع أشكال الاعتراف الإقليمي في مجال التعليم والممارسة.

في هذا اللقاء، نخوض مع لنا ناظر في رحلة نقترب بها من لحظاتها الفارقة، من شغفها الذي صنع كراما يوغا، ومن رؤيتها التي جعلتها تحصد اعترافًا دوليًا كـ المعلّم المتميز لليوغا عبر 44 دولة. بين البدايات الشخصية والإنجازات العالمية، تكشف لنا لـ"هي" كيف يمكن لليوغا أن تكون جسرًا بين الجسد والروح، وبين الهوية المحلية والمعايير العالمية.
اليوغا: بوابة الجسد إلى الروح
منذ الطفولة، كانت اليوغا جزءًا من حياة لنا، إذ كانت والدتها أول معلمة لها. لكن اللحظة الفارقة جاءت حين خرجت من أول حصة يوغا ساخنة في سنوات المراهقة. تقول: "شعرت بقوة جديدة وحضور مختلف وحيوية لم أعهدها من قبل. وعندما بدأت التدريس لاحقًا في جدة، جاءتني إحدى الطالبات بعد الحصة باكية وهي تقول: أشعر أنني عدت إلى نفسي. هناك فقط، أدركت أن اليوغا ليست مجرد مسار شخصي، بل رسالة لمجتمع كامل."
السعودية واليوغا: من فضول إلى حركة وطنية
حين افتتحت لنا استوديو كراما عام 2016، لم يكن المشهد مهيأ لليوغا كما هو اليوم. تقول: "آنذاك كانت رياضة اليوغا غير مألوفة لمعظم الناس، أما اليوم فقد أصبحت جزءًا من الحياة اليومية للطلاب والأمهات والمهنيين وحتى كبار السن. التحديات الأولى كانت التوعية والإتاحة، أما اليوم فهي الجودة والشمولية والسلامة، ومع رؤية 2030، نحن لا نسير خلف اتجاهات العافية العالمية فقط، بل نشارك في صياغتها بطريقتنا الخاصة."

جائزة آسيوية وصوت نسائي سعودي
تكريم لنا من الاتحاد الآسيوي لليوغا بلقب المعلم المتميز عبر 44 دولة لم يكن إنجازًا شخصيًا فقط، بل انعكاسًا لصوت سعودي حاضر عالميًا. توضح: "بالنسبة لي هو تكريم لسنوات من الالتزام، وبالنسبة للسعودية والعالم العربي، هو دليل أننا نستحق مكانًا على الساحة العالمية. أما للنساء، فهو رسالة تمكين بأننا لسن مجرد مشاركات، بل قائدات في هذه الحركة."
بين التعليم والريادة
رغم ألقابها وإنجازاتها، لا تزال لانا ناظر ترى نفسها معلمة أولًا، لكن مسيرتها سرعان ما تحولت إلى حركة ريادية أوسع. من أول حصة إلى أكثر من 20 ألف طالب، تحوّل شغفها الشخصي إلى مشروع وطني له امتداد عالمي. تقول: "لم أتخيل ذلك بالأرقام الدقيقة، لكني دائمًا ما آمنت ببذل أقصى ما لديّ في كل ما أقوم به."
وتكمل الحديث:" تعلمت منذ صغري أن النجاح لا يتحقق إلا بالعطاء الكامل، وإلا فلا جدوى منه. لهذا أسست استوديو كراما سعودي بمعايير عالمية، ونظمت فعاليات يوغا ضخمة، وقدمت محتوى ثنائي اللغة ليكون في متناول الجميع. أردت أن أبني مساحة تُلهم التغيير."
وتختتم الحديث:" ترفع من شأن العافية، وتمثل السعودية على الساحة الدولية. واليوم، بعد أن مر عبر أبواب كرامة أكثر من 20 ألف طالب، أشعر بالفخر والامتنان لأن بلدي دعمني في هذه الرحلة، ولأن كرامة أصبحت بالفعل منزلًا لليوغا يستقبل الجميع، من الأطفال وحتى الجدات."

أحلام المستقبل
طموحات لنا تتجاوز الاستوديو، نحو أثر طويل الأمد في المجتمع. تقول: "أحلم بمدرسة يوغا تُخرّج معلمين من كل مناطق المملكة. أريد أن تصل اليوغا إلى القرى والمواقع التاريخية، وأن تصبح جزءًا من هويتنا الوطنية. كما أحلم أن يأتي الزوار الدوليون لتجربة اليوغا هنا، تمامًا كما يأتون للثقافة أو التاريخ أو الطبيعة."
انعكاس شخصي
لم تكن اليوغا مهنة فقط، بل انعكست على تفاصيل حياة لنا اليومية. تقول: "منحتني ثباتًا في الأوقات العصيبة، علمتني أن التوازن ليس المثالية بل الحضور في اللحظة. منحتني رحمة تمتد لما هو أبعد من نفسي، وشجاعة لأحلم أكثر مما توقعت. والأهم أنها جعلتني متجذرة وأنا أطمح للأعلى."

التوازن بين العائلة والعمل
التوازن عند لنا ليس شعارًا بل ممارسة يومية. تقول: "أعتبر الراحة والعائلة مقدسات غير قابلة للتفاوض. أضع أوقات الراحة في جدولي كما الاجتماعات، أحمي وقتي مع ابنتي، وأثق بفريقي. التوازن بالنسبة لي ليس فعل كل شيء، بل فعل ما له قيمة. واليوغا هي ما يحفظ هذا التوازن ويجعلني ممتنة وحاضرة."
رسالة إلى الذات الأصغر
ولو عادت إلى بداياتها، لكان لديها ما تقوله لنفسها المراهقة. تقول لنا: "احلمي أكبر، كوني صادقة مع نفسك، واثقي بالله. قودي بقلبك، وركّزي على خدمة من تحبين، فالمجتمع سيكبر حولك أكثر مما تتخيلين. لا تتعجلي، لا تقارني نفسكِ بأحد، وكوني ثابتة. فالثبات والنوايا الصافية والعناية الحقيقية هي ما سيأخذك أبعد مما كنتِ تظنين."