
من محمد السليم.. إرث دار الفنون ونظرة أعمق لجذور الفن السعودي الحديث في المشهد الإقليمي العالمي
تشكل دار الفنون السعودية التي تأسست على يد الفنان الراحل محمد السليم عام 1979، وتديرها ابنته الفنانة نجلاء السليم، أول مساحة مخصصة للفن الحديث في السعودية.. ومن المحلية إلى العالمية، يفتح إرثها الذي يضم مواد أرشيفية نادرة وأعمال فنية، نافذة جديدة تطل على المشهد الفني الإقليمي العالمي، لتكشف جانبًا من تاريخ الفن السعودي الحديث ومسيرة التطور التي انطلقت من قلب العاصمة نحو آفاق جديدة من الحداثة والإبداع.
إرث دار الفنون.. تاريخ الفن السعودي الحديث في المشهد الفني الإقليمي العالمي

وضعت دار الفنون السعودية بصمة جديدة في المشهد الفني الإقليمي والعالمي، بتقديمها لمواد أرشيفية نادرة وأعمال وقطع فنية فريدة، في معرض "جذور: بدايات الحداثة السعودية"، الذي يمثل رحلة فنية ثرية تتعمق في تاريخ الفن الحديث في المملكة العربية السعودية، والذي يمثل أولى مبادرات دار بونهامز العالمية في المملكة العربية السعودية.
ويضم إرث دار الفنون السعودية مجموعة حصرية لمطبوعات نادرة من كتب وبطاقات بريدية من تصميم الفنان محمد السليم وزملاءه الفنانين، وتحمل هذه القطع الفنية الفريدة قيمة تاريخية وفنية، لتأتي ضمن أبرز المعروضات والأعمال الفنية في أول معرض من تنظيم دار مزادات في المملكة يركّز على الفن الحديث المحلي في المملكة، فيما من المقرر أن تُعرض الأعمال المشاركة في "جذور" لاحقًا ضمن مزاد بونهامز في لندن يوم 25 نوفمبر 2025.

ومن أبرز المعروضات والأعمال الفنية في المعرض، لوحة أفقية للفنان محمد السليم من ثمانينيات القرن الماضي، استلهم فيها أفق مدينة الرياض كما تبدو من الصحراء، بعد أن حوّل مشهدها إلى رؤية تجريدية تُجسّد العلاقة بين الحضر والطبيعة، هذا بالإضافة إلى إحدى لوحات الفنانة نجلاء السليم بعنوان Women on the Horizon، والتي رسمتها عام 2007، والتي عُرفت باستلهام أعمالها من أفق والدها محمد السليم، لكنها ترسم مسارها الخاص، بوصفه امتدادا لإرث رائد، وصوتا معاصرا يسعى لكتابة فصله الخاص، والتي بنت مسيرتها على التجربة والمعرفة والممارسة المستمرة.
رواد نشر ثقافة الفن والتعريف بتاريخ الفن السعودي

تعمل دار الفنون السعودية، المؤسسة الفنية الرائدة التي أنشئت لدعم الفن التشكيلي السعودي في 1979 على يد الفنان محمد السليم، كشخصية رائدة في الفن السعودي المعاصر، على نشر الفنون في المملكة العربية السعودية من خلال إقامة المعارض الفنية وتشجيع الفنانين وتعزيز التعاون الدولي، وهي الأولى من نوعها في تاريخ المملكة العربية السعودية.
وكان نشاطها قد توقف في عام 1995 (1415 هـ)، وبعد اثنين وعشرين عامًا، تقرر إحياء هذه المؤسسة لمواصلة المشاريع الرائدة التي بدأها محمد السليم، والتي أرست أساسًا متينًا لمشهد الفنون التشكيلية في المملكة العربية السعودية، واليوم، تدير المؤسسة مالكتها ورئيسة مجلس الإدارة الفنانة نجلاء السليم، الابنة الكبرى للفنان، بالتعاون مع عدد من الكيانات المتخصصة في هذا المجال.

وتتميز مسيرة دار الفنون بعقود من الإبداع والتأثير الثقافي، من المعارض الرائدة في الثمانينيات إلى الرؤية الفنية المتجددة التي تشكل مستقبلها، وتتابع الدار مسيرتها المتميزة للاحتفاء بالفن السعودي، ومجهوداتها الرائدة لتعزيز التواصل الثقافي بين الفنانين التشكيليين والمجتمع السعودي، من خلال تعريف الجمهور المحلي والدولي بتاريخ الفن السعودي، وتشجيع المواهب الفنية الناشئة على الظهور، وكذلك تنظيم المعارض المتنوعة للقطاعين العام والخاص.
محمد السليم والافآقيّة

يُذكر بأن الآفاقية أكثر من مجرد أسلوب.. إنها فلسفة بصرية ابتكرها محمد السليم وأعادت ابتكارها ابنته الفنانة نجلاء السليم، حيث شكلت هذه الحركة الفن السعودي الحديث، ولقد عُرف الفنان محمد السليم بأسلوب "الافآقية" وهو مستوحى من منظر المباني في مدينة الرياض.
وكان محمد السليم قد أقام أول معرض فني في عام 1967، وكان له دور محوري في تصميم العديد من المجسمات الجمالية في المدينة، كما أن شغفه وإيمانه بأهمية دعم الجيل الصاعد وتوفير الدعم اللازم له، دفعه لتأسيس دار الفنون السعودية كأول مؤسسة مستقلة في المملكة العربية السعودية.. واليوم يبقى إرثه الفني محفوظا في الأرشيف الدائم لدار الفنون.