
دليل السياحة في فالنسيا إسبانيا 2025
تقع مدينة فالنسيا على الساحل الجنوبي الشرقي لإسبانيا وتتميز بأجوائها الدافئة وتاريخها المعماري المتنوع وسواحلها المشرقة، إضافة إلى مشهدها الثقافي والفني المتجدد والعصري، ومع كونها ثالث أكبر مدينة إسبانية فهي تجمع بانسجام بين سحر المدينة القديمة وتوجهات الحاضر المستقبلية، وهو ما يجعلها إحدى أبرز وجهات السفر في عام 2025.
ونستعرض اليوم مجموعة من أبرز وجهات السياحة في فالنسيا للاستمتاع بتجربة التنقل بين أزقتها التاريخية ومعالمها العصرية، وإستكشاف تفاصيل تروي حكايات قرون من الحضارة، في تجربة فريدة من نوعها تلائم العطلات العائلية الصيفية أو الشتوية.
سوق فالنسيا المركزي
في قلب المدينة يقف السوق المركزي كواحد من أقدم وأوسع أسواق الأغذية في أوروبا محاطًا بروح محلية نابضة بالحياة، ويتميز المبنى بتفاصيله المعمارية المستوحاة من الطراز الحداثي مطلع القرن العشرين، حيث تزينه القباب الزجاجية والنقوش الحديدية والزجاج الملون في مشهد بصري يخطف الأنظار، ويمتزج في أرجائه صوت الباعة وضجيج الأكياس مع رائحة التوابل والمأكولات الطازجة ليقدم تجربة حسية متكاملة تتيح التعرّف عن قرب على تفاصيل الحياة اليومية في فالنسيا.
ويحتوي السوق على أكثر من ألف كشك يعرض مختلف المنتجات المحلية من أسماك ومأكولات بحرية وأجبان تقليدية وحلويات معروفة في الإقليم، وما يميز هذا المكان هو تنوع المعروضات والعلاقة الشخصية التي تجمع بين الباعة والزبائن حيث تنتقل مهنة البيع من جيل إلى آخر، ويمكن خلال زيارة السوق الاستمتاع بفنجان قهوة في أحد الأركان.
أوشنغرافيك فالنسيا

ضمن مجمع مدينة الفنون والعلوم يشكّل أوشنغرافيك محطة لا يمكن تجاوزها لعشّاق الحياة البحرية والتصاميم المستقبلية، ويُعد الأكبر من نوعه في أوروبا حيث يعرض بيئات بحرية متنوعة من القطب الشمالي إلى الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، ويضم أكثر من 45 ألف كائن بحري تتوزع في أحواض صممت بعناية لتقليد مواطنها الأصلية، ويمثّل النفق الزجاجي أبرز محطات الزيارة حيث تمر الأسماك والراي اللاسع فوق رؤوس الزوار في مشهد ساحر.
ويُركّز المركز على الجانب التعليمي والتوعوي إلى جانب الإبهار البصري إذ تُعرض شروحات تفاعلية وتُقام عروض حيّة تسلط الضوء على أهمية حماية الحياة البحرية، وتقّدم أنشطة إضافية مثل الجولات البيئية والزيارات الخاصة خلف الكواليس، مما يتيح فرصة فريدة للتعرف على أسرار العناية بالحيوانات البحرية والعمل البيئي.
حديقة نهر توريا
في مشهد عمراني نادر تمتد حديقة توريا كمساحة خضراء واسعة في المجرى السابق لنهر توريا بعد أن تم تحويل مجراه عقب فيضانات عام 1957، وتم استغلال هذه الأرض الممتدة على طول تسعة كيلومترات لإنشاء واحدة من أروع الحدائق الحضرية في إسبانيا، حيث تتوزع مسارات المشي والدراجات وسط بساتين الحمضيات والنوافير والمناطق المخصصة للرياضة والترفيه.
وتمر هذه الحديقة بجانب معالم بارزة مثل مدينة الفنون والعلوم من جهة والمركز التاريخي من الجهة الأخرى، مما يجعلها صلة وصل نابضة بين الماضي والحاضر، ويمكن استكشاف زواياها المختلفة سيرًا أو بالدراجة حيث تتنوّع المشاهد بين جسور حجرية وحدائق للتأمل ومساحات للعروض والموسيقى الحية.
أبراج سيرانوس

عند حدود المدينة القديمة ترتفع أبراج سيرّانوس بشموخ يروي فصولاً من التاريخ الدفاعي لفالنسيا، وأُنشئت في القرن الرابع عشر لتكون بوابة المدينة الشمالية ضمن جدارها الدفاعي وقد استخدمت لاحقًا كمكان لاحتجاز النبلاء، وتتميّز هذه الأبراج بطرازها القوطي المهيب وبأسوارها المزودة بشرفات مراقبة كانت تستخدم لمراقبة قدوم الأعداء.
ويمكن تسلّق الأدراج الحجرية المؤدية إلى أعلى البرجين حيث تنتظر الزائر إطلالات بانورامية على المدينة القديمة وحدائق توريا الممتدة، وتُقام في الموقع فعاليات ثقافية ومعارض دورية مما يمنحه بعدًا ثقافيًا ليغدو جزءًا من الحاضر الثقافي المتجدد للمدينة.
أبراج كوات
على الجانب الغربي من المدينة القديمة تقع أبراج كوات التي تتشابه في طابعها الدفاعي مع أبراج سيرّانوس لكنها تروي حكاية مختلفة تتعلق بالمقاومة، وقد تعرّضت هذه الأبراج في القرن التاسع عشر لهجوم مدفعي أثناء الغزو النابليوني، ولا تزال آثار القذائف مرئية على واجهتها الحجرية شاهدة على صمود المدينة عبر الزمن.
ويُتاح للزوار الدخول إلى الأبراج عبر سلالمها الحلزونية الضيقة والوصول إلى منصاتها العليا التي توفر رؤية بانورامية للمدينة القديمة، وتُعرض في الموقع لوحات توضيحية وجولات مصحوبة بمرشدين تتناول تاريخ الدفاعات الحضرية وأساليب التحصين، إلى جانب استخدام تقنيات الواقع المعزز لتقديم تجربة غامرة تستعرض القصص التاريخية المثيرة للمكان.
بورصة الحرير

يُعد مبنى بورصة الحرير من أبرز التحف المعمارية في فالنسيا ويعود تاريخه إلى نهاية القرن الخامس عشر حين كانت المدينة مركزًا للتجارة الدولية لا سيما في صناعة الحرير، وقد أُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لما يعكسه من تطوّر اقتصادي وثقافي، وأبرز أجزاء المبنى هي القاعة الكبرى التي ترتفع أعمدتها الملتوية كأنها أشجار حجرية تحمل سقفًا مقببًا.
ويحتفظ المبنى حتى اليوم بملامحه الأصلية مما يتيح للزوار استكشاف تفاصيل فن العمارة القوطية من الداخل والخارج، وتشمل الجولة ساحة مزروعة بأشجار البرتقال توفر لحظة هدوء إضافة إلى عروض تفاعلية تشرح تطورات تجارة الحرير وتأثيرها العالمي.
سوق كولون
يقدّم سوق كولون مثالًا آخر على فنون العمارة الحداثية في فالنسيا وقد شُيد عام 1916 وأعيد ترميمه في العصر الحديث ليغدو مركزًا ذوقيًا راقيًا، ويقع السوق في حي إيكسامبل الأنيق ويجمع بين الطراز المعماري التقليدي والأجواء العصرية، حيث تملأه المقاهي ومحلات المنتجات الفاخرة والمخابز الراقية.
ويُعد السوق محطة مفضلة لعشّاق الأجواء الهادئة والمأكولات الراقية، حيث يمكن الاستمتاع بوجبة إفطار تقليدية أو احتساء مشروب في فترة ما بعد الظهر وسط ديكور أنيق وموسيقى حية في المناسبات.
كاتدرائية فالنسيا

في ساحة بلازا دي لا راينا تقف كاتدرائية فالنسيا كتحفة معمارية تجمع بين عدة طرز من الروماني والقوطي إلى الباروكي وعصر النهضة، وقد بُنيت على موقع كان يضم معبدًا رومانيًا ثم مسجدًا مما يعكس تعدد المراحل التاريخية التي مرت بها المدينة، ويعتقد أن الكاتدرائية تضم الكأس المقدسة المستخدمة في العشاء الأخير وهو ما يضفي عليها أهمية دينية وتاريخية مضاعفة.
ويمكن خلال الزيارة الصعود إلى برج الجرس المعروف باسم إل ميكاليت حيث توفر القمة إطلالات بانورامية مذهلة، كما تحتضن الكاتدرائية أعمالًا فنية لرسامين مثل غويا وتقدّم جولات صوتية بعدة لغات، بالإضافة إلى عروض رقمية تبرز مراحل تطورها المعماري.
كنيسة سان نيكولاس

تُعرف هذه الكنيسة بأنها كنيسة سيستين الخاصة بفالنسيا وهي من الجواهر المخبأة في المدينة القديمة، وتجمع بين الهيكل القوطي الداخلي والزخرفة الباروكية التي تغطي السقف بلوحات جدارية تروي حياة القديسَين نيكولاس وبيتر مارتير، ومنذ انتهاء الترميم في السنوات الأخيرة أضحت الكنيسة واحدة من أهم وجهات الفن الديني في المدينة.
وتوفّر الإضاءة الحديثة والجولات الصوتية تجربة غامرة توضح رمزية الرسومات وتاريخ البناء، ويمكن خلال الزيارة الانغماس في تفاصيل العمل الفني وتأمل الزخارف البديعة التي تعكس تفاني الفنانين في تصوير القصص الدينية.