
الإبداع والقيادة: كيف يساهم أفراد العائلات الملكية الشباب في تشكيل المستقبل؟
تعي العائلات الملكية أن الاستمرارية تعني التجديد، وأن من لوازم المسؤولية مواكبة حاجات المجتمع المتجددة. كما أنه لا يمكن القيادة دون إبداع كما لا يمكن للإبداع أن يتم بدون توجيه نحو هدف. ومن هنا نلمس بوضوح تام أن كل مشاريع التطوير والتحديث في الملكيات المعاصرة يقودها ويشارك فيها أفراد العائلات الملكية أنفسهم. وأن هؤلاء الأشخاص الملكيين ليسوا منغلقين على أنفسهم داخل قواقعهم العاجية بل هم في الشارع مع الناس يستمعون لحاجاتهم ويعملون على تلبيتها وإشباعها.
مساهمة إيجابية
غالبًأ ما يُسهم أفراد العائلة المالكة الشباب بنشاط في رسم مستقبل النظام الملكي من خلال الموازنة بين التقاليد والقيم الحديثة.هذا مع التركيز على القضايا الاجتماعية ذات الصلة بموضوعي الأصالة والحداثة. فهم يُحدِّثون صورة النظام الملكي، ويعتمدون التقنيات الحديثة، ويستخدمون منصاتهم للدفاع عن قضايا مثل دعم ضحايا الحروب والنزاعات وتنمية الطفولة المبكرة، والصحة النفسية، والاستدامة البيئية.
وتشتهر معظم العائلات الملكية حول العالم ليس فقط بأهميتها الوطنية والتاريخية وتفانيها في خدمة وحماية رعاياها؛ بل أيضًا بمزيجها الآسر بين التقاليد والحداثة. ومع انتقال السلطة من الجيل الأكبر سنًا، تبرز جيل جديد من أفراد العائلة المالكة الشباب إلى دائرة الضوء. كما تستكشف هذه المدونة الحياة الرائعة والتأثير الناشئ لهؤلاء الجيل الجديد من أفراد العائلة المالكة، الذين يعيدون تعريف صورة الملكية في العصر الراهن.
تحول الأدوار
تقليديًا، كان دور أفراد العائلة المالكة احتفاليًا وشكليًا في المقام الأول. كما كان يقتصر على واجبات الدولة العامة والظهور العلني والعلاقات الدولية والبروتوكولات المحلية والعالمية. ومع ذلك، يعيد الجيل القادم تعريف معنى أن تكون فردًا من العائلة المالكة. فهم يتفاعلون مع قضايا المجتمع، وينادون بالتغيير، ويستخدمون مواهبتهم المختلفة لتسليط الضوء على قضايا وطنية وإنسانية مهمة.
أهم سمات الأجيال الجديدة من أفراد العائلات المالكة:
تمتاز معظم الأجيال الجديدة من أفراد العائلات المالكة بسمات مميزة على صعيد الخدمة الوطنية تتناسب مع طبيعة العصر الحالي الذي تسوده الديمقراطية وحرية التعبير. ومن أميز هذه السمات واجبات الدفاع عن الحقوق الاجتماعية؛حيث يُبدي العديد من أفراد العائلات المالكة الشباب شغفًا بالقضايا الاجتماعية مثل الصحة والمناخ والمساواة بين الجنسين.
كذلك أصبحت الأجيال الجديدة من أفراد العائلات المالكة تبرز كمؤثرين في مجال الموضة والأزياء. حيث إن اختياراتهم في مجال الأزياء تتصدر عناوين الصحف، وتؤثر على الاتجاهات بالإضافة إلى التعاون مع العلامات التجارية لتسويقها على الصعيد الوطني والعالمي.
مجالات التأثير الرئيسية:
في مجالات الإبداع والقيادة؛ يبتعد أفراد العائلة المليكة الشباب عن الجوانب التقليدية والرسمية للنظام الملكي، وغالبًا ما يتبنّون نهجًا أكثر حداثة وتفاعلًا. كذلك على صعيد التأثير الاجتماعي، يشاركون بنشاط في العمل الخيري والدعوة، مع التركيز على قضايا مثل تنمية الطفولة المبكرة، والصحة النفسية، والاستدامة البيئية.
كذلك يستغلون وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات الرقمية للتواصل مع الجمهور، ومشاركة أعمالهم، والترويج لقضاياهم. وفي المجمل يعملون دائمًا على الموازنة بين التقاليد والحداثة. كما يُحققون التوازن الدقيق بين الحفاظ على تقاليد وقيم النظام الملكي، والتكيف مع احتياجات المجتمع وتوقعاته المتغيرة.
الواقع خير شاهد:
هناك أمثلة لا حصر لها على الإبداع والقيادة وكيف يساهم أفراد العائلات الملكية الشباب في تشكيل المستقبل. كأميرة ويلز، الأميرة كاثرين، التي يركز عملها مع مركز المؤسسة الملكية للطفولة المبكرة على رفع مستوى الوعي وتحفيز العمل في السنوات الأولى الحاسمة من نمو الطفل. كذلك زوجها الأمير ويليام الذي يُنظر إليه على أنه "محفز للتغيير" في المجامع البريطاني، مع تركيزه على تبسيط النظام الملكي وإعطاء الأولوية للأعمال المؤثرة لا البروتوكولات الجامدة. كذلك يبرز دور الأمير هاري في تأسيسه لألعاب إنفيكتوس. وهي حدث رياضي دولي لأفراد الخدمة الجرحى، يعزز التزامه بدعم المحاربين القدامى وتعزيز القدرة على الصمود.
ومن لندن إلى مدريد حيث تتولى الأميرة ليونور بنشاط المزيد من المهام العامة، وتوازن بين إرث عائلتها وشعبيتها الراسخة. كذلك الأميرة إنغريد ألكسندرا من النرويج، والتي تُعرف بدفاعها عن البيئة واهتمامها برياضات مثل التزلج وركوب الأمواج.
الأصالة بثوب حداثي
في الحقيقة، كل يوم يُعيد أفراد العائلات الملكية الشباب تعريف معنى أن تكون ملكيًا في القرن الحادي والعشرين.وذلك من خلال تبنّي أدوارهم كداعمين للتغيير والحداثة، وتحديث صورة النظام الملكي، واستخدام نفوذهم لمعالجة القضايا العالمية الملحة.
وهنا لدينا مثال آخر من عمّان حيث تقوم مؤسسة ولي العهد بإيلاء الاستثمار في الشباب العناية والاهتمام على اعتباره"استثمار في مستقبل الوطن". ويركز عمل المؤسسة الدؤوب على تمكين الشباب الأردني وإعدادهم ليصبحوا قادةً فاعلين في وطنهم ومجتمعهم. كما تهدف إلى إشراكهم في مبادرات اقتصادية واجتماعية وتنموية شاملة على مستوى الدولة وعلى مستوى الإقليم.
وبالعودة إلى بريطانيا يستمر الأمير هاري بالقيام بدوره في تشجيع شباب الكومنولث على أن يكونوا أبطالاً لمجتمعاتهم، رعم ابتعاده فيزيائيا عن لندن وإقامته في لوس أنجلوس. حيث تحولت الحديقة في مقر الكومنولث إلى مركز للابتكار ليشارك الشباب من جميع أنحاء العالم أفكارهم من أجل مستقبل أفضل وأكثر إشراقا مع الأمير هاري.
وعلى خلفية 53 علمًا لدول الكومنولث، قام الشباب من أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ ومنطقة البحر الكاريبي والأمريكيتين وأوروبا بتقديم ابتكاراتهم إلى دوق ودوقة ساسكس.وقد تضمنت أفكارهم أطروحات عن ثورة مياه الصنبور لتحل محل زجاجات المياه البلاستيكية وتساعد في تخليص المحيطات من البلاستيك. بالإضافة إلى مبادرة تعليمية للشباب لمعالجة الصحة العقلية. ويصف الشباب المشاركون هذه التجربة بأنها ملهمة. وأن التعامل مع الأمير هاري وزوجته "ديناميكي". وأن هناك الكثير ليتطلعوا إليه، وأنهم متفائلون جدًا. كما إنه ينتمي إلى نفس الجيل، لذا يمكنهم"التواصل معه بشكل أفضل".