الشيف علي برجي رئيس قسم الطهي في منتجع أتلانتس دبي

الشيف علي برجي ل "هي": الطهو لغةٌ تُعبَر عن الحب.. وافتتاح أتلانتس رويال تجربتي الأعظم

جمانة الصباغ
17 أكتوبر 2025

بين سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية، يمتد سهل البقاع الخصب إلى ما لا نهاية؛ مساحةٌ شاسعة من الأرض ذات التربة البنية، تزخر بزراعة العديد من المنتجات.

من هذه المنطقة الواقعة شرقي لبنان، جاء الشيف علي برجي إلى دبي، حاملًا معه تاريخ وطنه العريق ومطبخه الذي يحتل مكانةً بارزة ضمن المطابخ العربية والعالمية. شغف الطهو منذ نعومة أظفاره، وتعلقه بمكان ولادته وأجواء البيت الدافئة خصوصًا في الشتاء القارس؛ كلها عوامل أثمرت نجاحًا وتميَزًا للشيف اللبناني ليتبوأ منصب مدير قسم الطهي في منتجع أتلانتس دبي، بعدما عمل في العديد من مطابخ لبنان المرموقة قبل انتقاله إلى دبي عام 1998.

فتح الشيف علي قلبه لموقع "هي"، متحدثًا في هذه المقابلة عن بداياته والدور الهام الذي يقوم به لإعداد الطعام في منتجعي أتلانتس دبي وأتلانتس ذا رويال..

الشيف علي برجي رئيس قسم الطهي في منتجع أتلانتس دبي - رئيسية
الشيف علي برجي رئيس قسم الطهي في منتجع أتلانتس دبي

مرحبًا بكَ شيف علي معنا على موقع "هي"؛ في البداية أخبرنا المزيد عن بداياتكَ وتعليمكَ وغيره..

شكراً موقع "هي" على الإستضافة؛ إسمي علي برجي، جذوري من لبنان وتحديدًا من محافظة البقاع. بدأ شغفي بالمطبخ منذ طفولتي، ومنذ تلك اللحظة أدركتُ أن المطبخ سيكون عالمي ومكان إبداعي الأول فأخذتُ قراراً مبكراً بأن أصبح طاهياً. درستُ الفندقية وتخصصتُ في فنون الطهي، ثم بدأتُ بالتمرن منذ شبابي في فنادق راقية؛ وسرعان ما استطعتُ أن أصبح شيف رئيسي في عمرٍ صغيرٍ نسبياً.

متى أدركتَ رغبتك في أن تصبح طاهيًا؟

منذ صغري وأنا أحبُ الطهي، فقد ولدتُ في منطقة البقاع في لبنان المليئة بالسهول المزروعة بالخضار والفواكه. كنت أراقبُ والدتي وهي تطهو، وأفتنُ بروائح الطعام وأجواء الدفء التي تملأ البيت؛ أدركتُ أن هذا سيكون طريقي بعدما رأيتُ السعادة في عيون من يتذوقون أطباقي البسيطة. عندها فهمتُ أن الطبخ ليس مجرد مهنة، بل لغةٌ تُعبّر عن الفرح والحب

أخبرنا عن دوركَ في منتجع أتلانتس كرئيس قسم الطهي.

لقد كنتُ من أول المنضمين الى الفريق الذي أسس هذا الفندق الفخم. أعملُ فيه منذ 18 عاماً واعتبرهُ بيتي الثاني؛ بجانب فريقٍ مبدع من الطهاة من مختلف أنحاء العالم، وهدفي الدائم أن نمنح كل ضيف تجربة طعامٍ استثنائية. دوري يقوم على الإشراف على أدق التفاصيل، لأن التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع الفارق الكبير.

لا يمكن لأحد يتناولُ الطبخ اللبناني في أتلانتس وخيمة أساطير، أن يغفل عن إبداعات علي برجي الطهوية؛ ما المعايير/التقنيات التي تتَبعها للخروج بأطباقٍ أصيلة كأنها مُعدة في المنزل؟

السر في المزج بين الأصالة والحداثة والاعتماد على أجود المكونات… أسعى دائمًا لأن أُعيد الناس إلى ذكرياتهم الأولى مع الطعام اللبناني، لذلك أحرصُ على الحفاظ على الطعم الأصيل، مع إضافة لمساتٍ خفيفة من الإبداع. الأكل اللبناني بالنسبة لي يجب أن يكون طبيعيًا، صحياً، يُغذَي الحواس ويُبهر المذاق. بالنسبة لخيمة أساطير الرمضانية، فهي من أكبر الأماكن التي تقدم الإفطار والسحور خلال الشهر المبارك، ويزيد عدد زوار الخيمة سنة بعد سنة؛ كما نُطوَر في خدماتنا لنرتقي ونُرضي زبائننا.

أخبرنا عن مطعمك الجديد "في" وما الشغف الذي وضعه علي برجي فيه؟

مطعم "في" هو مشروعٌ قريبٌ جدًا إلى قلبي. أردتهُ أن يكون انعكاسًا لروحي وحبي للمطبخ اللبناني بطريقةٍ عصرية وأنيقة، من دون أن يفقد روح البيت اللبناني الدافئ. كل طبقٍ فيه يحملُ قصة، وكل تفصيلٍ فيه يعكس الشغف، خاصةً وأنه يحمل روحاً شبابية معاصرة. أتمنى من الجميع أن يزوروه في فندق وان زعبيل ويشاركوننا أرائهم بشأنه.

كان لكَ دورٌ بارز في افتتاح مطعم أيامنا، والدور الهام في مختلف قوائم الطعام العربية في أتلانتس؛ ماذا تُخبرنا عن ذلك؟

"أيامنا" هو مشروعٌ يُعبّر عن حبي العميق للتراث العربي. عملتُ مع الفريق فيه على تصميم قوائم طعام تعكس هوية المطبخ العربي، وتقديمها بطريقةٍ تليق بمكانٍ بحجم أتلانتس. كان الهدف أن نُبرز النكهة العربية بأجمل صورة.

يُمثَل مطعم أيامنا الفخامة والعراقة ويجعل تجربة الأكل العربي لا تُنسى للأجانب والعرب.

أخبرنا المزيد عن افتتاحية أتلانتس رويال، والدور الكبير الذي قمتَ به لإعداد الطعام للضيوف المحليين والعالميين.

كانت تجربةً عظيمة وتحديًا كبيرًا، إذ كنا فريقًا كبيرًا من الطهاة العالميين.  إعداد قوائم طعام لمناسبة بهذا الحجم يتطلب دقة وشغفًا وتعاونًا كبيرًا؛ شعرتُ بفخرٍ كبير وأنا أرى ضيوفًا من مختلف أنحاء العالم يستمتعون بمأكولاتنا. سيظلُ افتتاح هذا الفندق راسخًا في ذاكرة الجميع، لأنه كان من أكبر وأفخم الحفلات التي حضرها العديد من المشاهير والمهمين من حول العالم.

يعشق علي برجي الأطباق البسيطة التي تُعبر عن الحب
يعشق علي برجي الأطباق البسيطة التي تُعبر عن الحب

كانت لكَ مشاركاتٍ مهمة في بعض برامج الطبخ المحلية والعالمية؛ ماذا تُخبر قارئاتنا عنها؟

مسيرتي في عالم الطهي مليئةٌ بالتجارب الممتعة وغنية بتجارب التعلّم. وأؤمنُ بأن المطبخ لغةٌ عالمية تربط الناس ببعضهم، لذلك أحبّ التواصل مع الجمهور من خلال الشاشة ومشاركة خبرتي وشغفي معهم. أكثر ما يسعدني هو أن أسمع من أحدهم أنه جرّب وصفة منّي ونجحت معه.

شاركتُ كعضو لجنة تحكيم ضيف في عددٍ من البرامج التلفزيونية المرموقة، من بينها "المستحيل في المطبخ – ألمانيا"، و"برنامج توداي – أستراليا"، و"ماستر شيف العربية"، و"مطلوب شيف"، و"فروم سكراتش"، و"ليتس جو ليتس إيت"، بالإضافة إلى ظهوري على قنوات MBC ودبي وأبوظبي، مما أتاح لي مشاركة رؤيتي في فنون الطهي على نطاقٍ أوسع.

لبنان معروفٌ بمطبخه المتنوع والصحي؛ ما هي أسرار نجاح هذا المطبخ برأيك، وكيف تستخدم هذه الأسرار في أتلانتس و "في"؟

سر المطبخ اللبناني أنه نابعٌ من القلب. مكوناته بسيطة، ونكهاته متوازنة، وطابعه الإنساني واضح. في أتلانتس و"في"، أحرصُ أشد الحرص للحفاظ على هذه الروح الأصيلة مع تقديمها في قالبٍ عصري يناسب جميع الأذواق.

ما هي الأطباق الراسخة في عقل ووجدان علي برجي، منذ الطفولة، ولا تغادرُ مائدته أبدًا؟

أحبُ صيادية السمك ومغربية الدجاج كما أحبُ الأطباق النباتية الصحية مثل ورق العنب، التبولة، والمجدّرة. هذه الأطباق تُذكّرني بطفولتي ودفء بيت العائلة، ولا يمكنُ أن تغيب عن مائدتي.

إذا أردنا اختصار علي برجي الشيف والإنسان طوال العقدين الماضيين، من يكون؟ وماذا سيصبح خلال السنوات القادمة؟

إنسانٌ شغوف بعمله، يسعى دومًا لرفع ‘سم المطبخ اللبناني عاليًا. وبعد كل هذه السنوات، ما زلتُ قلباً شاباً طموحاً يحبُ أن يُعبّر عن نفسه من خلال الطبخ، ويسعى الى التعلم وتجربة وصفاتٍ جديدة.

كيف يقوم علي برجي بتصميم وتحضير قوائم الطعام، ما هي معاييره للطعم والجودة والمظهر؟

أبدأُ دائمًا من فكرةٍ أو إحساس، أسعى لنقله عبر الطبق. أجرّبُ المكونات، أتذوق، وأعدّل حتى أصل إلى التوازن المثالي بين النكهة والمظهر. بالنسبة لي، الشكل والطعم يجب أن يتحدثا اللغة نفسها.

بجانب المطبخ اللبناني، ما هي المطابخ التي يعشقها علي برجي ويجربُ تحضيرها بين الحين والآخر؟

أحبُ المطبخ الإيطالي لصدقه وبساطته، كما أعشقُ المطبخ الياباني لدقّته واحترامه للمكونات. كل منهما يقدّم دروسًا جميلة في فن الطهي.

الإمارات العربية المتحدة بلدٌ متنوع؛ كيف تُلبّي احتياجات معظم الجنسيات هنا، وتُشجّعهم على تجربة الطعام اللبناني؟

جمال الإمارات بأنها أرضٌ أصيلة مليئة بالحضارة والارث، احتضنت كل الجنسيات في جوٍ من الأخوة والتقارب. هذا التنوع في الجنسيات أُعدَه مصدر إلهامٍ دائمٍ لي؛ وبفضل خبرتي وتواصلي مع الضيوف من مختلف الثقافات، أصبحتُ أفهمُ تفضيلاتهم، وأحرصُ على تقديم نكهاتٍ تُلائم الجميع دون أن أفقد هوية الطبق الأصلية. هذه البلاد احتضنتني بكل دفء ، أحسستُ في ربوعها بالأمن والأمان واستطعتُ أن أبدع وأتميَز.

مطعم في للشيف علي برجي تجسيدٌ لعشقه المطبخ اللبناني
مطعم في للشيف علي برجي تجسيدٌ لعشقه المطبخ اللبناني

كيف تصف أسلوبك العام في الطبخ؟

يقوم أسلوبي على البساطة والأصالة، مع لمسةٍ عصرية تُبرز المذاق الحقيقي لكل مكوّن. أحبُ أن يكون الطبق صادقًا، يروي قصة ويُثير المشاعر قبل أن يُقدَّم. أؤمنُ أن الطعام الجميل لا يحتاجُ لتعقيد، بل إلى شغفٍ وحب في التحضير.

ما هي الأدوات الأساسية للشيف الناجح برأيك؟

أهم الأدوات ليست السكاكين ولا القدور، بل الشغف والانضباط والصبر أولاً، كذلك القدرة على ايجاد وتدريب فريقٍ مميز يعملُ كيدٍ واحدة وعائلة منسجمة ثانياً. وأخيراً الحفاظ على النظافة والجودة والتوافق مع معايير الصحة والسلامة. هذه الصفات هي ما تصنعُ الفرق بين الطاهي العادي والطاهي المبدع؛ ومع ذلك، لا أنكرُ أهمية السكين الجيد، والنظام في مكان العمل، واحترامُ الوقت والمكونات.

ما الشيء الذي لا يمكنكَ الاستغناء عنه في المطبخ؟

التوابل والبهارات ، لأنها روح الطعم، والهدوء، وسر الإبداع. المطبخ بالنسبة لي ليس مكانًا للفوضى، بل مساحة للتفكير والتركيز، حيث يتحوّل المكوّن البسيط إلى تجربةٍ لا تُنسى.

كيف تديرُ الصراع والمنافسة بين طاقم المطبخ؟

يشبهُ المطبخ العائلة الكبيرة؛ نختلفُ أحيانًا، لكننا نُكمَل بعضنا البعض. أحاولُ دائمًا خلق بيئةٍ يسودها الاحترام المتبادل، حيث يكون التنافس إيجابيًا ويُحفّز الجميع على التطور. الأهم أن يشعر كل فردٍ في الفريق أنه جزءٌ من النجاح، لا مجرد موظف. وأنا دائما أخصصُ وقتا ً للاستماع للجميع سواء مقترحاتهم أو هواجسهم.

أصبحت التكنولوجيا سمة ًأساسية في كل مجال اليوم. برأيك، هل تؤثر إيجابيًا أم سلبيًا على الطبخ؟

التكنولوجيا أداةٌ رائعة إذا استُخدمت بحكمة؛ ساعدتنا على التنظيم، والدقة، والتواصل السريع. لكنها لا تستطيعُ أن تُعوّض روح الطبخ أو اللمسة الإنسانية. المذاق الحقيقي يُولد من اليد والقلب، لا من الآلة. لذلك أؤمنُ بالتوازن بين التكنولوجيا والعمل اليدوي مع انني أميلُ أكثر للعمل اليدوي؛ فأنا يستحيلُ أن أقبل بتقطيع أكلاتٍ معينة باستخدام الآلات، وأصرُ على التقطيع اليدوي.

أخيرًا، ما هي نصيحتكُ للطهاة الجدد والطموحين عبر موقع "هي"؟

أن يحبّوا ما يفعلون بصدق، وأن يتحلّوا بالصبر. النجاح في عالم الطهي لا يأتي سريعًا، بل يُبنى على تعبٍ وتجربة وأخطاء. لا تخافوا من الفشل، فكل طبقٍ غير ناجح هو خطوةٌ نحو الإتقان. والأهم، أن لا ينسوا أن الطبخ فنّ، لكنه أيضًا رسالة محبة وسعادة.