الدكتورة سهير حسن القرشي عميدة كلية دار الحكمة في حوار خاص بـ هي

حوار: عدنان الكاتب Adnan Al Kateb قد تختصر المعاني السامية في العنوان الرئيس لهذا اللقاء مع الدكتورة سهير القرشي الكثير من صفاتها، والكثير مما كنت سأقوله عنها، فمن تحمل وطنها معها، وتسعى لزرع حبه في نفوس الأجيال، لا بد أنها تحمل كل صفات الوفاء والحب والإخلاص والنجاح. عميدة كلية "دار الحكمة" المربية السعودية الفاضلة سهير حسن القرشي لا تحتاج إلى مقدمات طويلة وكلمات كثيرة للتعريف بها، فإنجازاتها التربوية والاجتماعية والتعليمية تتحدث عنها في كل مكان، ويكفيها فخرا ما تتناقله عنها الآلاف من الطالبات والخريجات وأهاليهن، ويكفيها فخرا أنها نجحت في أن تكون وجها مشرقا ومشرفا للمرأة السعودية في المحافل الدولية. حدثينا بداية عن حب الوطن الذي تأصل في نفسك كما ترددين دوما.. وكيفية سعيك جاهدة لتردي جزءا يسيرا مما أعطاك؟ حب الوطن فطرة في نفس الإنسان، فجميعنا نحب الوطن الذي احتضن طفولتنا، ورعى شبابنا، ونهلنا من خيراته. والله سبحانه وتعالى استخلفنا في هذه الأرض لعمارتها، وكيف بنا أن نعمرها دون أن نحبها ونحرص عليها. حب الوطن كلمة حولتها ويحولها كل إنسان في وطننا الحبيب عرف معنى (حب الوطن) الحقيقي إلى عمل وبناء .. نربي أبناءنا على المعنى الحقيقي لهذا الوطن الغالي الذي أعطانا الكثير، وأن عليهم أن يحملوه أينما كانوا عملا وجدا واجتهادا في رفعته. وفي كلية دار الحكمة أحمل الوطن معي، وأسعى وكل الكوادر المخلصة جاهدين لرد هذا الجميل، ونسعى لغرس حب الوطن في نفوس الطالبات من خلال استراتيجيات عدة منها: ربط رؤية ورسالة وأهداف الكلية بالخطة التنموية الوطنية لتحقق الأهداف المرجوة ولدفع عجلة التنمية بالمملكة، طرح برنامج أنشطة طلابية لا منهجية متميزة، يركز على الجوانب الخمسة لشخصية الطالبة (الديني والصحي والفكري والشخصي والاجتماعي)، وذلك بهدف صقل شخصيتها وإعدادها لسوق العمل، كما تحرص الكلية على جودة العملية التعليمية وذلك من خلال دورات تدريبية تطويرية لأعضاء هيئة التدريس والموظفات في الكلية سنويا، بهدف الارتقاء بأدائهن الوظيفي. ما الذي تغير في حياة الدكتورة سهير بعد لقائي الأول معها في العام 2009؟ تعلمت أن أكرس حياتي لمساعدة الآخرين، وأن أكون مسؤولة بالحب والتواضع. وتعلمت أن علي في خضم الصعوبات في حياتي أن أتمسك بقيمي، وأن القائد الماهر هو من يوقظ الهمة في أعضاء فريقه بالدعم والتشجيع والمساندة، ومن يشق طريقا جديدا يرى فيه الهدف واضحا جليا. وأن المؤسسات تعكس صورة كفاءات وطاقات منسوبيها، فعلينا استقطاب العقول المتميزة لها. وألا نكون ضحية إنجازاتنا، وتعلمت ألا أجعل علمي حكرا علي وأن أنفع به غيري. رغم النجاح الكبير الذي حققته "كلية دار الحكمة" والحضور الكبير أكاديميا وعلميا على المستويين العربي والعالمي ما زال هناك من يتهمها محليا بأنها منفتحة أكثر من اللازم: أولا: كيف تردين عليهم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل ذي نعمة محسود)، ونحن نعمل بإخلاص ونبتغي بذلك وجه الله، ولن نستطيع أن نُرضِي الجميع ولو حرصنا، ولذلك آثرنا أن نكون مع الله ولا نبالي. ثانيا: بخصوص هذا الاتهام: ماهي رسالتك لطالباتك ولأهالي الطالبات وللطاقم التدريسي والإداري الذي يعمل معك؟ أقول لهم: لله أشكو من أتى بالمنكر وبعرضنا سوءا يقول ويمتري إن كان فينا ما تقول فغيبة وإذا بهتّ فيا لهول المحشر يا ليت شعري كم هناك عفيفة قد طالها قذف وذم يعتري كم ألهبت بدموعها وجناتها لسماعها لغو الحديث الجائر يا زهرتي إن الحياة مواقف لا تحزني ودعي المقالة واصبري والله قد خسف الدنيء بلعنة ما دام يرمي المحصنات ويفتري أين النشامى من أشاوس قومنا قد هالنا ما قيل فينا فاثأري والدار تبقى دار علم شامخ وبناتها نور يرى من أظهر والحافظات لهديِ ربي بيننا يتلونه قربى لرب جابر يا رب حاسب من يجور ويعتدي وبعرضنا ظلما يبيع ويشتري والطف بنا أنت الملاذ وحسبنا واثأر لنا من حاقد متجبر ثالثا: ما أهم الإنجازات والنشاطات التي حققتها الكلية محليا وعربيا وعالميا؟ بفضل الله، كلية دار الحكمة هي من أوائل المؤسسات التعليمية التي حصلت على الاعتماد المؤسسي والبرامجي غير المشروط من الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي NCAAA. كما عقدت الكلية مجموعة من الاتفاقيات الأكاديمية مع كبرى المؤسسات البريطانية، مثل وحدة التعليم العالي البريطانية الدولية، وغرفة التجارة العربية البريطانية، ومؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة، وبنك جيتهاوس، ومازال العمل جارٍيا على إنهاء اتفاقيات مع جامعات عريقة في بريطانيا، مثل جامعة أكسفورد وجامعة إمبريال. أما إنجازات الطالبات، فإننا نفخر بفوز 9 من طالبات برنامج القانون بالمرتبة الأولى في مسابقة المحكمة الصورية الدولية لمنطقة الشرق الأوسط والتي عقدت في أبوظبي. رابعا: ما أبرز المشاريع التي تعملون عليها حاليا؟ وقعت الكلية اتفاقيات تعاون عدة مع كبرى المؤسسات التعليمية البريطانية والتي تعد إضافة مهمة لخطة نمو وتوسع الكلية. كما أود أن أنوه بأننا خلال العام الماضي افتتحنا مجموعة متميزة من البرامج الأكاديمية في تخصصات "التسويق – الموارد البشرية – العمارة – تصميم الأزياء – الماجستير في إدارة الأعمال" بعد موافقة وزارة التعليم العالي، وقد تم تطوير مناهجها بالتعاون مع أرقى الجامعات العالمية، مثل كلية هاس لإدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا بيركلي، وكلية العمارة والتخطيط بجامعة كولورادو، وكلية الفنون بجامعة لندن. أما على صعيد خدمة المجتمع، فنحن الآن في صدد إطلاق تطبيق "تاج الكرامة" لحفظ القرآن الكريم لأجهزة الآيفون والآيباد والذي يشجع على المنافسة على حفظ القرآن الكريم لجميع المستخدمين من مختلف دول العالم. وماذا عن كلية القانون التي كنتم تنوون افتتاحها لتخريج محاميات ذات كفاءة عالية بما يتماشى مع قيم الدين الإسلامي وثقافة المجتمع السعودي؟ بفضل من الله خرجت الكلية ثلاث دفعات من طالبات القانون بمجموع 51 طالبة، منهن من هي في طور إتمام دراساتها العليا في الخارج، ومنهن من بدأت العمل في المجال القانوني. وأحب أن أضيف أن طالبات القانون بكلية دار الحكمة يتميزن بصفات قيادية رائعة ولديهن حس عال للإنجاز. على سبيل المثال لا الحصر فازت مجموعة من طالبات القانون هذه السنة بالمركز الأول في مسابقة المحكمة الصورية على سبع دول في مسابقة المحكمة الصورية الدولية لمنطقة الشرق الأوسط، فأصبحن بذلك أول فريق سعودي يحقق هذا الإنجاز على مستوى الوطن. كيف تنظرين إلى الحراك الملموس على أعلى المستويات لتفعيل وتعزيز دور المرأة السعودية في كل المجالات؟ وما هي مطالبكن كأكاديميات ومربيات في هذا الحراك خصوصا بعد دخول هذا العدد الكبير من السعوديات إلى مجلس الشورى؟ وما هو دوركن أيضا في هذا الحراك؟ كما ذكرت في إحدى مقالاتي السابقة أن من أهم عناصر التحدي التي تعرقل التطوير المنشود هو الفهم الخاطئ لدور المرأة في المجتمع، والاستخفاف بأدائها ودورها. فالله سبحانه خلق المرأة والرجل ليكونا شقين متكاملين ومتماثلين ومتوازنين في الدور والعمل والثواب والعقاب. "النساء شقائق الرجال" حديث شريف. ولذلك لا يجوز لأحد الاستخفاف بها وبدورها الأساسي في نهضة المجتمع. ونحن في كلية دار الحكمة اختصرنا رسالتنا الطويلة في مجال التعليم العالي للمرأة إلى جملة واحدة، وهي "إعداد خريجة راعية رائدة قائدة"، لنحقق رسالتنا التربوية في تأهيل الأم الصالحة والرائدة الواعدة، والقائدة المحنكة في بيتها ومجتمعها. وأخيرا ونحن نستمع للأصوات الشابة في مجتمعاتنا، والتي لا تهاب أحدا إلا الله، ولا تخاف في الحق لومة لائم نقول: "نحن بخير"، وعلينا إتاحة دور كبير، وليس أكبر، لهن في صناعة أوطاننا في جميع المجالات. لنتحدث الآن عن الدكتورة سهير الأم والزوجة وربة البيت. كيف تلعبين هذا الدور؟ وكيف توفقين بينه وبين عملك؟ لا شك في أن التوفيق بين المنزل والعمل ليس بالأمر السهل، ولكنني أحاول أن أخصص أوقاتا محددة لأبنائي حين أكون في المنزل وأعطيهم جل اهتمامي. كما أسعى لأن أكون قدوة لهم بإنجازي في عملي كي يتخذوه منهجا لهم، ولا أنسى أن أذكر دعم والدتي الغالية والحبيبة، وزوجي الدائم لي ومساندتي في أصعب الأوقات وأعسرها. الحوار كاملا مع مجموعة من الصور تجدونه في العدد 234 من مجلة "هي".