ضعف التحصيل الدراسي... صداع للأبناء وحسرة للآباء

إعداد: أريج عراق
 
يبدأ الموسم الدراسي ويبدأ معه الصداع لكل الأطراف، الآباء والأبناء وحتى المدرسين وصناع العملية التعليمية، الآباء يضغطون ظناً منهم أنهم يصنعون مستقبل أبنائهم وأن لكل لحظة أهميتها وتأثيرها على هذا المستقبل، وربما كانوا على حق، إلا أنه في المقابل فإن الأبناء أيضاً يعانون من هذا الضغط المستمر، وربما يرونه غير مبرر، خصوصاً إذا كانوا بالفعل يبذلون أقصى طاقاتهم. ولا يختلف الأمر كثيراً مع المعلمين، الذين يتوجب عليهم التعامل مع أنماط مختلفة من التلاميذ، وإيصال المعلومة لكل منهم مع مراعاة الفروق الفردية ومستوى التحصيل المتباين بينهم، هذه المعضلة ثلاثية الأبعاد تحتاج إلى حل يشمل جميع الأطراف، لنصل إلى النتيجة المرجوة، والتي هي بالتأكيد تصب في صالح أبنائنا رجال ونساء الغد.
 
من ناحيته، حاول الباحث د. عبد الفتاح عبد الغني الهمص أستاذ الصحة النفسية المساعد في كلية التربية بالجامعة الإسلامية بغزة، الوقوف على أسباب هذه المشكلة ووضع حلول لها، من خلال تقديم تعريفات واضحة وتقسيمات محددة لعناصر المشكلة، تتمثل في خمسة أسئلة رئيسية تحتاج إلى إجابات، وهي:
 
-ماهية ضعف التحصيل الدراسي
-كيف نحدد ضعف التحصيل الدراسي؟
-ما أنواع ضعف التحصيل الدراسي؟
-ما أسباب ضعف التحصيل الدراسي؟
-ما الحلول المقترحة في علاج مشكلة ضعف التحصيل الدراسي؟
 
ولم تختلف تقسيمة الباحثة ناهد محمد عبد المنعم عن التقسيمة السابقة في بحثها عن طلبة المرحلة الإعدادية، وإن زاد تركيزها على أسباب ضعف التحصيل، والحلول الإجرائية لمعالجته، لنصل من هذا إلى النتائج المشتركة والمتفق عليها من أكثر من باحث وهي كالتالي:
 
أولاً: يُعرف ضعف التحصيل بأنه "حالة تأخر أو نقص في التحصيل لأسباب قد تكون عقلية أو جسمية أو اجتماعية أو انفعالية، بحيث تنخفض نسبة التحصيل دون المستوى العادي المتوسط بالنسبة لزملائه في سنه". وتعتبير الاختبارات المدرسية إحدى وسائل التقييم وليس كلها، ويجب تقسيم الاختبارات إلى نوعين، اختبارات ذكاء، للتأكد من المستوى العقلي والذهني للطفل، واختبارات قدرات، للوقوف على حجم قدرات هذا الطفل بالتحديد واستغلالها بأفضل الطرق.
 
ثانياً: تساعدنا هذه الاختبارات على تحديد نوع ضعف التحصيل لدى الطفل، وهل هو عام، أم خاص بمواد معينة، فهناك من يكون ضعيفاً في تحصيل المواد الأدبية بينما يتميز بالتفوق في المواد العلمية أو العكس، وهو ما تكشفه اختبارات القدرات، حتى يمكن توجيه طاقات الطفل في الاتجاه الصحيح، وبالتالي عدم الضغط عليه فيما ليس هناك فائدة منه، فتأتي النتائج عكسية بشكل عام، ويكره الطفل الدراسة والمدرسة.
 
أما أسباب ضعف التحصيل فهي متعددة ومتنوعة، فمنها ما يخص حالة الطفل العقلية أو الجسمانية أو النفسية أو الاجتماعية والبيئية، ومنها ما يخص ظروف المدرسة نفسها وعلاقة الطفل بزملائه ومدرسيه وطريقة التدريس وقلة الوسائل التعليمية المتاحة، وانحياز المدرس للطلبة المتفوقين وتجاهله للأقل تفوقاً، ومنها ما يخص علاقاته الأسرية وهو ما يندرج تحت بند الظروف الاجتماعية والبيئية.
 
كيفية علاج مشكلة ضعف التحصيل
بنفس الكيفية فإن الأطراف الثلاثة شريك أساسي في علاج هذه المشكلة بالتعاون فيما بينهم، ومن المنطقي أن يكون دور الأسرة والمدرسة أكبر من دور الطفل، بل هو الذي سيحدد كيفية تعاون الطفل مع كلا الطرفين.
 
أما أول خطوة فهي بالتأكيد معرفة نوع هذا الضعف، ويقوم بتحديده مرشد نفسي تابع للمدرسة (يفضل هذا) للوقوف على مناطق قوة الطفل واستغلالها في مقابل مناطق الضعف، كذلك فإن استخدام الحافز أفضل كثيراً من استخدام الضغط الذي يؤدي لضعف الثقة بالنفس، وهذا الأمر مشترك بين الأسرة والمدرسة، أيضاً يجب على المدرس مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ، وأن يكون مؤهلاً للتعامل مع الأنماط المختلفة لهم، وعدم إهمال الطالب الأقل لصالح الطالب الأفضل، أما بالنسبة للأسرة فينبغي ألا تزيد من الضغط على الطفل بإشراكه في كثير من الأنشطة الرياضية والمهارية على حساب تحصيله الدراسي، فقد يكون لهذا تأثير سلبي كبير عكس المتوقع، خاصة مع تحديد إمكانيات الطفل، ولا ينبغي أن نغفل بشكل عام عن اهتمامات الطفل نفسه وميوله، وتشجيع ذلك ودعمه، كذلك فإن مراعاة الحالة الصحية للطفل أمر شديد الأهمية، مثل ضعف الإبصار أو السمع، ووضع الطفل في المكان المناسب له في الفصل وفقاً لحالته تلك، مثل الجلوس في الصف الأول، أو على اليمين أو على اليسار، ولا ننسى بالتأكيد ضرورة التواصل بين المدرسة والأسرة لمتابعة الطفل، وتقديم الدعم المناسب له.