هل أثر الابتعاث على منظومة القيم للمبتعثين والمبتعثات؟

لاحظ المختصون والمتابعون للواقع القيمي للطلاب والطالبات العائدين من الابتعاث الخارجي، بروز عدة ظواهر تشي بعدم امتثال البعض منهم، لقيمنا ومعاييرنا الأخلاقية، والإجتماعية، وذلك نتيجة احتكاكهم بثقافات وبيئات إجتماعية مختلفة، ما يضع برنامج الابتعاث والقائمين عليه والشباب المبتعثين أمام مشكلة تستوجب البحث عن حلول، حرصاً على استمراره، ونجاحه في تحقيق أهدافه بالصورة المرسومة له.
 
وفي دراسة جديدة صادرة عن كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز للقيم الأخلاقية، بجامعة الملك عبد العزيز، تم تسليط الضوء على هذه المشكلة، حيث تتقصى الدراسة "التغير القيمي لدى العائدين من الابتعاث الخارجي في ضوء بعض المتغيرات النفسية والديموغرافية" ومستوى التزامهم بمنظومة القيم الاجتماعية، والسياسية، والدينية والجمالية، والاقتصادية، والنظرية، وتحديد أسباب تباين التأثر في منظومات القيم، طبقاً لاختلاف بعض المتغيرات الديموغرافية، كاختلاف جنس المبتعث، والحالة الاجتماعية، ومدة الابتعاث، والمؤهل العلمي، وبلد الابتعاث، وتفاوت مستويات المسايرة الإجتماعية، والانتماء الوطني، والمسئولية الإجتماعية.
 
أهمية الدراسة 
تأتي أهمية الدراسة من كونها الأولى من نوعها على المستوى المحلي، والإقليمي، وبالتالي فقد تكون نواة لدراسات مستقبلية، تتناول تقييم مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وتساهم في تقديم مؤشرات غير مباشرة على مدى فاعلية البرامج المعتمدة في إعداد المبتعثين، خصوصاً ما يتعلق بتعزيز الجانب القيمي، والانتماء الوطني، ما يستدعي الاهتمام بتطوير تلك البرامج مستقبلاً، واقتراح برامج تدريبية للمبتعثين، والعائدين، في ضوء نتائج البحث.
 
أجريت الدراسة على عينة من المبتعثين مؤلفة من (476) طالباً وطالبة، 72,2%  ذكور، و27،3% إناث، أتموا دراساتهم في أربع دول غربية مختلفة، واعتمدت المنهج الوصفي، عبر إجراء استفتاءات تمت صياغتها على شكل دلالات قيمية محددة. 
 
نتائج الدراسة
تشير نتائج البحث إلى أن منظومة القيم لدى الطلاب العائدين من الابتعاث سجلت انحرافاً معيارياً في ما يتعلق بالقيم الدينية بالدرجة الأولى، ومن ثم بالقيم الإقتصادية، فالقيم النظرية، ثم القيم الإجتماعية، فالسياسية، وأخيراً القيم الجمالية. 
 
توصيات الدراسة  
1- ضرورة إعادة التفكير في شروط ومواصفات الطالب الراغب في استكمال دراسته الجامعية، خاصة من حملة الشهادة الثانوية.
 
2- ضرورة اتباع آليات جديدة في تهيئة الشاب السعودي للدراسة في الخارج، على أن تعمل تلك الآليات وفق هدف قيمي يهتم بزيادة وعي الطالب والطالبة بالتحديات الثقافية والقيمية والاجتماعية، أكثر من مجرد الاهتمام بزيادة الوعي بمتطلبات الدراسة الجامعية. 
 
3- ضرورة إعادة بناء برامج تهيئة الطلاب المبتعثين، وتكثف محتواها القيمي على نحو يكفل للطالب المبتعث امتلاك أدوات وأساليب واستراتيجيات المناعة النفسية، ضد التحولات القيمية والحضارية السلبية، المخالفة للمقومات والتصورات الإسلامية والوطنية.
 
4- ضرورة تفعيل وتعزيز أدوار الملحقيات والأندية السعودية المعنية برعاية الطلاب المبتعثين، على نحو يسهم في تعميق الشعور بالمسئولية الإجتماعية، والانتماء الوطني، وذلك عبر برامج   ودورات تدريبية وأنشطة إجتماعية وثقافية، تسهم بدورها في ربط الطالب المبتعث، بثوابت وقيم وطنه وأمته. 
 
5-ضرورة أن يعمل القائمون على برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وبالتعاون مع الملحقيات والقنصليات والسفارات السعودية على إيجاد طريقة لتوزيع الطلاب السعوديين، على نحو يعزز من نسب تواجدهم الإجتماعي، وعدم إغفال مقتضيات ومصلحة وجودة العملية التربوية.
 
6- ضرورة التأكيد على عِظَم الأدوار المنوطة بمؤسسات التربية والتعليم في السعودية، فهي مطالبة بضرورة تبني استراتيجيات وطنية وتربوية تعنى بتنمية المسؤولية الإجتماعية، والمسايرة الإجتماعية، والانتماء الوطني، في نفوس الشباب السعودي دون استثناء. 
 
6- إجراء المزيد من الأبحاث في البيئة العربية والسعودية حول التأثيرات الإيجابية والسلبية للابتعاث الخارجي على المستوى الإجتماعي، والمعرفي، والاقتصادي، بما يعزز الأهداف السامية لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.