عبد الرحمن الزياني

خاص "هي": عبد الرحمن الزياني... قصة أحد أبرز جامعي المجوهرات الرياديين في الشرق الأوسط

مجلة هي

إعداد: VALENTINA MARIANI

أحد أبرز الجامعين الرياديين في الشرق الأوسط هو "عبد الرحمن الزياني" المقيم بين البحرين ولندن. على مر السنين، بنى مع عائلته مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية التي تجتاز العصور، من العالم الإسلامي التاريخي وصولا إلى حركات الفنون والتصميم العالمية الحديثة والمعاصرة. وقد أطلق قبل بضع سنوات الخدمة الاستشارية الفاخرة "A2Z" التي تساعد عملاءها من القطاع الخاص في نيويورك ولندن والخليج الذين يريدون توسيع مجموعاتهم الفنية ومجوهراتهم. في شهر يناير، التقينا به في دبي، حيث تعاونت "A2Z" للسنة الثالثة على التوالي مع مزادات "كريستيز" الخاصة، لتقديم معرض رائع بعنوان "جمال اللون.. معرض لبيع الجواهر والماسات الملوّنة"، حيث لمعت وتلألأت تشكيلة باهرة من الدرجات الصفراء الجذابة والزرقاء الحادّة والوردية الحيوية والخضراء الأنيقة، منبثقة من أحجار مدهشة مثل الزمرد الشفاف والياقوت الناري والصفير المخملي، وراسمة لوحة لا نهاية لها من الألوان النفيسة.

عبد الرحمن الزياني

ما القطعة الأبرز في هذا المعرض برأيك؟ ولماذا؟

لا شك في أنها الماسة باللون الوردي الكثيف، وعيارها ٢٠ قيراطا، فالمرّة الأخيرة التي شوهدت فيها قطعة مثلها كانت في عام ٢٠١٣ مع دار "كريستيز" في هونغ كونغ. وسعر عرض هذا الحجر الجميل والمهم هو ٢٥ مليون دولار.

خبرتك في هذا المجال تمتد على مدى أكثر من عشرين سنة صقلتَ خلالها نظرتك الثاقبة واهتمامـــــك بالتفاصيــــــل وتقديرك العميق للجماليات الثقافية. متى قررت البدء بجمع المجوهرات؟

ترعرعـــت في البحرين، وأمضيت سنوات دراستي الجامعيــــــة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وخلال تلك الفترة في لندن بدأت حضور مزادات المجوهرات، وهو ما أشعل شرارة رحلة طويلة أدّت إلى إنشاء خدمة "A٢Z". لكن بذور هذه الرحلة زُرعت فعليا قبل ذلك بكثير، حين كنت صغيرا.

عبد الرحمن الزياني

عبد الرحمن الزياني

لماذا؟ ما أولى ذكرياتك عن عالم المجوهرات؟

أتذكّر كيف كان بعض أقاربي يتزيّنون بأروع قطع المجوهرات، ويسافرون بين لندن والبحرين وهم يحملون في أيديهم مصابيح مصنوعة من الزجاج الرقيق أو الكريستال لأنهم كانوا خائفين عليها لهشاشتها. هذه هي الذكرى الأولى المحفورة في ذهني عن هذا الموضوع، وأيضا اللحظة الرئيسة التي بدأ ينمو فيها حبّي وتقديري لكل ما هو "ثمين" ، والذي لا يعني بالضرورة "باهظ الثمن" ، لأن التعلق العاطفي بالأشياء يجعلها أعلى قيمة من قيمتها التجارية الفعلية.

إلى جانب المزاد الخاص الذي أقيم في دبي، جرى أيضا معرض "عطايا" في قاعة المارينا ضمن مركز أبوظبي الوطني للمعارض. حدثنا عنه.

هو حدث خيري سنوي تحت رعاية سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان. يمثّل هذا المشروع مزيجا من الابتكار والإلهام الثقافي، منطلقا من رمزية اللون البنفسجي الذي يعكس الحكمة والإبداع والملوكية والقوة والفخامة. فتلاقي روحانية الدرجات الأرجوانية احتفاء جميلا بالفنون والحرف الشرق أوسطية، مع تحية إلى التاريخ الغني لدار المجوهرات المرموقة "كارتييه" المتأثرة بشدة بالعالم الإسلامي، كما يتّضح لنا في معرض استثنائي ينظّمه متحف اللوفر أبوظبي. وقد دعونا زوّار المعرض إلى اختبار وقع هذا الانصهار الفريد من خلال مجموعة مختارة خصيصا من قطع المجوهرات الراقية، ترافقهم في رحلة غامرة، وتغازل تقاطع التراث والإبداع.

عبد الرحمن الزياني

عبد الرحمن الزياني

ما هدف "A٢Z"؟

مع "A٢Z" أريد تقديم نهج شخصي في التعامل مع اختيار المجوهــــــــــرات والأعمال الفنّيــــــــــة. يتجلّى التزامي بالأصالــــــــــة والحرفية والسرد القصصي في كل جانب من جوانب عملي، الذي أوجّه من خلاله هواة الجمع المتمرسين والوافدين الجدد إلى هذا المجال عبر عالم الفن والمجوهرات المعقد والدقيق. التجربة مشوقة، لأنها تتيح لي الاستمرار في تثقيف نفسي، ومشاركة ما تعلّمته مع العالم. ولا شك في أن رحلاتي المتتالية بين المملكة المتحدة والشرق الأوسط تلعب دورا رئيسا في صياغة المنظور الذي أحتاجه لمواصلة مشاريعي.

تجمع أيضا الأعمال الفنية. ومع دار "سوذبيز" في لندن، بعت في العام الفائت أكثر من ٨٠ عملا من مجموعتك الخاصّة من أعمال لفنانين شرق أوسطيين من أجيال وأساليب مختلفة. من الرائع أن تحظى بفرصة التعاون مع اثنتين من أكبر دور المزادات في العالم "كريستيز" و"سوذبيز". كيف كان ذلك المزاد؟

كان جيدا جدا. أتت المجموعة المؤلفة من ٩٢ عملا من كل أنحاء المنطقة (من مصر وإيران والعراق ولبنان وشمال إفريقيا وسوريا والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة)، وتنوّعت فئاتها متأرجحة بين اللوحات والرسمات والمنحوتات والأعمال المتعددة الوسائط. لقد منحتني هذه التجربة فرصة الإضاءة على حيوية البيئة الفنية الإماراتية، وأنا فخور بأن أشهد هذا التطور وأن أكون جزءا منه، مقيما في منطقة أصبحت الآن واحدة من أبرز المراكز الثقافية العالمية.

عبد الرحمن الزياني

في حياته الشخصية، يعشق "عبد الرحمن" الهدوء الذي يختبره في إيبيزا، ويستمتع برفقة أصدقائه وعائلته. أما احترامه لهواة الجمع الصامتين والمحترفين المجتهدين في هذا المجال، فهو مرآة عاكسة لمقاربته الخاصة في جمع الأعمال الفنية، وهي مقاربة مدروسة وثاقبة ومرتبطة ارتباطا عميقا بقصة كل قطعة.