تزايد الجهود لتخفيف اعباء مرضى السرطان في اليوم العالمي للسرطان

في اليوم العالمي للسرطان.. تزايد الدعوات والجهود لتخفيف عبء المرضى

جمانة الصباغ

يوم 4 فبراير من كل عام، هو يومٌ لا يمرَ مرور الكرام، بل يُمثَل فرصَة ذهبية للتوعية من مرض السرطان وبذل المزيد من الجهود لتجنيب الناس هذا المرض الخبيث الذي أودى بحياة الملايين حول العالم، كبارًا وصغارًا.

ويبدو أن الجهود الحثيثة التي يعمل عليها الأطباء وخبراء الصحة، وكذلك حملات التوعية بضرورة الفحص الطبي للكشف المبكر، باتت تؤتي ثمارها بالرغم من المشاكل الطارئة التي قد تعصف بنا بين الحين والآخر، كما كان الحال مع جائحة كوفيد-19 التي أعاقت الكثير من عمليات العلاج لمرضى السرطان، وأخذت من حصصهم في العلاج والمتابعة بمقابل التركيز على مرضى فيروس كورونا.

وبحسب البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فقد تمَ تشخيص أكثر من 20 مليون مصاب بالسرطان في العالم سنة 2021. وتساعد وسائل التشخيص المبكر والعلاجات المتطورة في زيادة إمكانية السيطرة على مرض السرطان، بل وتزيد من فرص بقاء المرضى على قيد الحياة وتعافيهم خصوصاً في حال الكشف المبكر عن الإصابة.

تركَز حملة التوعية من مرض السرطان هذا العام على شعار "سد فجوة الرعاية" كونها المشكلة التي يواجهها العديد من مرضى السرطان في بعض الدول. وقد بدأت هذه الحملة منذ عامين وتستمر هذا العام أيضًا، للتركيز على أهمية المساواة بين مرضى السرطان سواء في الحصول على الرعاية الطبية أو توفير الأدوية والعلاجات الضرورية لمرضهم.

وقد أطلق هذه الحملة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، بهدف توحيد كافة الجهود ومساعدة الناس في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة خاصة مرضى السرطان، إضافة لتوفير أنظمة غذاء صحية بأسعار رمزية في المدارس، لحماية الصغار من خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة التي قد تسبب بمرض السرطان، مثل السمنة.

الكشف المبكر وتحديد الجينات المتوارثة للسرطان يساعدان في الحد من الاصابة بالمرض
الكشف المبكر وتحديد الجينات المتوارثة للسرطان يساعدان في الحد من الاصابة بالمرض

ماذا نعرف عن مرض السرطان

بحسب ما أفاد موقع "مايو كلينك"، يشير السرطان إلى أي مرض ضمن عدد كبير من الأمراض التي تتميز بتطور خلايا شاذة (خبيثة) تنقسم بطريقة لا يمكن السيطرة عليها، ولديها القدرة على التسلل وتدمير أنسجة الجسم الطبيعية. وتكون للسرطان في كثير من الأحيان القدرة على الانتشار في جميع أنحاء الجسم.

السرطان هو السبب الرئيس الثاني للوفاة في العالم. لكن معدلات البقاء على قيد الحياة تتحسن لأنواع كثيرة من السرطان بفضل التحسينات التي تشهدها طرق الكشف عن السرطان وعلاجه والوقاية منه.

لهذا المرض أنواعٌ مختلفة ومتعددة، لذا يتم تمييز كل واحد منها بلون مميز. فاللون الوردي مثلاً يؤشر لمرض سرطان الثدي، واللون الأزرق يدل على مرض سرطان البروستاتا عند الرجال، وهكذا دواليك.

ونقل موقع "سكاي نيوز عربية" عن الدكتور اسماعيل البدوي، استشاري ورئيس وحدة جراحة الأورام النسائية وجراحة المناظير والرجل الآلي في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، قولهالتالي عن مرض السرطان:

  • السرطان مرضٌ يصيب عدة أعضاء من الجسم كباقي الأمراض، وحين يتم تشخيصه وعلاجه في مرحلة مبكرة وبشكل صحيح، لا يُشكَل خطرًا كبيرًا على الصحة.
  • في حال انتشار السرطان في الجسم والتسبب بأضرار كبيرة، يصبح العلاج أصعب وكذلك مدة وفاعلية التعافي من المرض.
  • بالنسبة للكشف المبكر، هناك بعض المقاييس العالمية التي في حال التزم بها الإنسان، فإن المصاب بالسرطان لديه فرصٌة أكبر للشفاء والنجاة من تداعيات المرض على المدى الطويل.

وفيما يخص الإجراءات الفعالة للوقاية من بعض أمراض السرطان، يقدم الدكتور البدوي النصائح التالية:

تطوير طرق الرعاية المخصصة يسهم في زيادة نسب التعافي من السرطان
تطوير طرق الرعاية المخصصة يسهم في زيادة نسب التعافي من السرطان
  • لحماية النساء من سرطان عنق الرحم، يجب إجراء مسحة عنق الرحم مرة واحدة كل 3 سنوات.
  • في حالة سرطان الثدي، يجب على المرأة إجراء الفحص مرة واحدة كل عام بعد بلوغها سن الخمسين.
  • لتجنب الإصابة بسرطان القولون، ينصح الدكتور البدوي بإجراء فحص وقائي كل 5 سنوات.

ويضيف استشاري الأورام النسائية إلى أن صعوبة السرطان ليست في صعوبة علاجه، وإنما في سمعته السيئة التي يخشى منها الكثيرون. لكن الكشف عن الجينات الوراثية للسرطان في مرحلة مبكرة، هو أفضل السبل لرصد احتمال الإصابة بالمرض مستقبلًا، وبالتالي قيام الشخص العرضة للسرطان بكافة الفحوصات الطبية الدورية واتخاذ كافة الإحتياطات الوقائية ومنها استئصال عضو ما مثلًا، كاستئصال الرحم أو الثدي في حالتي سرطان عنق الرحم أو سرطان الثدي، لتجنب الإصابة في المستقبل.

وطمأن الدكتور البدوي أن علاجات السرطان حاليًا تشهد الكثير من التطور، إن لجهة العملياتالتي باتت تُجرى بتوجيه أكبر لاستهداف الورم دون تعريض المريض لآثار جانبية كبيرة؛ أو لجهة الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة المتمثلة في المناظير المتطورة والروبوتات للكشف المبكر عن الأورام وعلاجها في مرحلة مبكرة.

الطب الدقيق والرعاية المخصصة يُحدثان تحولًا جذريًا لعلاج السرطان في المنطقة

تحت شعار حملة اليوم العالمي للسرطان لعام 2023 "توحيد الأصوات واتخاذ الإجراءات"، عقدت الجمعية الأمريكية لبحوث ومُصنَعي المنتجات الدوائية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، والتحالف الدولي لمنظمات المرضى وتحالف الرعاية المخصصة للسرطانندوة حوارية افتراضية لمناقشة دور الرعاية المخصصة للسرطان في بثّ أمل جديد للمرضى.

وتناولت الندوةلمساهمات الطب الدقيق والرعاية المخصصة للسرطان في إحداث ثورة في علاج السرطان، وكيف يؤثر ذلك في طريقة توفير الرعاية للمرضى وتحسين جودة حياتهم.ويهدف هذا النموذج إلى توفير العلاج في الوقت المناسب بما يخدم الهدف النهائي في تحقيق أفضل النتائج، وتحسين سلامة المرضى، والحدّ من مخاطر الانتكاس.

تُبشَر الرعاية المخصصة للسرطان المقترنة بأساليب الطب الدقيق، بتحسين قرارات العلاج للمرضى المصابين بأنواع معينة من السرطان، هذا ما أكدت عليه جيرترود إيكارت، رئيسة الفريق المعني بسياسة الأورام لمنطقة شرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، في شركة "ميرك شارب ودوم" ورئيسة فريق تنفيذ سياسة الأورام في لمنطقة الجمعية الأمريكية لبحوث ومصنعي المنتجات الدوائية في شرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا. مضيفًة أن مؤسستها تسعى جاهدًة للتوعية بنموذج الرعاية الصحية المُخصصة لتقليل أعداد الوفيات الناجمة عن مرض السرطان والتي وصلت لنحو 10 ملايين في العام 2020، أي بمقدار وفاة واحدة من كل 6 وفيات.

تزايد الجهود لتخفيف اعباء مرضى السرطان في اليوم العالمي للسرطان
تزايد الجهود لتخفيف اعباء مرضى السرطان في اليوم العالمي للسرطان

من جهتها، دعت هناء شعًار شعيب، عضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان ومدير عام مركز سرطان الأطفال في لبنان، جميع السلطات المختصة لاتخاذ إجراءات الوقاية من السرطان والتوعية به، وذلك للمساهمة في تحقيق النتائج المرجوة بتقليل الوفيات وزيادة معدلات الشفاء.

الانتقال بمرضى السرطان لنظام أكثر شمولية

بدوره، شدَد الدكتور غاي فونز، رئيس آلية التنسيق العالمية التابعة لمنظمة الصحة العالمية بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، على ضرورةالانتقال من النموذج الحالي لرعاية مرضى السرطان كأفراد إلى نظام شامل يشارك فيه المرضى كشركاء فاعلين في عملية العلاج. مشيراً إلى ضرورة اتباع نموذج صحي يضمن حقوق الفرد في الحصول على خدمات الرعاية الصحية مع الاستعانة بتجاربهم وخبراتهم ورؤاهم الشخصية حيال المرض لصياغة طيف كامل من الخدمات الصحية عبر مراحل التوعية والوقاية والعلاج والرعاية التلطيفية. ما قد يضمن في نهاية المطاف، كفاءة واستدامة أنظمة الرعاية الصحية وقدرتها على الارتقاء بصحة الجميع دون استثناء.