تأكيد على أهمية إجراء الفحوصات الخاصة بالسرطان حتى بدون تاريخ عائلي للمرض

يشكل اليوم العالمي للسرطان الذي يصادف اليوم 4 فبراير، مناسبة سنوية مهمة لزيادة الوعي حول العوامل المتعلقة بنمط الحياة والتي تزيد من خطر الإصابة بمرض السرطان إلى جانب تسليط الضوء على أهمية الكشف المبكر عن المرض وعلاجه من خلال الفحوصات الموصى بها، فضلاً عن الحاجة المستمرة لإجراء المزيد من الأبحاث حول مرض السرطان.

ومع وجود حوالي 18 مليون حالة إصابة بمرض السرطان وحوالي 10 ملايين حالة وفاة ناتجة عن المرض سنوياً في جميع أنحاء العالم، يمكن لزيادة الوعي حول أهمية إجراء الفحوصات بشكل منتظم أن تساهم في إنقاذ حياة ملايين الأشخاص.

وفي هذا السياق، شدّد الدكتور ديل شيبرد، أخصائي الأورام في قسم أمراض الدم والأورام في مستشفى كليفلاند كلينك في أوهايو بالولايات المتحدة على أهمية التزام الأفراد بالتوصيات المتعلقة بإجراء الفحوصات المحددة للكشف عن مرض السرطان بشكل دوري ومنتظم، وإبلاغ الطبيب في أقرب وقت عن أية أعراض غير عادية، وذلك بغض النظر عما إذا كان الشخص لديه تاريخ مرض عائلي لنوع معين من السرطان.

وقال الأخصائي البارز أنه كثيراً ما يلتقي بمرضى مصابين بأنواع مختلفة من مرض السرطان، ممن لم يأخذوا الإرشادات المتعلقة بأهمية إجراء الفحوصات أو لم يبلغوا عن أعراض غير اعتيادية على محمل الجد، معتقدين أنهم ليسوا في دائرة خطر الإصابة بمرض السرطان لأن ليس لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.

الفحص ضروري حتى مع عدم وجود تاريخ عائلي للمرض

ولفت الدكتور شيبرد إلى أنه في حين أن معرفة التاريخ العائلي لمرض السرطان مهم للغاية لتحديد العمر الذي يجب أن يبدأ فيه الفرد بإجراء الفحوصات اللازمة للكشف عن مرض السرطان، إلا أنه في غالبية حالات الإصابة بالسرطان التي تم تشخيصها، لم يكن لدى المرضى تاريخ عائلي للمرض.

وقال الدكتور شيبرد: "بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن ما بين 30-50٪ من جميع حالات الإصابة بالسرطان يمكن الوقاية منها. ويمكن للتغييرات البسيطة نسبياً في نمط الحياة أن يكون لها تأثير كبير في المساعدة على الوقاية من الإصابة بمرض السرطان، وتشمل هذه التغييرات الحفاظ على وزن صحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع خطة غذائية صحية للقلب مثل حمية البحر الأبيض المتوسط ​. وترتبط أنواع معينة من مرض السرطان مثل سرطان القولون بزيادة استهلاك اللحوم الحمراء، في حين ترتبط السمنة بالعديد من أنواع مرض السرطان، وقد لوحظ أن للنشاط البدني تأثير إيجابي في الحد من مخاطر الإصابة بمرض السرطان بشكل عام".

عوامل الخطر المرتبطة بالسرطان

وبيّن الدكتور شيبرد أن عوامل الخطر الشائعة الأخرى التي يجب تجنبها أو على الأقل التقليل منها، تشمل تناول التبغ والكحول، حيث يرتبط كلاهما بعدد كبير من أنواع مرض السرطان.

فالتدخين، على سبيل المثال، ليس فقط عامل خطر للإصابة بمرض سرطان الرئة والمريء، ولكنه مرتبط أيضاً بأنواع أخرى من مرض السرطان بما في ذلك سرطان المثانة، حيث يشكل التدخين عامل خطر رئيسي بسبب تواجد المواد المسرطنة في البول. وتقدّر منظمة الصحة العالمية أن التبغ مسؤول عن 25٪ على الأقل من جميع الوفيات الناتجة عن مرض السرطان على مستوى العالم.

منوهاً إلى أن اتّباع نمط حياة صحي يعتبر أمراً في غاية الأهمية حتى في حال تم تشخيص إصابة الفرد بمرض السرطان، فمن المرجح أن تكون نتائج العلاج أفضل إذا كان المريض لائقاً صحياً قدر الإمكان عند شروعه في جلسات العلاج، كما أن اتباع نمط حياة صحي يساعد أيضاً في تقليل احتمالية انتكاس المريض مرة أخرى. كذلك فإن التغييرات الصحية في نمط الحياة لها تأثير إيجابي كبير في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري.

وتابع الدكتور شيبرد: "بالإضافة إلى التعديلات والتغييرات المتعلقة بنمط الحياة، يمكن للأفراد حماية أنفسهم من خلال الإلتزام بإجراء الفحوصات الموصى بها للكشف المبكر عن مرض السرطان وبدء العلاج مبكراً، الأمر الذي يساهم في تحسين النتائج النهائية. فعندما يتم اكتشاف الإصابة بالمرض مبكراً، يكون الورم السرطاني موضعياً ولم ينتشر بعد لأجزاء أخرى من الجسم، ويمكن نظرياً إزالتها تماماً من خلال العلاج الإشعاعي أو الجراحة، ولكن إذا تم تشخيص مرض السرطان في المرحلة 4 - بمعنى أنه قد انتشر بالفعل في جميع أنحاء الجسم - فستكون هناك حاجة لأحد أشكال العلاج الكيميائي والذي يتم من خلاله علاج الجسم بأكمله بأدوية يمكنها التحكم في نمو الورم والأعراض المرتبطة به، إلّا أنه سيكون من الصعب إزالة الورم السرطاني بأكمله".

التطورات المستقبلية لعلاج السرطان

وقال الدكتور شيبرد: "من المحتمل أن يتم الإعتماد على الإختبارات الجينية مستقبلاً لتحديد الأشخاص الذين ربما يستفيدون بشكل أفضل من الفحوصات الخاصة بالكشف عن مرض السرطان. وسيكون هذا مفيداً بشكل خاص للمرضى الذين يصابون بمرض سرطان القولون في العشرينات والثلاثينيات من العمر، لأن هذه الفئات العمرية لا يتم فحصها عادة للكشف عن مرض سرطان القولون".

وأضاف: "نقدم في "كليفلاند كلينك" للمرضى منصة اختبارات جينية متقدمة كمعيار للرعاية. ونحن نتعلم المزيد عن مرض السرطان على مستوى الحمض النووي، لذلك من المحتمل أن نعالج السرطان في المستقبل بناء على خصائص الورم نفسه، بدلاً من منطقة الجسم التي يوجد فيها. ونجري حالياً تجارب سريرية لاختبار العلاجات التي قد تستهدف هذه التغييرات الجينية التي يتم التوصل إليها من خلال الاختبارات الجينية".

ومن بين التطورات الأخرى في الفحوصات الخاصة بالكشف عن مرض السرطان، أشار الدكتور شيبرد إلى أن مستشفى كليفلاند كلينك شارك، مؤخراً، في تجربة لتقييم الاستخدام السريري لاختبار جديد عن طريق الدم يمكنه اكتشاف أكثر من 50 نوعاً من مرض السرطان في مراحله الأولى، حيث يمكن العمل على توسيع هذه الأنواع من الإختبارات وتطويرها.

واختتم قائلاً: "لهذا السبب يُعد اليوم العالمي لمرض السرطان مهماً للغاية ليس فقط في تسليط الضوء على طرق الوقاية وأهمية إجراء الفحوصات، وإنما في زيادة الوعي حول الحاجة المستمرة لمزيد من الأبحاث المتعلقة بمرض السرطان".