جراحة السمنة لمرضى الكبد الدهني تحد من مضاعفات القلب الخطيرة

تُعد السمنة من أبرز العوامل المؤدية لتطور مرض الكبد الدهني، المعروف بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي. ويتسبب تراكم الدهون في الكبد في حدوث التهابات قد تؤدي إلى تلف هذا العضو. ومع تقدم المرض، تتشكل أنسجة متندبة أو متليفة في الكبد تعيق عمله بشكل صحيح. وقد يتحول الضرر الدائم في الكبد إلى الإصابة بتليف الكبد، ما يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، الأمر الذي قد يتطلب زراعة الكبد للبقاء على قيد الحياة.

ويرتبط الكبد الدهني والتهاب الكبد الدهني غير الكحولي، ارتباطًا وثيقًا بالإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، كالنوبات القلبية والقصور القلبي (فشل القلب).

وقد لا يعاني المصابون بالكبد الدهني من أعراض ملحوظة في البداية، لذا يلزم أخذ خزعة الكبد في بعض المرضى لتشخيص المرض بدقة وتقييم شدته. أما التهاب الكبد الدهني غير الكحولي فيلزم إدارته وفق نهج متعدد التخصّصات لمنع تطور إصابة الكبد وتقليل المخاطر المستقبلية للإصابات القلبية والوعائية. لكن لا توجد حاليًا أية علاجات طبية معتمدة لهذا المرض، ولم يظهر أي علاج يقلل من مخاطر الإصابات القلبية والوعائية أو يمنع تطور التهاب الكبد الدهني غير الكحولي لدى المصابين به.

وقد أظهرت دراسة طبية أجراها مستشفى كليفلاند كلينك، أن المرضى المصابين بالسمنة ومرض الكبد الدهني المتقدم والذين خضعوا لجراحة إنقاص الوزن أو جراحة السمنة، استطاعوا الحد من خطر تعرضهم لمخاطر تطور مرض الكبد وحدوث مضاعفات قلبية ووعائية في المستقبل، مقارنة بالمرضى الذين لم يخضعوا لتلك الجراحة.

ووجدت الدراسة ارتباطًا وثيقًا بلغت نسبته 88% بين جراحة السمنة وانخفاض خطر تطور الإصابة بالكبد الدهني إلى تليف الكبد أو سرطان الكبد أو حدوث الوفاة المرتبطة بالكبد. كما ارتبطت جراحة السمنة بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الخطرة، كالنوبات القلبية والسكتة الدماغية لدى هؤلاء المرضى، بنسبة 70%. وقد نُشرت نتائج الدراسة في دورية الجمعية الطبية الأمريكية على الإنترنت.

جراحة السمنة خيار علاجي لمرضى الكبد الدهني

ترتبط امراض الكبد بامراض القلب والاوعية الدموية

وأشار الدكتور علي أمينيان، مدير معهد السمنة والتمثيل الغذائي التابع لكليفلاند كلينك والباحث الرئيس في الدراسة، إلى عدم وجود دواء معتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لمرض الكبد الدهني، واصفًا نتائج الدراسة بالمذهلة، وبأنها تقدم دليلًا قويًا على ضرورة اعتبار جراحة السمنة "خيارًا علاجيًا فعالًا للمرضى المصابين بالكبد الدهني المتقدم والسمنة".

وتمثل الهدف من الدراسة التي سُميت "الإجراءات الجراحية والفاعلية طويلة المدى في مرض التهاب الكبد الدهني غير الكحولي ومخاطر السمنة"، والتي تُعرف اختصارًا بالاسم SPLENDOR، في التحقيق بالعلاقة طويلة الأمد بين جراحة السمنة والمخاطر المستقبلية لتطور تليف الكبد وتطور الإصابات القلبية والوعائية الخطرة لدى مرضى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي والسمنة.

تفاصيل الدراسة

درس الباحثون حالات 1,158 مريضًا بالغًا مصابًا بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي ممن أجريت لهم فحوص بخزعة الكبد بين العامين 2004 و2016 في كليفلاند كلينك، وجرت متابعتهم حتى مارس 2021. وتمت المقارنة بين مجموعة مؤلفة من 650 مريضًا خضعوا لجراحة السمنة ومجموعة مكونة من 508 مرضى خضعوا للرقابة الطبية من دون إجراء جراحة للسمنة. وتشابهت خصائص المشاركين في الدراسة، كشدة الإصابة بالمرض وفق ما حددتها الخزعة الأساسية المأخوذة من الكبد.

وبعد 10 سنوات من التسجيل في الدراسة، تطور مرض الكبد إلى تليف كبدي أو سرطان كبد أو الحاجة إلى زراعة الكبد أو الوفاة، عند 2.3% من مرضى المجموعة الجراحية في مقابل 9.6% لدى مرضى المجموعة الضابطة التي لم تخضع للجراحة. كذلك، وجد الباحثون في نهاية الدراسة أن 8.5% من مرضى المجموعة الجراحية تعرضوا لإصابات قلبية وعائية متعسرة رئيسة، كالنوبة القلبية أو القصور القلبي أو السكتة الدماغية أو الوفاة، بسبب مرض الكبد، في مقابل 15.7% من مرضى المجموعة غير الجراحية.

من ناحية أخرى، انخفض وزن الجسم بنسبة 22.4% بعد مرور 10 سنوات على مرضى المجموعة الجراحية، في مقابل نسبة بلغت 4.6% فقط من مرضى المجموعة غير الجراحية. وارتبطت أيضًا جراحة علاج السمنة بانخفاض كبير في مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري. وتؤكد نتائج الدراسة السريرية STAMPEDE، التي قادتها كليفلاند كلينك، قوة المنافع الصحية لجراحة علاج السمنة.

من ناحيته، قال الدكتور ستيفن نيسن كبير المسؤولين الأكاديميين في معهد القلب والأوعية الدموية والصدر التابع لكليفلاند كلينك وكبير الباحثين في الدراسة، إن دراسة SPLENDOR تظهر أن خسارة الوزن الكبيرة والمستمرة عبر جراحة السمنة في المرضى الذين يعانون السمنة والتهاب الكبد الدهني غير الكحولي، يمكن أن تحمي القلب وتقلل من التطورات الخطرة لمرض الكبد التي قد تصل به إلى ذروته. مضيفاً: "تُعد هذه الدراسة الأولى في الوسط الطبي التي تفضي إلى طريقة علاج مرتبطة بانخفاض مخاطر الإصابات القلبية والوعائية المتعسرة في المرضى الذين أثبتت الخزعة إصابتهم بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي".