خاص "هي" - فيلم "20,000 Species of Bees".. نحلة وحيدة في مواجهة خلية لا ترحم

خاص "هي" من مهرجان برلين - فيلم "20,000 Species of Bees".. نحلة وحيدة في مواجهة خلية لا ترحم

أندرو محسن

لم تضم مسابقة مهرجان برلين لهذا العام الكثير من الأفلام المميزة بشكل خاص، وربما كان الرهان في عدة أفلام على القضية أو الموضوع الذي يناقشه أكثر مما من الاهتمام بأسلوب تقديمه نفسه، وهو ما انحازت له الجوائز على ما يبدو، بمنح الدب الذهبي -أرفع جوائز المهرجان- إلى الفيلم التسجيلي ”On the Adamant“ (على الأدامانت) الذي كان يتابع بعض المرضى النفسيين في مشفى عائم في فرنسا.

من الأفلام التي حاولت الاتزان بين تقديم موضوع مهم والاهتمام بالأسلوب السينمائي المقدم، فيلم ”20,000 Species of Bees“ (عشرون ألف فصيلة من النحل)، إخراج إيستيباليز أوريسولا سولاجورين والذي حصدت عنه الطفلة صوفيا أوتيرو ذات الأعوام الثمانية جائزة التمثيل في دور رئيسي، لتصبح أصغر من يحصل على جائزة في فئة التمثيل في تاريخ المهرجان.

نحلة وحيدة

تدور أحداث الفيلم خلال عدة أيام قليلة، أثناء إعداد أسرة لحفل يضم أغلب أفراد العائلة، وخلال هذه الفترة نتابع طفلًا ذو 8 سنوات، لديه اضطراب في الهوية الجنسية، ويشعر بأنه بنت، وهو ما لا يلاقي تشجيعًا من الأسرة.

حاولت عدة أفلام تقديم أفكارٍ مشابهة من زوايا مختلفة. ربما كان أحدثها فيلم ”L'immensità“ إخراج إيمانويلي كرياليزي والذي عرض في مهرجان فينيسيا الماضي. لا تختلف قصة ذلك الفيلم عن فيلمنا هذا، ولكن الأمر كان معكوسًا، إذ كانت البطلة فتاة وليس ولدًا، وسط خلاف من الأسرة أيضًا في التعامل معه. في كلا العملين نجد تركيزًا واضحًا على أمرين، الأول هو استكشاف النفس، ومحاولة التعرف من الطفل أو الطفلة على الهوية الحقيقية التي ينتميان إليها، والثاني هو تقبل أو رفض الأسرة.

بل


في سنه الصغيرة يبدو آيتور (صوفيا) طفلًا مليئًا بالحيوية والنشاط، ذو عينين حالمتين مثل الكثير من الأطفال، لكنه في الآن ذاته ليس سعيدًا تمامًا، إذ أنه لا يدرك جانبًا مهمًا من نفسه، ومن هنا جاء التركيز المستمر في الفيلم على الأسئلة المتواصلة منه حول هويته، وكان أهمها هو سؤاله لطفل آخر: هل تشعر أنك ولد منذ البداية؟ وربما كان هذا التساؤل هو الذي يحمل تلخيصًا لفكرة الفيلم بالكامل.

غ

خلية مشتتة

في نصف الفيلم الأول نتعرف أكثر على ملامح أسرة، وعلى شقيقيه اللذان يكبرانه، وكيف يقبله الجميع. لا يبدو أن هناك مشكلة حقيقية لديهم، أو للدقة هم يحاولون تجاهل أزمة الطفل حتى لا تصدمهم، وكأن نكرانها أو التعامل معها وكأنها ليست موجودة سيجعلها تنتهي من تلقاء نفسها.

بينما تبدو الأم أكثر حساسية تجاه ابنها، فإن الأب لا يجيد التعامل مع ابنه ويراه مشكلة. لكن الفيلم يتفرع ليركز أيضًا على شخصية الأم وعلى علاقتها بوالديها، وكيف أثر هذا بشكل مباشر على شخصيتها وبالتالي على طريقتها في التربية. مشكلة هذا الخط أنه يأخذ حيزًا أكبر من اللازم من الفيلم ويجعلنا نتشتت نسبيًا، خاصة وأن علاقة آيتور مع أمه ليست العلاقة الوحيدة التي نتابعها، بل إن العلاقة التي كانت أكثر جاذبية هي علاقته بخالة والدته، والتي تربي النحل، وكانت الأكثر تفهمًا لوضعه. 

غ


رغم وضوح الفكرة الرئيسية للفيلم منذ البداية، فإن نقطة ضعف الفيلم الأبرز كانت في الإصرار على إعادة تقديم الفكرة الجلية للمشاهد بأكثر من صورة، مرة من خلية استخدام رمزية النحل واختلاف فصائله، في إشارة إلى اختلاف البشر أيضًا، ومرة من خلال المشاكل العالقة داخل الأسرة، ومرة أخرى من خلال الحوار المباشر، وربما لو كان السيناريو اختار كثف أفكاره بشكل أكبر لكان الفيلم أكثر تميزًا. لكن ما جعل النتيجة النهائية مرضية بشكل كبير، هو الأداء التمثيلي لأغلب الممثلين، وخاصة صوفيا، وباتريشيا لوبيز آرنيز التي قدمت دور الأم.

فيلم "عشرون ألف فصيلة من النحل" من الأفلام التي تقدم فكرة شديدة الحساسية، لكنها تحاول التأكيد عليها بأكثر من صورة، بينما واحدة فقط كانت تكفي.


ب