العنف ضد المرأة يبدأ بمعرفة جنس الجنين

رغم التقدم الملحوظ حولنا والعالم الذي أصبح قرية صغيرة ورغم كون المرأة نصف المجتمع بل أني أقول أن المرأة هي الحياة، ولا أعتبر ذلك تحيزا فقد خلقها الله تعالى لتقوم بها الحياة وتبقى إلى ما شاء سبحانه، وعلى الرغم من أن جميع الشواهد والتجارب أثبتت أن إنجاب الإناث خير في كثير من الأحيان من إنجاب الذكور، إلا أن البعض منا لا زال يعتبر إنجاب البنات جريمة ويحزن حزنا شديدا بمجرد معرفة أن جنس الجنين أنثى...
 
وتبدأ المشاكل أولا للأم الحامل بأنثى فهي الملامة الأولى، ويبدأ الطرف الآخر في التعنيف متجاهلا أنه هو المسؤول عن جنس الجنين، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل يصل لأقاربه من الدرجة الأولى وتبدأ التوبيخات لها على أمر بيد الله وحده، وتعيش المرأة فترة حمل كئيبة، يحتويها العنف في كل مرحلة.
 
ولكن هل المرأة الحامل وحدها من تعرضت للعنف؟ بالطبع لا بل أن الجنين الأنثى في رحم أمه قد تعرض لعنف شديد، ففي بعض الحالات يصر الأب على إتمام الإجهاض خاصة إذا لم تكن هذه هي المرة الأولى لتبشيره بالأنثى، فالعنف هنا مزدوج والضحية إمرأة.
 
وما يثير دهشتي هذه الدراسة التي تدل على قدرة الله وتعزيزه للأنثى حتى في رحم أمها فقد أشارت الدراسة التي قام بها علماء جامعة دوك بولاية كارولينا الشمالية أن الأجنة الإناث يتحملن الإرهاق والتوتر أكثر من الأجنة الذكور، فعلى الرغم الرغم من التوتر العصبي والخلافات الزوجية بعد معرفة جنس المولود تمر فترة الحمل بسلام، بل وأكدت الدراسة أن العلاقة المتوترة بين الأزواج تجعلهم عرضة لإنجاب الفتيات في سنوات لاحقة لأنها تتسبب في خلق نسبة غير صحية من هرمونات التوتر وبالتالي تؤثر على الخصوبة.
 
وفي حالات أخرى لا يصر فيها الأب على الإجهاض نجد سوء معاملة للأنثى والتقليل من شأنها وتفضيل الأخ الذكر عليها في كل الأمور والقرارات أليس هذا عنفا؟ قطعا عنف ويؤدي إلى العنف وخلق مشاعر كراهية وغيرة بين أفراد الأسرة الواحدة، ومع تكرار إنجاب المرأة للفتيات تكون عرضة للطلاق إعتقادا من الرجل إن إنجاب الإناث عارا لا يمحوه إلا الطلاق، أو الزواج بأخرى، ويستمر العنف ضد المراة.
 
إن تفضيل الذكور على الإناث ليس إحتكارا على الأب أو الرجال فقط، لا بل أني أتعجب من أمهات ونساء رزقن ببنات للمرة الثانية وبدلا من حمد الله تعالى والثناء عليه وجدتهن يبكين حظهن وكأن كارثة حلت بهن، وما يزيد الأمر سوءاً عندما نعلم بأن هؤلاء الأمهات على درجة عالية من العلم والثقافة. أيعقل ذلك؟ 
 
ولا أعلم ما السبب في ذلك هل هي ثقافة مجتمع، أم عادات وتقاليد وإعتقادات غريبة تتغذى عليها العقول، وكل ما أعرفه أننا لا يجب أن نستسلم لأي ثقافة غير مفهومة متحيزة لجنس بعينه دون الآخر.