الأديب الإماراتي الراحل محمد القرق .. قامة ثقافية شامخة نمشي على أثرها المنير

نعى رواد المشهد الثقافي في الإمارات والخليج العربي الأديب الإماراتي محمد صالح القرق أحد عمالقة الثقافة والأدب والشعر الذي وافته المنية يوم الأحد 8 نوفمبر 2020 عن عمر يناهز 84 عاما تاركاً وراءه إرثاً ثقافياً منوعاً من الترجمة إلى العلوم والآداب. 

عرف عن الراحل الذي ولد عام 1936 شغفه الكبير بمجالس الفكر، والحرص على استقصاء العلم ذاتيا ومدرسيا، وهو أمر ليس بمستغرب فقد نشأ في كنف والدٍ يهوى الكتب التراثية فاستزاد من مكتبته مختلف العلوم التي غرست في روحه عشقا لا ينتهي للمعرفة. كما أنه شاعر وفيّ للشعر المقفى والحرف الموزون ما جعل ترجمته لرباعيات الخيّام تصنّف من أجود أعمال الترجمة التي تم تقديمها عبر السنوات. 

محمد صالح القرق .. قامة نمشي على أثرها المنير 

الأديب الراحل محمد القرق

لّقب الراحل محمد صالح القرق بالموسوعة الفكرية، ولذا حتى وإن غاب بجسده، فإن مساهماته باقية كسراج ينير دروب الباحثين في المعرفة وهذا شأن العاملين في العلم من مختلف الأزمان، الذين أحسنوا النية واجتهدوا وأبحروا في أمواج المعرفة وصاغوا الحروف ونسجوا الأفكار بما ينفع الناس في دينهم ودنياهم. أمضى محمد القرق رحمه الله تسع سنوات في ترجمة رباعيات الخيّام التي شغلت مخيلته منذ الطفولة، وتعد ترجمته الثالثة والعشرين. وحرص رحمه الله على تثبيت أسماء وصور المترجمين الذين سبقوه في ترجمة هذا العمل؛ وهو أمر لم يسبق لأي مترجم أن قام به من قبل. وهذا وإن دلّ على شيء، فإنه يدلّ على تقديره الكبيره للعمل في العلم والترجمة والمعرفة، وهو بلا شك درس عظيم نتعلم منه ونموذج صادق نحتذي به. كما كان الراحل محمد القرق حريصا على أدق التفاصيل لإتقان عمله الجبّار في ترجمة رباعيّات الخيّام ومنها أن تكون الطباعة فاخرة تليق برباعيات الخيّام. 

نعي رواد الثقافة للأديب محمد القرق 

كان وقع خبر رحيل الأديب محمد القرق صادما للعديد من الشخصيات البارزة في الساحة الثقافية، حيث نعت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للثقافة الراحل محمد القرق عبر تغريدة قالت فيها: "رحم الله الأديب محمد صالح القرق... علم من أعلام الأدب والثقافة في الوطن العربي.. وقامة وطنية نعتز بتاريخها ومساهماتها الثقافية.. سائلين المولى عز وجل أن يسكنه جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان". كما نعته نورة الكعبي وزيرة الثقافة والشباب في الإمارات قائلة: "فقدنا اليوم الأديب محمد صالح القرق... قامة وطنية ثقافية... كان حاضراً فاعلاً في المشهد الثقافي ومساهماً في إثراء المكتبة الوطنية... نسأل الله أن يرحم الفقيد رحمة واسعة وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان". 

 

نختم موضوعنا بحروف شعرية من ترجمة محمد القرق رحمه الله لرباعيات الخيام يقول فيها:

خُلِقَت أَجداثُنا مِن تُربَةٍ                        سَوْف نَثوی فِی ثَرَاها زَمَـنا

حَیثُ یَغدُو کُلَمَا فینا ثَری                      فِی عَمیق الأَرض مُنهدُ البـِنا

ثُم نَغدوا لِقُبُورٍ حُفِرَت                         مِن جَدیدٍ تُرْب دَفنٍ لَبِنـا

اِنَ هذا هُوَ حَقٌ فِی الوَرَی                    لامَفَرٌ مِن مَصیرٍ قَد دَنی