ذاكرة التليفزيون: الضاحك الباكي.. نجيب الريحاني في ذكرى ميلاده

127 عاماً... تمر اليوم 21 يناير على ميلاد الضاحك الباكي صانع الكوميديا الحديثة في الفن العربي نجيب الريحاني، استاذ مدرسة الضحك، الذي قضى عمره كله يبكي إما من الفقر أو من عذاب الحب والمرض، ومع هذا لم يترك لنا إلا البسمة، ومدرسة الضحك النظيف.
 
ولد نجيب الريحاني، في عام مولد العظماء 1889 في حي باب الشعرية لأب من أصل موصلي عراقي "كلداني" مسيحي، اسمه "إلياس ريحانة"، يعمل بتجارة الخيل فاستقر به الحال في القاهرة، ليتزوج سيدة مصرية قبطية لينجب منها ولده نجيب، الذي تلقى دروسه الأولي فى مدرسة الفرير الفرنسية بحي الظاهر، وعندما أكمل تعليمه ظهرت عليه بعض الملامح الساخرة، ولكنه كان يسخر بخجل أيضا، وعندما نال شهادة "البكالوريا"-الثانوية آنذاك- كان والده تدهورت تجارته فاكتفى بهذه الشهادة.
 
ضاقت به فرص العمل في القاهرة فالتحق بوظيفة كاتب حسابات بشركة السكر بنجع حمادي بالصعيد، وعبر عن هذه التجربة فى العديد من أفلامه الكاشفة عن فساد الموظفين، ولكن أجره الضئيل لم يكن يكفي فعاد للقاهرة للبحث عن مهنة مترجم مستغلا لغته الفنسية، فقادته أقدامه لمعقل الفن في مصر شارع عماد الدين، وقابل هناك محمد سعيد وعرض عليه أن يكونا سوياً فرقة مسرحية لتقديم "الإسكتشات" الخفيفة لجماهير الملاهي الليلية.
 
حققت شخصيته المبتكرة "كشكش بيك" نجاحا هائلا هدد اساطين المسرح المصري وقتها، وهي شخصية العمدة الذى يبيع محصول القطن، ويهدرها على نزواته في القاهرة، وبعدها قدم عدة روايات ممصرة عن المسرحيات الكوميدية الفرنسية، ولكن للأسف أغلب أعماله المسرحية ضاعت بسبب عدم وجود تقنيات التصوير المتاحة حاليا.
 
قدم مع رفيق عمره بديع خيري مجموعة من المسرحيات التي حققت نجاحاً، ومنها الجنيه المصري، والدنيا لما تضحك، والستات مايعرفوش يكدبوا، وحكم قراقوش، وقسمتي، ولو كنت حليوة والدلوعة، وإلا خمسة، وحسن ومرقص وكوهين، وكشكش بك في باريس، وصية كشكش بك، وخللي بالك من إميلي، وكشكش بيه وفيروز شاه، وقنصل الوز، وعشان سواد عينيها، وياما كان في نفسى، والدنيا على كف عفريت، و اعتزل المسرح عام 1946 بعد أن قدم 33 مسرحية.
 
للريحاني 10 أفلام أغلبها مقتبس من مسرحياته منها  صاحب السعادة كشكش بيه، وسلامة في خير، وأبوحلموس، ولعبة الست، وسى عمر، وغزل البنات، وأحمر شفايف.
 
تردد نجيب طويلا في الخروج من معقله الرسمي "المسرح" وخوض تجربة السينما، ومع هذا تعد أفلامه القليلة علامات فى تاريخ الفن المصري، وبخاصة فيلم غزل البنات الذى توفى قبل أن يتم تصويره، ويعرض حتى الآن ناقصا ، وضم اشهر نجوم الفن وقتها ليلى مراد وأنور وجدي ويوسف وهبي ومحمود المليجي وفريد شوقي وظهرت هند رستم لأول مرة ككومبارس "راكبة حصان" في أغنية ليلى مراد "اتمخطري يا خيل"، والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب الذي قدم فيه أجمل أغانيه "عاشق الروح".
 
تزوج من صانعة اشهر نجمات مصر الفنانة بديعة مصابني، ويتردد أن فيلمه الشهير "لعبة الست" مقتبس من قصة غرامهما، خاصة وانها أهملته بسبب فنها ثم عادت إليه، ولكن بالنهاية انفصلا، دون إنجاب أطفال.
 
كما تزوج أيضا من "لوسي دي فرناي" الألمانية بين عامي 1919 - 1937 وانجب منها ابنته الوحيدة  "جينا" التى لا زالت على قيد الحياة ، ولكنها نسبت في الوثائق إلى شخص آخر كان يعمل ضابطا في الجيش الألماني، بسبب قوانين هتلر التي تمنع زواج أي ألمانية من شخص غير ألماني.
 
وتوفي بخطأ ممرضة فى المستشفى اليوناني العريق بحي العباسية بوسط القاهرة بعدما أعطته  جرعة زائدة من عقار الاكرومايسين، لعلاجه من التيفود ليلقي حتفه على الفور في 8 يونيو 1949.
 
شاهد أشهر مشهد كوميدي عن الفساد لنجيب الريحاني: