خاص : الوجوه الأربعة لنيكول كيدمان في مهرجان كان

يصعب حصر عدد كبار النجوم العالميين الذين يحضرون مهرجان كان السينمائي هذا العام فمن جهة هو المهرجان الأكبر في العالم والذي يجذب إليه أهم وأشهر الأسماء كل سنة، ومن جهة أخرى هي دورة استثنائية يحتفل فيها المهرجان بسبعينيته .. احتفال يتضمن فعاليات يحضرها نجوم آخرين يجعلون الحضور بالفعل استثنائياً.

غير أنه وبين جميع أسماء الحاضرين، إذا ما اخترنا وجه واحد ليكون عنوان الدورة والأكثر تواجداً في فعالياتها ستكون بالطبع هي النجمة الأمريكية نيكول كيدمان، والتي اختار المهرجان في برامجه المختلفة أربعة أعمال تقوم ببطولتها (ثلاثة أفلام ومسلسل)، لكل منها سجادة حمراء وجلسة تصوير ومؤتمر صحفي، إذا أضفنا لها ظهورها في احتفالية السبعينية وفي الوقوف دقيقة حداداً على ضحايا حادث مانشستر، تكون كيدمان قد ظهرت إعلامياً مرة على الأقل في كل يوم من أيام المهرجان.

صباح الأربعاء 24 مايو/ آذار، ثامن أيام المهرجان، أقيم العرض الأول لآخر الأعمال الأربعة، "المغشوش" للمخرجة صوفيا كوبولا، لتكتمل أوجه نيكول كيدمان في المهرجان، بنجاح متفاوت على مستوى العمل ككل، وجودة تمثيلية يضمنها وجود كيدمان بين فريق التمثيل في العمل.

مديرة بكل التناقضات

"المغشوش" هو مثال لما نقوله، فهو بشكل عام فيلم محبط، لا جديد فيه، يروي حكاية قُدمت عشرات المرات عن المجتمع أو المكان الذي تعيش فيه نساء بعيدات عن الرجال، والذي يصل إليه رجل فيبدأ في إغواء كل منهن بما يتسبب في الإيقاع بينهم. "نسخة صوفيا كوبولا من الراعي والنساء"، كتبها المخرج أمير رمسيس على صفحته بعد مشاهدة الفيلم ولم يكذب، فالفيلم يذكر المشاهد العربي ـ شاء أم أبى ـ بفيلم علي بدرخان الذي قدمه في بداية التسعينيات.

صوفيا كوبولا تخلق وسط الحكاية لحظات كوميدية مفاجئة هي أفضل ما في الفيلم، أو هي الأفضل بالإضافة لأداء الممثلات وعلى رأسهم نيكول كيدمان، والتي تجسد مديرة المدرسة الداخلية التي يلجأ إليها المقاتل المصاب في الحرب الأهلية (كولين فاريل) فيبدأ سلسلة محفوظة من الإغواءات والآلام التي تحدثنا عنها.

تبرع كيدمان في رسم شخصية تجمع كل المتناقضات، فهي المديرة الصارمة صاحبة القرار التي يسري ما تقوله على ستة نساء هم كل الموجودين بالمكان غيرها. لكنها أيضاً امرأة تنجذب بطبيعة الحال للرجل الوسيم الموجود في الغرفة المجاورة. تتقرب إليه لكنها تأبى عندما يهم بالتقرب إليها. حازمة لكنها مستعدة لتقبل رأي إحدى الفتيات عندما تجده مقنعاً، سواء في قرار الإبقاء على الرجل في البداية، أو في اقتراح كيفية إنهاء وجوده الي صار عبئاً في نهاية الأحداث.

تقوم الممثلة ذات الخمسين عاماً بذلك دون أن تفقد الحس الكوميدي الذي يفاجئ المشاهد في لحظات قاتمة بقول أو فعل يجعل الضحك ينفجر فيه من قلب المفارقة.

الزوجة والأضحية

الكوميديا وسط الألم ذاتها تبرع كيدمان فيها مرة أيضاً في "قتل غزال مقدس"، ثاني أفلامها المشاركة في المسابقة الدولية والذي يشاركها البطولة فيه أيضاً النجم كولين فاريل، ولكن شتان في الفارق بين العملين. فيلم المخرج اليوناني يورجوس لانثيموس فيلم وحشي، صادم، يواصل فيه لانثيموس دفع شخصياته للحافة بوضعهم في عالم خيالي يدفعهم للخبال.

لا مستقبل تخيلي ولا منع للعزوبية كما في فيلمه السابق "سرطان البحر"، لكننا في حاضر غير معلوم المكان فيه يعيش طبيب شهير مع زوجته وابنيه في ثراء وسعادة تبدو كاملة، حتى يظهر خطأ ارتكبه الطبيب في الماضي عندما أجرى عملية جراحية وهو مخمور فمات المريض، ليظهر ابنه منتقماً من الطبيبة بطريقة مستمدة من أسطورة أجاممنون الأغريقية: عليه أن يضحي بأحد أفراد أسرته وإلا أصابتهم جميعاً لعنة قاتلة.

تبرع كيدمان في لعب دور الزوجة بمختلف مراحله. المرأة السعيدة التي تعيش حياة زوجية خاصة مع شريك حياتها، ثم الأم المرتابة مما يحدث لابنائها، ثم الضحية التي عليها أن تستسلم لقرار يبدو مستحيلاً لكن ما يحدث يجعله أمراً واقعاً. أداء استثنائي في فيلم يمزج أكثر من نوع، فهو فيلم رعب وكوميديا وميلودراما معاً، في نجاح متواصل من مخرجه الذي التقطته هوليوود سريعاً ليدخل في زمرتها.

وجهان آخران

أغرب الأدوار يأتي في أضعف الأفلام، الفيلم الذي تشاركها بطولته إيل فانينج أحد بطلات "المغشوش" في تقاطع آخر، فيلم يحمل عنوان "كيف تُكلم الفتيات في الحفلات؟". عنوان مناسب لفيلم يحاول انتحال الغرابة في كل شيء عبر حكاية مفتعلة تدور في السبعينيات وسط ثقافة البانك Punck بأزيائها وتصفيفات شعرها الغريبة.

مرة أخرى تجذب كيدمان الأنتباه بشخصيتها الغريبة بملابس وماكياج وطريقة أداء منحتها فرصة للمبالغة في الغرابة. لكن ردود الفعل كلها أجمعت أن النتيجة ليست إطلاقاً بمساوى الطموح.

أما آخر عمل من الأربعة المشاركين في كان فهو مسلسل "قمة البحيرة: فتاة الصين"، الجزء الثاني من المسلسل فائق الشهرة الذي يعود للشاشات في شهر سبتمبر المقبل. المهرجان قرر في احتفاليته بالدورة السبعين إقامة عرض خاص لأول حلقتين من الموسم الجديد، حول المحققة روبن جريفن (إليزابيث موس) التي تدخل مغامرة جديدة للتحقيق في جريمة جديدة.

في "قمة البحيرة" تلعب نيكول كيدمان دور امرأة ثرية، زوجة وأم قررت أن تتحول للمثلية الجنسية، ترتبط حياتها بالجريمة التي تبحثها المحققة جريفن، في مسلسل من المتوقع له النجاح ولفت الأنظار عند عرضه على شاشات التلفزيون، بعدما خطفت بطلته نيكول كيدمان كل الأضواء بظهورها الرباعي في كان.