حديث مجلة "هي" مع القيّمة الفنية في احتفالية "نور الرياض "د. إيمان الجبرين

حوار: "مشاعل الدخيل"  Mashael Al Dakheel

تصوير: "عبدالله المشرف"  Abdallah Al Musharraf

عندما يجتمع الشغف وحب الدعم في عالم الفن تصنع المعجزات... أن تعيش نجاحات الغير من عيون شخصية ملهمة كرست جهودها لدعم الفن، وصنعت لنا تجربة لا توصف بين مشاعر الفخر والإعتزاز بالإنجازات الوطنية. هكذا كانت رحلتنا مع د. إيمان الجبرين القيّمة في احتفالية نور الرياض، عبر شبكات التواصل الإجتماعي منذ بداية الترتيبات وحتى الآن، وهي تشاركنا أجمل التفاصيل من عيون الفنانين والناس الذين تفاعلوا مع انطلاقة نور الرياض. حظينا بفرصة الحوار معها بعفوية تامة أوصلت لنا فيها مشاعر الفخر والحماس ولم تبخل علينا بمعلومات ثرية عن أعمال الفنانين المحليين التي انتقتهم بعناية ودعمت مسيرتهم ضمن فعالية نور الرياض.

كيف اختلفت حركة الفن التشكيلي الجديد عن عهده السابق؟ وما أبرز المراحل أو المؤثرات التي مرت عليها في السنوات الأخيرة؟

الحركة التشكيلية حاضرة في المملكة العربية السعودية منذ ستينيات القرن الماضي، لكن التغيير الجديد هو تقبّل المجتمع للتجارب الفنية المعاصرة والاحتفاء بها في كل مناسبة مهمة كوجه ثقافي للوطن. كذلك نلاحظ من أبرز التغييرات اهتماما متزايدا من القطاع الخاص وجهات أخرى إلى جانب الجهات الحكومية المعنية بالثقافة باحتضان وتمويل المشاريع الفنية الكبرى باعتبارها من متطلبات جودة الحياة للمواطن السعودي.

حدثينا عن دورك في هذا الحدث الضخم والفريد من نوعه.

يتلخص دوري بصفتي قيّمة فنية للأعمال المحلية الخارجية في وضع تصور إبداعي للحدث يتحقق من خلال اختيار الفنانين السعوديين المناسبين، وتحديد المواقع المخصصة لأعمالهم، وتطوير أفكار تتماشى مع الرؤية العامة لهذا الاحتفال، إضافة إلى الإشراف على تصنيع الأعمال مع فريق الإنتاج والتقنية لحين اكتمالها بالصورة التي ترتقي لتطلعات الفنان والقائمين على المشروع.

كيف كان اختيار الفنانين المشتركين في "نور الرياض" ؟ وهل اعتمدتم معايير أو توجهات فنية معينة؟

بالتأكيد، هناك الكثير من الشروط والمعايير التي وضعناها لضمان نجاح المشروع، فإلى جانب كون هذه الأعمال توظف الضوء بطريقة إبداعية حرصنا على أن توفر فرصة التفاعل المباشر مع الجمهور، بحيث يستطيع الجميع الاستمتاع بالتجربة مهما كان مستوى ثقافته الفنية. كذلك حرصت على أن تكون المجموعة المختارة من الفنانين هم من أهالي الرياض المتأثرين بها، أو ممن بدأت مسيرتهم الفنية منها من خلال الدراسة الجامعية مثل الفنان زمان الجاسم، وذلك لتسليط الضوء عليهم والاحتفاء بهم لكونها النسخة الأولى من "نور الرياض". كما حرصت أيضا على أن تتضمن المجموعةالمختارة فنانين من الرواد، إضافة إلى فنانين محترفين وواعدين، وذلك لتمثيل الشرائح العمرية كافة، وتقديم تجارب ترضي تطلعات الزوار من كل الفئات العمرية والاهتمامات الفنية.

ما علاقة السعوديين بالفن؟ وما توقعاتكم وطموحاتكم فيما يخص تفاعل الزوار مع هذا الحدث والأعمال الفنية المختارة؟

علاقة السعوديين بالفن علاقة حب قديمة، وإن كانت توقعات الجمهور أحيانا مختلفة مع توجهات الفنانين، إلا أنهم المحرك الأول لهذا الحراك منذ بدايته. وقد راهنّا أثناء تخطيط المشروع على أنه سيحقق مستويات رضى مرتفعة من قبل الحضور باختلاف أعمارهم وجنسياتهم، لأننا خططنا بدقة مع الفنانين على اجتذاب كل تلك الفئات، وبالفعل شاهدنا بحمد الله إقبالا منقطع النظير منذ اليوم الأول وسعادة غامرة للجميع.

كيف يسهم دور القيّمين في التعزيز من ارتقاء الفن في المجتمع؟

إن من أهم أدوار القيّم الفني هو تخطيط تجربة الجمهور، وذلك من خلال تحديد رسالة واضحة للعرض الفني، والعمل على اختيار كل العناصر اللازمة لنجاحها مثل اختيار الفنان المناسب، والعمل المناسب، وطريقة توزيع الأعمال على المساحات المتاحة، ولغة التخاطب مع الجمهور وطريقة الترويج للمعرض والكتابة عنه وتوثيقه. وكلّما كان القيّم الفني أكثر قربا وتواصلا مع مجتمعه، ساعده ذلك على إدراك احتياجاته وتقديمها له لضمان الارتقاء بمستوى العرض.

ما علاقة الفن بالهوية الثقافية في السعودية؟ وكيف لحدث مثل هذا أن يدعم هذه العلاقة ويعززها لتشكل آفاقا جديدة على مستوى الدولة ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا؟

من وجهة نظري أعتقد أن الهوية الثقافية في السعودية هي المحصلة النهائية للهوية الشخصية لكل فنان، لذا أؤمن بشدة بأن مهمتي هي مساعدة كل فنان على التعبير بصدق عن هويته الخاصة به مهما كانت مختلفة وغير معتادة، لنصل في النهاية منها إلى هوية كلية تمثل مجتمعنا بأكمله. بمعنى آخر، التركيز على الفرد، سواء كان مبدع العمل أو متذوقه من عامة الناس هو الاستثمار الأول والأهم للنهوض بالهوية الجمعية، وتحقيق مكاسب الاقتصاد المعرفي.

تزامنا مع إطلاق هذه الفعالية التي تستشهد بأهمية الرياض عالميا، ما تصوركم لمستقبل الرياض عاصمة فنية تستقطب رواد وخبراء الفن من حول العالم؟

بفضل من الله، تمتلك الرياض كل المقومات اللازمة لتكون إحدى العواصم المهمة للفنون، وقد استطاع الفنانون السعوديون إثبات وجودهم في الخارج بجهود شخصية تستحق التقدير والاحترام، لذا نتوقع أن يثمر دعم الجهات المعنية بالفنون بتحويل الرياض إلى مركز من مراكز الفنون المهمة.

كيف تخدم هذه الاحتفالية الفنانين السعوديين والعالميين أيضا على الصعيد الإقليمي والعالمي؟

الحقيقة إن فعالية "نور الرياض" لهذا العام أعادت لنا جميعا الحياة بعد عام كامل من محاولة التكيف مع تداعيات أزمة جائحة كورونا العالمية، فهو لم يخدم الفنانين المحليين والعالميين فحسب، بل خدم الجمهور وحتى فريق العمل وراء الكواليس، حيث قدّم لهم فرصة لاستعادة الأمل في المستقبل وإعادة التخطيط والبناء لما هو قادم.