ما زالت الدغدغة لغزاً يحيَر العلماء!

من منا لا يحب الدغدغة ويضحك كلما تعرَض لها؟ لكن المحيَر أننا لا نضحك عندما ندغدغ أنفسنا، فما هو السر وراء ذلك؟
 
هذه الأسئلة وغيرها المتصلة بالدغدغة شكَلت لغزاً للعلماء لوقت طويل، لكن يبدو أنهم وجدا أخيراً الرابط بين الدغدغة وحاسة البصر وهو أمرٌ يشهد تطوراً مع الوقت ويجعلنا نفقد القدرة على تحديد الأمكنة التي تتم دغدغتها بشكل سليم في معظم الأوقات.
 
من المعروف أن الدغدغة تحصل عند لمس القدمين أو تحت الأبط أو في أماكن أخرى من الجسم كالخاصرة، ينتج عنها ردٌ فعل يُشبه الضحك والتفاعل السريع مع هذه الدغدغة بالتحرك أو محاولة الإبتعاد عن اللمس ما أمكن. وقد وجد العلماء أن وضع القدمين أو اليدين في وضع عكسي، يُفقد الإنسان تحديد القدم أو اليد التي تمَ لمسها بالتحديد. فعند وضع القدمين مثلاً في وضع عكسي ودغدغة إحداهما، يصعب على البعض تحديد القدم التي تمَ لمسها، ومعظم الإجابات تكون خاطئة كما أشار باحثون بريطانيون في جامعة لندن.
 
وخلص هؤلاء الباحثون إلى عدم وجود هذه الظاهرة منذ الولادة، وأنها تتطور مع التقدم بالعمر. وحاول الباحثون بقيادة آندرو بريمنر، تحديد المرحلة العمرية التي يحصل فيها تطور أساس استيعاب الدغدغة وربطها بأماكن معينة في الجسم، بإجراء أبحاث على أطفال تتراوح أعمارهم بين أربعة وستة أشهر بحسب تقرير نشره موقع "scienexx " الألماني. وقد تمَ تركيب أجهزة تُصدر هزات في أقدام الأطفال مع وضع القدمين مرة متوازيين ومرة أخرى متقاطعين، فيما عمل الباحثون على رصد تحديد الطفل للقدم التي تتم دغدغتها عن طريق رصد اتجاه حركاته.
 
أظهرت النتائج أن معظم الأطفال في عمر الستة أشهر لم يحددوا بشكل كامل القدم التي جرى لمسها أثناء التجربة خاصةً عند وضع القدمين بشكل عكسي كما هو الأمر مع البالغين. لكن النتيجة اختلفت عند الأطفال في عمر الأربعة أشهر إذ أن نحو 70% منهم تحركوا باتجاه القدم التي تتم دغدغتها. وفي تحليلهم لردود الفعل المتباينة هذه، أشار الباحثون إلى أن الأطفال في عمر أصغر يستوعبون اللمس دون ربطه بحواس أخرى، وبالتالي فإن حاسة اللمس لدينا مرتبطةٌ منذ الصغر بالنظر.
 
لماذا لا ندغدغ أنفسنا؟
يحاول الباحثون الإجابة عن هذا السؤال أيضاً، وبحسب موقع "فاس إست فاس الألماني"، يرجح الخبراء أن المخ يزيد من درجة اليقظة بشكل كبير كما هو الحال عند الشعور لخطر، وبالتالي تصبح الأماكن التي تثير الدغدغة لدى الإنسان هي أكثر الأماكن التي يمكن أن تُصاب بجروح عند تعرضه لاعتداء.
 
ووفقاً لعلماء الأعصاب، يعمل المخ بشكل دائم على فلترة المعلومات التي يتعامل معها وتقييمها من المهم للأقل أهمية. وعلى رأس قائمة هذه الأمور المهمة، تأتي المؤثرات الخارجية ومن بينها اللمس من طرف خارجي، في حين أن لمس الذات لا يأتي على قائمة هذه المعلومات الهامة التي يتفاعل معها المخ، وبالتالي لا يشعر الإنسان بالدغدغة عند لمسه لأكثر الأماكن حساسيةً في جسده.