وتَعَطَّلَتْ لغةُ الكلام

حينَ شدت فيروز من كلمات أحمد شوقي " وتعطلت لغةُ الكلام وخاطبت عينيَّ في لغة الهوى عيناكِ" ، كانت تقصد تعطُّل كلام اللسان لعجزه عن وصف مشاعر الحب، والاكتفاء بلغة العيون الصادقة، لكن يبدو أن بعض البيوت تشكو الآن من تعطل لغة الكلام، وكل اللغات الأخرى فيما يُعرف بـ"الخرس الزوجي". تظهر مشكلة الخرس الزوجي عادةً بعد مرور العام الأول من الزواج، حيث يستنفذ أحد الزوجين أو كلاهما أحاديث التعارف الأولى، أو حتى كلمات الحب، ثم تبدأ مساحة الحوار المشترك في التناقص حتى تختفي تمامًا، وخاصةً حين تنجب الزوجة طفلها الأول، فيكون – رغم إرادتها – سببًا إضافيًّا لتناقص الحوار بينها وبين زوجها. وإذا كانت مشكلة الخرس الزوجي شائعة، فإن الرجل هو المتهم الأول فيها؛ حيث تجده الزوجة صامتًا على الدوام فترة وجوده بالمنزل، فإذا تحدث في الهاتف أو التقي بأحد أصدقائه انقلب الحال وانفكت عقدة لسانه، فتكاد الزوجة لا تصدق أن ذلك الذي يتكلم ويضحك هو زوجها الصامت أبدًا. ولأن أول خطوة على طريق العلاج تتمثل في معرفة أسباب المرض، كان من الضروري أن نبحث عن أسباب مشكلة الصمت الزوجي؛ لنتمكن من تقديم العلاج الناجح لها. بعض أسباب الصمت الزوجي: - قد يكون الطرف الصامت قد تربى في بيت صامت بدوره، مما شجعه وعوده على الصمت داخل المنزل، ولا يمنع ذلك أن يكون الطرف الصامت في المنزل كثير الكلام خارجه. - وقد يكون تفاوت المستوى الفكري والثقافي والعمري سببًا في ذلك الصمت، فعدم وجود التوافق يتسبب في مشكلات عدم تواصل كبيرة. - تكبُر أحد الطرفين واعتقاده أنه أذكى أو أكثر فهمًا وثقافةً ونضجًا يجعله كثير الصمت مع الطرف الآخر، أو قد تصمت الزوجة حين يكون حديث زوجها لها كله لوم وتحقير من شأنها. - يصمت الزوج عادةً تحت وطأة الأزمات الاقتصادية، فقد أوضحنا من قبل في مقال " 3 حقائق لا تعرفينها عن الرجل " أن الرجل حين تواجهه أزمة ما يلجأ إلى الانسحاب والتقوقع داخل كهفه، ولا يخرج إلا حين يجد حلاً للأزمة. - كثرة المشاكل التي تُنقص من رصيد الحب لدى الطرفين، تعطّل الحوار بينهما كذلك، فيكتشفان – بمرور الوقت – أنهما ما عادا يتبادلان الحديث كسابق عهدهما. وإذا كانت تلك أسباب الصمت الزوجي، فما الوسائل التي تقضي عليه، وتعيد للحياة الزوجية صوتها المحبوس ورونقها المفقود؟ هذا ما نعرضه في الجزء القادم بإذن الله.