أشهر مبدعة في الفن العسيري تفتتح متحف "فاطمة"

تختلف الفنانة التشكيلية فاطمة الألمعي عن غيرها من الفنانات المحترفات، فهي تعتبر من أشهر المبدعات في فن النقش العسيري، الذي عشقته سنوات طويلة وعملت على ترويجه، من خلال إظهار جمالياته وخصائصه، حتى قررت أن تبوح به بصورة متحف صغير افتتحته الألمعي في منزلها الواقع في حي الشرف بمدينة أبها.
 
يضم المتحف أكثر من 400 قطعة عبارة عن حلي مصنوعة من الفضة والنقش العسيري المشغول على الجدران والأواني الفخارية والكراسي "التختات" واللوحات والصناديق وتحفيات وفنون القط العسيري الذي يختلف باختلاف بيئات المنطقة سواء في دقته أو مساحته اللونية أو دلالات مفرداته أو ما طرأ من تطوير هذا الفن في لوحات فنية بمقاسات مختلفة، بالإضافة إلى الألبسة التقليدية التي لا تقتصر على عسير، بل تشمل الثوب المكمم من نجران والميل من جازان والمجيب والمجنب والنطع والمزر وحلة العروس. 
 
هذه التحف الفنية عملت الألمعي على جمعها وتصميمها على مدى 10 سنوات ماضية، في محاولة لجمع أرث ثقافي عن النقش في المنطقة عسير، نابعة من عشقها لهذا الفن، حيث النقش الألمعي (القط) هو عبارة عن خطوط ونقوش وتشكيلات جمالية يقوم بعملها نساء متخصصات في هذا المجال.
 
وعن تجربتها الشخصية في القط، أوضحت الألمعي أنها تعلمت هذا الفن من فنانة كبيرة بالمنطقة، وهي فنانة بالفطرة وتدعى فاطمة أبو قحاص، والتي كان لها دور كبير في تخليد هذا الفن، مشددة على ضرورة الحفاظ على هذا الفن من خلال تنفيذ دورات تدريبية للفتيات لتعلم أسرار هذا الفن.
 
وعن مكونات هذا الفن بينت إنه يتكون من مجموعة مسميات للنقوش، ومنها الختمة والبترة والحظية والبلسنة والعمري والسكروني وارياش وبنات وعمري، حيث إن لكل مفردة من هذه الألوان خاصية لونية وشكلية معينة.
 
وأشارت الألمعي إلى أن النقش الألمعي يستمد خاماته من الطبيعة، ويستخدم في تزيين المنازل والجدران والأدوات المنزلية، منوهة أنها أخذت تشكل هذه النقوش على الأواني المنزلية والتحفيات لتعطيها منظرا متميزا. 
 
وحول أهم ما يميز النقش الألمعي، أفادت أنه يتميز بالألوان الطبيعية كالأزرق والبرتقالي والأخضر والأبيض والأسود، حيث كانت المرأة قديما تستخرج هذه المواد اللونية من الطبيعة لتزين منزلها، مما يؤكد على الحس الفني للمرأة في عسير، وشعورها المرهف، وتحسسها لجماليات الطبيعة.
 
وأبانت فاطمة أنها تستخدم حاليا في نقوشها أقدم أنواع البويات، وأن العمل يستغرق من أسبوع إلى نصف شهر، تبعا لطبيعة النقش وحجم اللوحة المنقوشة، وأشارت إلى أنها قد سمت المتحف "متحف فاطمة"، لأن فاطمة تعني كل الفاطمات أي كل النساء، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الهدف الرئيسي هو إعادة تأصيل هذا الفن ليكون مستلهما في ذائقة أهل عسير وزورها ومصطافيها.
 
يُذكر بأن الألمعي قد عملت على تطوير مهارات مئات السيدات والطالبات اللاتي قصدنها للتدرب على يديها، قبل أن ينتشرن في أرجاء عسير ليمارسن هذا الفن الجميل، ويطبِّقن ما تعلَّمن على جدران بيوت المنطقة، وتحاول الألمعي أن تحمل فن القط إلى خارج المنطقة للتعريف به، حيث كانت لها مشاركة مهمة كممثلة للمملكة في (الأيام الثقافية) في الجزائر، حين قدَّمت عرضاً للقط وللملابس التقليدية، وكذلك مثَّلت المملكة في التجمع الثقافي الذي أقيم مؤخراً في دولة الإمارات.