التعنيف يعرَض صحة المرأة للخطر

ليس أصعب من أن نعيش في ظلم وقلق، وأن تحوطنا المصاعب والمتاعب من كل صوب فتجعلنا فريسة القلق والمرض. هذا ما قد تفكر فيه كل إمرأة تتعرض للتعنيف إن من عائلتها أو من محيطها.
 
والمرأة المعنَفة لا تعاني نفسياً فقط، بل هناك تداعياتٌ صحية وكثيرة قد تؤثر عليها وقد تكون نتائجها وخيمة في بعض الأحيان.
 
لاستعراض المخاطر والمشاكل الصحية التي قد تعصف بالمرأة المعنَفة وكيفية حمايتها من هذه المخاطر، توجهنا إلى الأستاذة نانسي ناغور التي تعمل كمستشارة أسرة وتعليم لعدة جهات تنموية وتربوية. وقد عملت الأستاذةناغوركمستشارة لشؤون الحماية والرعاية لوزير التنمية الإجتماعية في الأردن ومديرة لبرنامج التدخل في حماية الطفل/ مؤسسة نهر الأردن.
 
1.ما هي أكثر المخاطر/المشاكل الصحية التي يمكن أن تتعرض لها المرأة المعنَفة؟
صحة المرأة المعنفة محاطة بالمخاطر من جميع الجوانب. فمن ناحية الصحة الجسدية، فهي عرضةٌ للحوادث بمختلف درجاتها من البسيطة إلى الشديدة وإلى ترك نتائج الإساءة الجسدية على أعضائها وما قد يحصل لها من آثار ظاهرة أو خفية. بالإضافة إلى ما يمكن أن يحصل لها من إعاقات مؤقتة أو دائمة نتيجة تعرضها للعنف الجسدي وكذلك الأضرار الصحية غير المباشرة كنقص الشهية وقلة النوم والتوتر وعدم التركيز والعديدمما يرافق ذلك من مضاعفات على الصحة الجسمية.
 
في حالات الإساءة الإنفعالية، تكون المعنَفة عرضةً للعديد من الإضطرابات النفسية والتي قد تصل إلى مراحل متقدمة تشكل خطراً عليها وعلى المحيطين بها وتقلَ قدرتها على الإنتاج أو على القيام بمهامها اليومية كفرد في المجتمع أو كأم عليها توفير الأمان لأطفالها. لا بل تصبح عنيفةًمعهم ومع الآخرين وتشكَل خطراً على نفسها وعلى المحيطين بها.
 
أما عند تعرض المرأة للعنف الجنسي،فتكون عرضةً للعديد من الإضطرابات النفسية بالإضافة إلى أنها تصبح في كثير من الحالات عرضةً للإنحراف والممارسات الجنسية الخاطئة، وما يرافق ذلك من مشاكل نفسية واجتماعية تنعكس عليها وعلى المحيطين.
 
وبالخلاصة فإن المخاطر النفسية لا تقل أهميةً عن الجسدية وهي مرافقةٌ لجميع أشكال الإساءة. والخطورة لا تقتصر على المرأة بذاتها ولكنها تمتد لمن حولها بما فيهم أطفالها وأسرتها.
 
2.هل يمكن للمرأة المعنَفة أن تكوَن تصرفاً عدوانياً يؤذيها ويؤذي من حولها؟
نعم، والعدوانية نتيجةٌ حتمية ستظهر على سلوكيات المرأة المعنفة وقد تؤذي نفسها والمحيطين بها حتى ممن تحبهم أو ترعاهم، وقد تكون السلوكيات شديدة وقاتلة أحياناً.
 
3.كيف تحمي المرأة المعنَفة نفسها وعائلتها من المخاطر الصحية المحدقة بها؟
أولَ فعل على المرأة المعنفة أن تقوم به هو التبليغ للجهات المختصة مهما كانت نتائج هذا التبليغ، وخاصة إذا كان لديها أطفال فلن يحميها أو يحمي أطفالها غير توقف هذا العنف أو التصدي له. وفي حال تعذرَ عليها الوصول للجهات المختصة أو لمن يساعدها في إيقاف العنف، عليها التوجه للجهات التي تقدم الدعم والمشورة وعليها أن تعمل على تمكين ذاتها إقتصادياً من خلال التدريب على أداء عمل منتج يعينها في حال كان العائق هو مادي. حيث يكون المسيء في معظم الحالات هو الداعم مادياً وتضطر المرأة لتقبل العنف حتى يستمر الدعم، وفي كثير من الحالات يكون خوفها من عدم وجود المال أو المأوى البديل هو السبب وراء صمتها.
 
4.ما هي الإجراءات الصحية الواجب للمرأة المعنَفة اتباعها في الدرجة الأولى، عند إصابتها بأي داء أو عارض صحي نتيجة التعنيف؟
إن ما يحدث في الغالب أن تحاول المرأة المعنفة إخفاء آثار العنف فلا تتوجه للطبيب أو المستشفى خوفاً من كشف الموضوع. وهذا من شأنه أن يحدث مضاعفات ويعطي المسيء فرصةً للتمادي بالإساءة خاصة في حالات الإساءة الجسدية البسيطة والمتوسطة، مما يؤدي بالمسيء إلى التمادي وتكرار الإساءة دون أي رادع. أما في الحالات الشديدة فيلاحظ المحيطين بها النتائج ويكون لابد من التدخل والإسعاف السريع، وللأسف في كثير من هذه الحالات تنكر المعنَفة الإساءة ولا تبلَغ بها وتذكر أسباباً غير حقيقية للإصابة بهدف إخفاء الوضع الحقيقي، والأسباب في الغالب الخوف من النتائج الإجتماعية ومن رد فعل  المسيء نفسه. 
 
يجب على المرأة التوجه الفوري للجهات الطبية المختصة عند تعرضها لأي إصابات جسمية أو في حال ظهور أي أعراض غير طبيعية خاصة عند من تتعرض للإساءة الجنسية فقد تظهر لديها أعراض تزداد خطورة كلما طال بها الزمن كالفطريات والإلتهابات والأمراض التناسلية وغير ذلك من آثار يمكن تفاديها بالعلاج المبكر.  وكذلك الحال عند من تتعرض للإساءة الإنفعالية، فكلما توجهت للجهات المختصة وحصلت على الدعم اللازم مبكراً كلما وفرت على نفسها وعلى المحيطين بها المعاناة والآثار السلبية، وهذا من شأنه التصدي للمسيء وتقليل فرص تكرار الإساءة.
 
أهم شيء على الفرد عموماً وعلى المرأة بشكل خاص أن تعلمه أينما كانت ، ومن أي خلفية دينية أو إجتماعية أو ثقافية أنها قوية، وقادرة، وتستحق الأفضل وليس هناك أي سبب يجعلها تقبل بالعنف ولا يوجد أي مبرر له مهما كان. وعليها أن تعلم أن المسيء هو شخصٌ مريضٌ يجب إيقاف سلوكه وعلاجه، وهناك العديد من الجهات الداعمة في معظم الدول وإن لم يكن فهناك الجهات الأمنية والقضائية.وعليها التبليغ عند وقوع العنف المقصود عليها أو تكراره لأي سبب من الأسباب وأن صمتها هو سبب مباشر لتكرار العنف واستمراره.