لماذا يكون الماء لذيذاً عند العطش؟

إعداد: جمانة الصباغ
 
هل شعرتم يوماً أن طعم الماء يكون أكثر لذةً عند شربه بعد العطش، مع أن الماء لا طعم ولا رائحة ولا لون له؟ ومتى ما ارتويتم لا يعود للماء نفس الطعم اللذيذ، حتى أنكم إن شربتم المزيد من الماء قد تشعرون بالإنزعاج وكأن الماء تحول إلى سم؟
 
ما السبب وراء هذه العوارض؟ للإجابة عن هذا التساؤل، عمد علماء من أستراليا إلى دراسة النشاط الدماغي أثناء شرب الماء، فلاحظوا أنه في البداية عندما يكون الشرب بدافع العطش فإن النشاط الدماغي يكون في منطقة مسؤولة عن اتخاذ القرارات العاطفية. أما عند الإستمرار بالشرب بعد الإرتواء فإن النشاط الدماغي ينتقل إلى مناطق أخرى مسؤولة عن الحركة وإجبار الجسم على شرب الماء مع أن الدماغ يطلب منه العكس.
 
يقوم الدماغ بإخبار الجسم متى يشرب ومتى عليه التوقف، إذ إن شرب الشخص لكميات كبيرة من الماء يؤدي إلى انخفاض مستوى الصوديوم في الدم بشكل كبير، كما قد يؤدي إلى أزمة دماغية وهي تجمع السوائل في المخ.
 
في بحثه، قام عالم الأعصاب الأسترالي باسكال سكر من جامعة ملبورن في أستراليا، وبمعاونة زملائه بإجراء تجربة على مجموعة مؤلفة من عشرين رجلا وامرأة، جعلوهم خلالها يتمرنون على الدراجة الثابتة لمدة ساعة، ثم درسوا أدمغتهم وطريقة تفاعلها مع شرب الماء باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي.
 
قام العلماء بتقسيم التجربة الى مرحلتين، في الأولى طلبوا من المشاركين الذين لعبوا على الدراجة حتى أصابهم العطش أن يشربوا الماء حتى يشعروا بالإرتواء فقط. ولاحظوا هنا أن الدماغ أظهر نشاطاً في المنطقة الأمامية المسؤولة عن اتخاذ القرارات العاطفية.
 
أما في المرحلة الثانية، فطلبوا منهم الإستمرار بشرب الماء برغم عدم حاجتهم إليه، وهو أمرٌ ولدَ الإنزعاج عند المشاركين. وقد لاحظ العلماء أن النشاط الدماغي تغيرَ وأصبح في المنطقة المسؤولة عن التحكم بالحركات وتنسيقها، إذ إن هذه المناطق تُعتبر المسؤولة عن إجبار الشخص على شرب الماء حتى لو كان عقله يخبره أنه ليس عطشاً.
 
ومن الملاحظ أن بعض الأشخاص المصابين بالفصام -وهو مرض عقلي- قد يشربون في بعض الأحيان كميات مفرطة من الماء لتظهر لديهم مشاكل ناجمة عن ذلك، ما يشير إلى أن وضع الدماغ يؤثر على قدرة الجسم على التحكم بشرب الماء. 
 
ولذلك فإن شرب الماء عندما تكون عطشاً يكون نوعاً من العاطفة الجميلة، أما بعد ذلك فإنه يصبح إجباراً لك على فعل لا تريده، وهذا يفسر تحوَل الماء من عذب ولذيذ إلى كريه كأنه مخلوط بصلصال.