السبل الرئيسية لتقوية جهاز المناعة لدى الأطفال

رغم انقضاء فترة الإغلاق وتقييد الحركة، ما تزال جائحة كوفيد-19 حاضرةً مع وجود العديد من حالات الإصابات المتفرقة. وبهذا السياق، وفي ظل عدم وضوح القرار بافتتاح المدارس في سبتمبر، ينشغل الأهالي حول العالم بحماية صحة أطفالهم قبيل العودة الوشيكة للدوام المدرسي.

وهنا، تمثّل الحمية الغذائية المتوازنة والمتكاملة، إضافة إلى الحصول على الراحة الكافية وممارسة الأنشطة البدنية المعتدلة، العوامل الأهم في المحافظة على مناعة الأطفال. ويقدّم خبراء عيادة شا ويلنس كلينيك مجموعة من النصائح الهادفة إلى تقوية الجهاز المناعي للأطفال وتقليل مخاطر إصابتهم بالأمراض.

تطوير الجهاز المناعي خلال مرحلة الطفولة المبكرة

د. كارلوس جوتيريز

المنسق الطبي لدى عيادة شا ويلنس كلينيك

أوضح الدكتور كارلوس غوتيريز، المنسق الطبي لدى عيادة شا ويلنس كلينيك، أن "الجهاز المناعي لدى الأطفال يتشكَل في كبد الجنين ابتداءً من الأسبوع الثامن من الحمل، ومن نقي العظم ابتداءً من الشهر الخامس من الحمل. ويكتمل الجهاز المناعي لدى الأطفال عند الولادة، إلا أنه يبقى غير ناضج كفاية ويملك ذاكرة مناعية محدودة كونه لم يتعرض بعد للعوامل الميكروبية الخارجية. وتزداد قوة ونضج الجهاز المناعي مع تعرضه للعوامل الخارجية المُعدية ابتداءً من لحظة الولادة".

وبعكس البالغين، ونظراً لعدم تعرض الجهاز المناعي للأطفال حديثي الولادة لأي من مسببات الأمراض، فإن الاستجابة المناعية تعتمد على الأجسام المضادة التي تنتقل إلى الجنين عبر المشيمة وحليب الأم. وهنا تظهر أهمية تشجيع الإرضاع الطبيعي قدر الإمكان، كونه يسهم في تعزيز تشكّل الميكروبات المعوية اللازمة، ويمدّ الطفل بغذاء كافٍ يعتمد على مكونات طبيعية تلائم مراحل النمو كافة ولا تُسبب أياً من أشكال عدم التحمل. وتلعب الميكروبات المعوية دوراً في تنظيم تشكّل الجهاز المناعي، وفي الوقاية من ظواهر الاستجابة المناعية المفرطة، من أمثال حالات الحساسية أو الأمراض المناعية الذاتية.

اتباع العادات الغذائية الصحية وتعزيز عمل الميكروبات المعوية

ميلاني واكسمان

خبيرة تغذية لدى عيادة شا ويلنس كلينيك

من الضروري تنظيم عادات الأكل منذ مراحل الطفولة، مع تفادي التركيز على بعض أنواع الطعام وإغفال غيرها، وغرس عادات صحية تقوم على استهلاك الأغذية الطبيعية، وتعتمد بشكل أساسي على تناول الخضار والفواكه والمكسرات والحبوب الكاملة.

وتُشير ميلاني واكسمان إلى أن "الحمية الغذائية المتنوعة تملك تأثيراً كبيراً على تطوّر الجهاز المناعي لدى الأطفال. وتتضمن الأطعمة الحاوية على الخمائر الصحية (البروبيوتيك) أهم العناصر الغذائية والفيتامينات التي تساعد في تقوية المناعة كونها تسهم في دعم البكتيريا المفيدة الموجودة في الأمعاء، بالإضافة إلى عنصر الحديد الذي يفيد في تعزيز النمو المعرفي الطبيعي للأطفال (يحتاجه الأطفال بكميات تفوق احتياجات البالغين بخمس مرات)، والزنك الذي يساعد في تشكّل الخلايا الجديدة والأنزيمات الضرورية. وبجانب ذلك، تلعب فيتامينات C وD وA دوراً مهماً للغاية في دعم الوظائف المناعية ونمو الأطفال وحمايتهم من العدوى.

وفيما يتعلق بالأغذية الغنية بهذه الفيتامينات والمعادن الضرورية لتقوية الجهاز المناعي، تنصح ميلاني واكسمان بالخيارات التالية:

- فيتامين A: البروكلي والجزر واليقطين والخضار ذات الأوراق الخضراء مثل السبانخ

- فيتامينات B: الحبوب الكاملة والبقوليات والأسماك

- فيتامين C: الفواكه الحمراء والبروكلي

- الزنك: الأرز البني، الفول السوداني.

- الحديد: المكسرات والبقوليات والخضار الخضراء والمأكولات البحرية.

فترات الراحة الملائمة العمر ودورها في تقوية الجهاز المناعي

د. فنسنت ميرا

رئيس قسم الطب الوراثي لدى عيادة شا ويلنس كلينيك

يُعد النوم عاملاً حاسماً في التوازن الحيوي للأطفال، كونه يساعدهم على تجديد طاقتهم وتحسين مزاجهم. وبحسب الدكتور فنسنت ميرا، فإنه "يوجد تأثير متبادل بين النوم والجهاز المناعي. فعلى سبيل المثال، أثبتت الدراسات أن تعداد كريات الدم البيضاء (الخلايا المسؤولة عن المناعة) تتناسب طرداً مع عدد ساعات النوم، فكلما زادت ساعات النوم، تحسّن تعداد كريات الدم البيضاء".

وتؤدي قلّة النوم إلى تأثيرات واضحة على الجهاز المناعي للأطفال. ويضيف د. ميرا بهذا الإطار بأن "الأطفال الذين يحصلون على ساعات نوم أقل يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفيروسية نتيجة التغيرات الحاصلة في أجهزتهم المناعية". ويفرز جسم الطفل خلال الليل هرمونين رئيسيين هما السوماتوتروفين (هرمون النمو) والميلاتونين (هرمون النوم ذو الخواص المضادة للأكسدة). وبالتالي، يكون الأطفال الذين يحصلون على نومٍ أقل أكثر عرضةً لتأثيرات الأكسدة، وتزداد احتمالية إصابتهم بأمراض مختلفة مثل البدانة والسكري وارتفاع الضغط. أما بالنسبة لساعات النوم الملائمة، يشير د. ميرا إلى أنه "بصورة عامة، يجب أن ينام حديثو الولادة على مدار اليوم تقريباً، فيما يجب أن يحصل اليافعون على ثمان ساعات من النوم فقط، والأطفال الصغار على 10 ساعات من النوم على الأقل".

وللمساعدة على النوم، من الضروري تناول الأغذية الغنية بالتربتوفان والسيروتونين والكالسيوم والمغنيزيوم وفيتامينات B، والتي يُذكر منها الموز والأفوكادو والأسماك الغنية بالزيوت والمكسرات، والابتعاد كلياً عن المشروبات المنشّطة مثل المشروبات المُحلّاة والغازية والشوكولاتة.

تعزيز النشاط البدني لتفادي المشكلات الصحية المستقبلية

لويس جانزو

رئيس قسم اللياقة البدنية لدى عيادة شا ويلنس كلينيك

يُعد الشباب وكبار السن الشريحتين العمريتين الأكثر استفادةً من التأثيرات الإيجابية للتمارين الرياضية على جهاز المناعة. وبالنسبة للأطفال، تنطوي التمارين الرياضية على أهمية كبيرة لنموهم وتطور قدراتهم بشكل سوي. ومن ناحية أخرى، تمثّل بدانة الأطفال مشكلة صحية خطيرة تسبب تأثيرات سلبية على الجهاز المناعي وغيره من وظائف الجسم. وهنا، يشير لويس جانزو إلى ضرورة تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة باستخدام وسائل التحفيز المناسبة "مثل تزويدهم بالألعاب المسليّة والتحديات الملائمة على المدى القصير، ومن ثم مكافأتهم على جهودهم عبر أفعال تظهر حبّنا لهم وتُعزز ثقتهم بأنفسهم، إضافة إلى مشاركتنا معهم في أنشطتهم المختلفة لنزودهم بمثال يُحتذى به.

ويُنصح بممارسة الألعاب والتمارين في الهواء الطلق قدر الإمكان، كونها تقدّم فوائد أكبر للجهاز المناع بفضل دور فيتامين D الذي نحصل عليه من أشعه الشمس". أما بالنسبة لمدة التمارين "فيتعين أن تمتد لفترة قصيرة لا تتجاوز الساعة الواحدة، مع ضرورة أن تترواح التمارين بين المتوسطة إلى عالية المستوى بما يتلاءم مع عمر الأطفال، بهدف ضمان نموهم الكافي". ولا يجب أن يشكّل فصل الشتاء عائقاً أمام ممارسة التمارين الرياضية، إذ يمكن مواصلتها في المنزل. وبالاعتماد على المساحة المتوافرة، يمكننا اقتراح ألعاب وأنشطة مختلفة ذات أهداف قابلة للتحقيق، ومن ثم زيادة صعوبتها تدريجياً "مثل ألعاب المرونة والتناسق والتوازن والسرعة وغيرها".

وفيما يتعلق بجائحة كوفيد-19، من الضروري الحرص على حماية الأطفال من التوتر أو القلق، كونهم قد يواجهون صعوبات حتى بعد انتهاء فترة الإغلاق في العودة ثانية إلى الأماكن المختلفة في بيئتهم الطبيعية بسبب حالة الخوف الناتجة عن الجائحة. وأشار جانزو إلى أنه "من الضروري قدر الإمكان شرح الأوضاع الحالية بصورة جيدة، بالإضافة إلى التخفيف من وطأة التأثيرات التي فرضتها الجائحة".