فيلم "Osage County" الموعود بالأوسكار

منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وأجراس إنذار الأدباء والمثقفين تدق داخل المجتمع الأميركي للتحذير من الانهيار الاجتماعي والثقافي، الذي يقوض دعائم الحلم الأميركي، ولكنك لن تسمع وترى هذا التحذير على الإطلاق بأجمل مما ستراه في فيلم "August: Osage County" الموعود بالأوسكار وكل جوائز السينما.
 
الفيلم ليس جميلا لأنه من بطولة المرشحة السنوية لنيل الأوسكار المبدعة ميريل ستريب فحسب، ولا لأنه يقدم مبارزة رفيعة في فنون التمثيل بين ستريب وصاحبة أجمل ابتسامة في العالم جوليا روبرتس مع كوكبة من أمهر ممثلي هوليوود، وانما لأنه بالأساس نص مسرحي ينتمي لعالم الكوميديا السوداء، حصل على أرفع الجوائز الأدبية في العالم "جائزهبولتزر".
 
القصة بسيطة ومضحكة من الظاهر ولكنها تدمي قلب كل من تفككت أسرته، والهدف هنا عائلة الشاعر المدمن للخمر بيفرلي ويستون ويقوم بدوره سام شبرد المقيم بمقاطعة أوساج، الذي يعاني من زوجته المتسلطة والعنصرية فايلوت تؤديها ميريل ستريب، التي يزداد تسلطها بعد اصابتها بمرض سرطان الفم، ويزداد نهمها لتدخين السيجار والحبوب المهدئة، فيقرر بيفرلى تعيين خادمة من أصل هندي لرعاية زوجته، ثم يختفي فجأة، لتستدعي الزوجة بناتها الثلاث للبحث عن الأب الذي يتضح فيما بعد أنه توفى في ظروف غامضة.
 
الفتيات الثلاث اللواتي تربين على يد أم متسلطة وعنصرية ومدمنة للمهدئات، لا يساهمن في حل اللغز، بقدر ما يزيدنه تعقيدا، فالكبرى باربرا ويستون تؤديها جوليا روبرتس، عنيدة مثل أمها ومطلقة، والثانية كارين وتقوم بدورها جولي يتلويس، تعيش دون زواج مع رجل غنى ذي نزوات، والثالثة أجرت إزالة للرحم، وتحب ابن خالتها الذي يتضح فيما بعد أنه أخوها، بعد أن تكتشف الأم أن زوجها الشاعر كان على علاقة بأختها وان وفاته كانت انتحارا.
 
بيفرلى الخائن الهارب إلى الموت، مع الزوجة العنصرية الهاربة من الموت، مع ثلاثة أجيال من "فتيات أميركا" يرون الجيل الأب وهو يسقط ضحية كل أمراض العصر، مع خادمة تذكرهم دوما بكل ما اقترفته الحضارة الإنسانية المزعومة بحق الهنود الحمر، يعزفون مع لهيب أغسطس في مقاطعة أوساج، معزوفة الإنذار الأخير لمجتمع يسقط، بالهام من المؤلفة الكبيرة تراي سيليتس وإخراج جونويلس.
 
بالإضافة للأداء المبدع للثلاثي ميريل ستريب وجوليا روبرتس وجولي يتلويس، يشارك في البطولة ايوان ماك غريغور، أبيجي لبريسلين، مارغو مارتينديل، كريس كوبر، بين ديكت كامبير، وسواء حصل أحدهم على الأوسكار أم لا، ستبقى مجرد المشاركة في هذه الملحمة، جائزة بذاتها.