دنيا المال والأعمال

تصدر عدد الـ"Newsweek" لهذا الموسم سؤال ذهبي فتحت معه أبواب "اليقظة الفكرية" لدخول دنيا المال والأعمال. فـ"Joseph Stiglitz"، كاتب المقالة، عرض التبعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي يحتمل أن تواجه الدول والشركات والأفراد في حال فشلهم في معالجة مسائل اقتصادية عالقة لقرابة ثلاثة أعوام مضت

ورغم أن السنوات العجاف ما هي إلا رواسب قرن مضى من عجلة التخطيط والإدراك في هيكلة مشاريع التنمية، فإن الحسبة البشرية تبدأ تحديداً "بعد وقوع الفأس بالرأس"، وهذه هي المشكلة، فدنيا المال والأعمال تدور كعقارب الساعة، دقيقة ومنتظمة، لكنها سرعان ما تخطو خطواتها إلى لأمام، بلا سابق اعتبار لمن يتتبع خطاها، فلن تنحني لتلقي التحية على من أساء استغلالها، ولن تلتفت لمن أخلف موعده بها، بل تلتقيه في حال بدأت دورتها من جديد، وهذا نهج سادة السيف والقلم

يحمل سؤال ""The Way Out of Debt?! في طياته الكثير من العتب. فلا أحد يقوى على قرع آخر الأبواب للخلاص، إلا من فتح قبلها ألف باب وباب

فمشكلة المستثمرين الجدد في قطاع الأعمال تكمن في "خيالهم الخصب" بأن اقتراض الأموال من البنوك هو الجزء الأهم في زيادة العائدات لمشاريعهم. فيدخل المستثمر في أكثر من قطاع، ويبدأ بضخ الأموال في مشاريع متفاوتة في النسب التحصيلية، بهدف صيد فريسة شاردة قد يكون الحظ أو القدر من دفعها أمامه

هذه هي رياح التجارة، تهب بغتة لتعصف بالفكر أمام الفرص، وهذا بالتحديد ما أنتج الكم الهائل من المشاريع  قيد التنفيذ، والتي بدورها كشفت عن عورات الديون المتراكمة

الولايات المتحدة الأمريكية كانت السباقة في تطبيق سياسة الخصخصة على القطاع العام كنوع من أنواع شغل الأولويات الإدارية، وفتح منفس لتنشيط المشاريع العالقة، ومن ثَم دعم القطاع الخاص عن طريق التدرج والانتقالية، لكن غلو الأفراد في اللجوء إلى "بنك التسليف" والاقتراض أفسدا المعادلة

فرغم المتغيرات الحالية في الاقتصادات، وسوء التدبير في بعض القطاعات، فإن ما أنتجته الخصخصة على الصعيد العام هو زرع الثقة في قدرات الأفراد

هذه الثقة أنتجت بحوثاً أدت إلى ابتكار وتطوير تقنيات كـ"الإنترنت" أسهمت في تحويل الاقتصاد إلى أفضل حالاته

فالفرد هنا خلق المشكلة من جهة الاستثمار، وأسهم في حل جزء منها من جهة الابتكار

أمريكا اليوم غير قادرة على تلبية واستيعاب احتياجات كثير من أفراد القطاع الخاص

فاتجهت أغلبية القوى الشبابية إلى العمل الجزئي في وظائف ذات دخل محدود، ولساعات نسبية أقل لاكتفاء أغلب الشركات واستغنائها عن خدماتهم، وعدم قدرتها على استيعابهم

بينما بقي الجزء الأكبر عاطلاً عن العمل، فمنهم من أُقيل، ومنهم من اضطر إلى ترك العمل لإفلاس تلك الشركات. ظاهرة البطالة هي من العوامل المترتبة على خلل الاقتصاد، وعجز المؤسسات على إلحاقهم بها، لكن الذي سيترتب على تهميش حجم هذه المشكلة هو "تدمير رأس المال البشري"، فعدم إتاحة الفرصة أمام تطوير كفاءاتهم يفقد الفرد مهاراته المكتسبة من سوق العمل، وهو ما قد يؤدي إلى تبعات جديدة أمام الاقتصاد العالمي في الأعوام المقبلة

ما يجب علينا طرحه هو مراجعة تصرفاتنا التي أدت بنا إلى خندق الأزمة