تفاصيل وإثارة لا تنتهي في X-Men: First Class

سلسلة أفلام الخيال العلمي الشهيرة حرب النجوم للمخرج والمنتج العالمي جورج لوكاس تكوّنت من ستة أجزاء، تم إنتاج الأجزاء الثلاثة الأولى منها في الفترة بين 1977 و1983 وتناولت المعركة بين جانب الخير الذي يقوده الفارس الفضائي لوك سكاي ولكر وجانب الشر الذي يمثله الشرير المقنع دارث فيدر.

وبعد أكثر من عشرين عاما على إنتاج الجزء الأول قام لوكاس بإنتاج الثلاثية الأخرى والتي أطلق الجزء الأول منها في 1999، ولكنها لم تكن تكملة للأولى بل كانت هذه المرة سابقة لها في مسارها القصصي وعودة للوراء في سرد القصة، فشكّلت في مضمونها إجابات عن كيفية وصول الأحداث والشخصيات إلى المسارات التي تعرفنا عليها بها في الأجزاء الأولى.

في الأجزاء السابقة كنّا قد عرفنا أن "المتحولون" هم مجموعة من البشر تطوروا جينيا عن بقية أقرانهم، وأصبحت لديهم قدرات خارقة للعادة، فمنهم من يستطع الطيران ومنهم يستطيع قراءة الأفكار أو التحول إلى رجل صخري وغيرها من القدرات العجيبة، ورأينا المتحولين يعيشون صراعا في عالمنا المعاصر المنقسم على ذاته بين تقبلهم والترحيب بهم بين البشر وبين عزلهم وسجنهم خوفا من مخاطرهم، وفي الوقت ذاته رأينا مجتمع المتحولين منقسم أيضاً على نفسه بين الجانب الذي يرى أنه من الواجب التعايش مع البشر واستخدام قوى المتحولين لخير البشرية جمعاء بقيادة الدكتور أكسفير، والجانب الآخر الذي يقوده ماغنيتو الذي يرى في البشر عدوا يجب تسخيره أو القضاء عليه.

وفي فيلم  X-Men: First Class  نرحل بالتاريخ إلى الوراء حيث نكتشف أصول هؤلاء المتحولين وكيفية تجمعهم معا كفريق واحد من ثم ظهورهم للعلن وبداية علم البشر بهم وردة فعلهم على ذلك، وكذلك ردّة الفعل المقابلة من المتحولين التي فصلتهم إلى جانبين متضادين كما رأيناهم في الأجزاء الأولى.

يختلف هذا الجزء من السلسلة بكون الفريقين اللذين عرفناهما دائما في مواجهة بعضهما البعض هما هنا فريق واحد ما زال تحت التشكيل، والشخصيتان اللتان تقودان الفريقين هما في الجانب نفسه متحديين وبالتالي استدعى الأمر وجود جانب جديد للشر في هذا الفيلم وهو هنا البروفيسور الألماني النازي سباستيان شو، الذي اكتشف قدرات أكسفير الخارقة خلال الحرب العالمية الثانية، ومن خلال بحثه تمكن من تشكيل فريق من المتحولين هدفهم تدمير البشرية، وكان طريقهم لذلك محاولة إشعال حرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في عز سنين الحرب الباردة في الستينيات، وعند يعلم فريق الدكتور أكسفير وماغنيتو بنواياه يقفون له بالمرصاد.

الفيلم أظهر بذكاء خلفية كل شخصية من شخصيات المتحولين، والجيد في حبكة الفيلم أنها مستقلة عن بقية الأجزاء، وبالنسبة لمن ليس له معرفة سابقة بالسلسلة وشخصياتها ويشاهد الفيلم بدون أي خلفية عن الأجزاء السابقة يقف هذا الجزء كفيلم مستقل بذاته، ولكن مشاهدته بمعرفة سابقة بأحداث السلسلة وشخصياتها بالتأكيد تعطي المشاهد أبعادا أخرى تغني تجربة المشاهدة.

كما يميز هذا الجزء توقيت أحداثه وهي فترة الستينيات من القرن الماضي والتي أدخلت الأحداث السياسية لذلك العقد ضمن سياق الحبكة بذكاء، مثل أزمة قواعد الصورايخ النووية في كوبا، كما أن الخلفية البصرية لعقد الستينيات أعطت الفيلم شكلا مميزا بجميع التفاصيل التي احتوتها من أزياء وتسريحات إلى هندسة المباني والديكورات إلى تصاميم التكنولوجيا وغيرها، فأتى الفيلم مميزا ومستقلا شكليا وبصريا عن بقية الأجزاء السابقة.

طاقم الفيلم يبدو أنه اختير بعناية شديدة فيكاد يكون كل ممثل فيه متطابقا مع دوره، فالممثل الاسكتلندي جيمس مكفوي يبرز هنا بدور الدكتور أكسفير، ويؤدي دور الشاب العبقري بثقة واضحة، ويتميز مايكل فاسبيندر بدور ماغنيتو، ويعطى الشخصية التي كانت وجها للشر في الأجزاء السابقة لمسة إنسانية، بينما يتولى كيفن بيكن دور الشرير هنا ويضفي على شخصية البروفيسور سباستيان شو التي يلعبها نكهة خاصّة، وأتت الممثلتان جنيفر لورنس وروز بايرن إضافة جميلة للفيلم.

فيلم X-Men: First Class، يتميز بزخم الأحداث فيه وسيرها بصورة متسارعة ولكن متوازنة، وهو أيضا ثري بالشخصيات الرئيسية التي تحمل كل منها قصتها وخطها الخاص بها فأضافت غنى للعمل، فظهر الفيلم بشكل ملحمي بانورامي متحرك مليء بالتفاصيل والاثارة التي لا تهدأ.