احذروا التفرقة بين الأبناء

تعتبر التفرقة بين الأبناء من أهم السلوكيات المرفوضة تربويا لما يترتب عليها من أثار مدمرة لصحة الطفل النفسية ولكونها أحد أهم وأخطرالمشاكل التي يواجهها أطفالنا في الأسرة اليوم، وتظهر جليا عندما يميل أحد الأبوين أو كليهما لأحد الأبناء على حساب الآخرين، وبالتالي حصول الطرف المميز عليهم على امتيازات عديدة دونهم. وترجع أسبابها إلى عدة عوامل منها وجود تشابه بين الابن وأحد والديه في الطباع وطريقة التفكير، فيحدث التفضيل وتظهر التفرقة دون وعي، وقد يكون سببها السن والإحتياج إلى الرعاية والإنتباه كما في حالة الإبن الأصغر، أو الجنس وذلك بإعطاء الولد الأفضلية على البنت وترسيخ الإعتقاد لديه بأنه ولد للأمر والنهي فقط، ويظهر ذلك بوضوح في مجتمعاتنا الشرقية ورغم التقدم إلا أنها لازالت راسخة في العديد من الأسر. أيضا سلوك الأبناء وطريقة تفكيرهم قد يفرضوا ذلك على الأبوين فالأخ الأكبر في الغالب يكون على قدر كافي من الوعي الذي يمكنه من التمييز بين الصواب والخطأ، ويترتب على ذلك السماح له بأمور كثيرة على خلاف الابن المتهور الأصغر سنا والغير مسؤول ومن هنا يحدث التمييز، ولا يعني ذلك قبول الأمر كقاعدة أساسية فقد يحدث العكس تماما، وهنا يحتاج الأمر إلى حكمة الوالدين للتغلب على هذه المشكلة الخطيرة، فمع أول لحظة تحدث فيها التفرقة تولد مشاعر حقد وضغينه تظل باقية في أذهان الأبناء، ولا يمحيها شئ فهي كالبذرة تنثر لتنبت وتحصد بعد ذلك، ولكن الحصاد هنا مختلف، فالنتيجة مدمرة لجميع أفراد الأسرة، فأنت حين تفرق بين أبنائك تخلق طفل غير سوي، ليس لديه ثقة في نفسه وفيمن حوله، طفل فاقد الشعور بالأمان، وإنطوائي، يتملكه ويوجهه الكره الذي نثر بداخله، فيلجأ إلى رفاق السوء، وهذا أخطر ما في الأمر، لأنه سيتأثر بهم وستظهر عليه سلوكيات جديدة غير مرغوبة، وسيعتبر الطرف المميز عنه عدوه اللدود، وسيفكر في الانتقام والتخلص منه بطريقة أو بأخرى، ولنا في قصة نبي الله يوسف عليه السلام الأسوة والعبرة. وقد أكد علماء النفس أن المساواة بين الأبناء تخلق أبناء أسوياء نفسيا، ومميزين، ومستقلين، و مستعدين لمواجهة الحياة، إضافة إلى أنها توفر بيئة صحيحة وتربة خصبة لزرع مشاعر الحب والطمأنينة داخل الأسرة، وبالتالي حصاد أبناء أقوياء متحدين يسعى كل منهم جاهدا لإرضاء الآخر ليسود بذلك طقس دافئ دون أي تقلبات جوية تعكر صفوه. لذلك وجب على الأب والأم أن يحققا المساواة في التعامل مع أبنائهم، وأن يعمل كل منهما على تنبيه الآخر إذا ما وجد شريكه يسير في الإتجاه المحذور ألا وهو التفرقة بين الأبناء.