الأميرة حصة بنت سلمان ترعى الحفل التعريفي للجمعية العلمية للدراسات الإسلامية

رعت صاحبة السمو الملكي الأمير حصة بنت سلمان بن عبدالعزيز يوم أمس الأربعاء الحفل التعريفي للجمعية العلمية للدراسات الإسلامية (الحسنى) بمقر جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض.  وكانت انطلاقة الحفل التعريفي بحضور مديرة الجامعة الدكتورة هدى بنت محمد العميل و عدد من الشخصيات النسائية الأكاديمية و الثقافية. 
 
يذكر أن اللجنة المؤسسة للجمعية العلمية للدراسات الإسلامية مكونة من: 
 
 أ.د. رقية نياز ( رئيساً )
 أ.د. نجلاء ال مبارك ( نائباً )
 أ.د. فلوة الراشد ( عضواً )
 أ.د. الجوهرة العمراني ( عضواً )
 د. نورة الحساوي ( عضواً ) 
 
أما كلمة الأميرة حصة بنت سلمان في هذا الحفل التعريفي فكانت بليغة حيث أبرزت اهتمامها بالجمعية العلمية للدراسات الإسلامية (الحسنى). وقد بدأتها بالحمد والثناء على المولى عز وجل ومن ثم التركيز على أن هذه الجميعة ماهي إلا امتداد لعناية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بتعليم المرأة وتنويرها بالعلوم الشرعية والإسلامية. كما شددت على أهمية التسامح و المحبة والإحسان في الإسلام و دور الجمعية في إبراز حقيقة ديننا العظيم. أما الختام فكان بالدعاء لأن يعم السلام في العالم أجمع و ذلك أسوة بدعاء والدتها المغفور لها بإذن الله. 
 
إليكم تفاصيل كلمة الأميرة حصة بنت عبدالعزيز : 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
أحمد الله وأشكره على هذا الخير العميم الذي يكتنف أرجاء مملكتنا الحبيبة، حتى أصبح في كلّ موضع منها منبر علمي وثقافي يرتشف منه الجميع رحيق المعرفة، ويتنفّسون منه أريج العلم. ويسرّني أن أكون معكن، وأن أرحِّب بكنّ في هذا الحفل المبارك، الذي نعبّر من خلاله عن اعتزازنا بهذه الجمعية العلمية (جمعية الحُسنى) المنبثقة من الصرح العلمي الكبير في بلادنا الحبيبة (جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن). 
 
لا شكّ أن الاهتمام بهذه الجمعية، والوقوف معها في مرحلة التأسيس، هما امتداد لعناية خادم الحرمين الشريفين سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بتعليم المرأة وتنويرها بالعلوم الشرعية، ودعمها وتمكينها من أداء دورها الريادي في خدمة الوطن ونسائه؛ لتحقيق الأهداف السامية التي رسمتها الجمعية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.
 
ولا يمكن أن تكون البداية، ونحن نتحدث عن هذه الجمعية المتميّزة اسماً وغايةً، إلا من خلال قول الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (البقرة: 112)؛ فقد ربط سبحانه وتعالى الإسلام بالإحسان، وجعله شرطاً له؛ لأنه سبب وجود الانسان على الأرض، والرسالة التي خُلق من أجلها، وهي إعمار الكون والإحسان إليه، بعيداً عن مفاهيم الصراع مع الطبيعة وقهرها. لذلك أجزل سبحانه وتعالى عطاءه للمسلم ومكافأته على ذلك؛ فجعل الأجر عنده وحده، وزاد هذا المسلم المُحسن أمناً وفرحاً دائمين لا تنغّصهما ذرّةٌ من كَدَرٍ، ولا لحظةٌ من خوف.
 
 
إن حكمة الإحسان تعني الكثير، ومنها تنبثق الأفعال والأخلاق التي تجعل الإنسان مسلماً حقيقياً، ليس من خلال إنفاق المقتدر في سبيل الخير فقط، وإنما من خلال وجوده الإنساني، وبذله من وقته وجهده في سبيل الإحسان إلى الآخرين، ومساندتهم بمشاعره، والعمل في سبيل الخير؛ فهذه الأشياء لا تُقَّدر بمالٍ أو ثمن.
 
إن الإحسان عمل وأخلاق، وهو مرتبط بإسلام الشخص وجهه إلى الله الواحد الأحد، وقدوتنا في ذلك سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ألهمه الله سبحانه وتعالى أن يؤكّد دوماً أنه بشر يُوحَى إليه، وكان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن. ويحقّ هنا لكلّ إنسان أن يسأل نفسه: ما علاقة هذه التعاليم السامية بما يحدث في بلاد المسلمين من أحزاب أو طوائف يسمُّون أنفسهم مسلمين، وكلّ أفعالهم وأخلاقهم الهمجية لا تمتّ إلى إسلامنا أو قرآننا الكريم أو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .
 
إنني أرى في هذه الجمعية أملاً في أن تبدأ الأم المعلّمة، والمرأة، والفتاة السعودية، بأن تغرس في الجيل الجديد إسلام المحبة والإحسان، ولنكون الرائدات في إظهار حقيقة ديننا السمحة عن طريق إعداد هذه الجمعية وغيرها من الجمعيات والمؤسسات باحثاتٍ متميّزاتٍ في مجال الدراسات الإسلامية داخل المملكة وخارجها، ودراسة التحدّيات الفكرية التي تواجه الأمة وسُبُل التصدّي لها من خلال الأنشطة المختلفة؛ مثل: ترجمة الكتب والأبحاث من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية وغيرها، وبثّ روح الإحسان والتسامح والمحبة بين الناس، بل حتى مع الحيوان؛ فالإسلام دين شامل، لم يفرض على المسلم الإحسان إلى بني جنسه فحسب، وإنما سنّ له طريقاً من الرفق والإحسان إلى الحيوان؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم محذّراً: «دخلت امرأة النار في هرّة ربطتها؛ فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت»، بل أوجبت تعاليم الإسلام السامية الإحسان إلى النبات والجماد، اللذين لا رُوح فيهما، وفي أشدّ لحظات بطش الإنسان، وهي الحروب، فأوصى صلى الله عليه وسلم جنوده بألاّ يغدروا، ولا يغلّوا، ولا يقتلوا وليداً أو امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا معتصماً بصومعةٍ، وألا يقربوا نخلاً، أو يقطعوا شجراً، أو يهدموا بناءً.
 
إن اهتمام جمعية الحسنى بدراسة المُستجَدَّات في قضايا المرأة، وتأصيلها من خلال الفعاليات والأنشطة المختلفة، جعلها أوّل جمعية علمية شرعية نسائية في وطننا العزيز تنال شرف خدمة العلم وتأصيله ونشره في أوساط النساء؛ فلها من قلوبنا خالص الدعاء بالتوفيق والتيسير والإعانة، وأن تكون منبراً بحثياً نسائياً يليق باسمها وغايتها، وكلّي ثقةٌ في ذلك؛ لأن المرأة السعودية إذا أرادت فعلت، وما أكثر نماذجنا في هذا الشأن.
 
في النهاية، لا أجد ما أختم به كلمتي هذه سوى هذا الدعاء، الذي كانت تحرص عليه والدتي رحمها الله في ختام كلّ صلاة؛ فما أحوجنا إليه في كلّ وقت وحين: «اللهم اجعل السلام يعمّ العالم».
 
والسلام عليكن ورحمة الله وبركاته.