ريم بن صدّيق لـ"هي": لدي رغبة ملحة لنشر ثقافة التسويق الاستراتيجي في المشاريع السعودية القادمة

ريم بن صدّيق سعودية متميزة برزت في عالم التسويق الاستراتيجي، واختيرت مؤخرا عضوا ضمن لجنة التحكيم لجائزة رواد التسويق. دراستها الجامعية كانت في تخصص إدارة ونظم المعلومات بجامعة دار الحكمة في جدة، إلا أن تعطشها للعلم والمعرفة جعلها تكمل الطريق الأكاديمي لتحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة اللبنانية الأمريكية في بيروت وهي نقطة التحول التي جعلتها تتجه نحو عالم التسويق الاستراتيجي. هي الرئيسة التنفيذية لشركة "ريم بن صدّيق للتدريب والاستشارت التسويقية"، وقد كان لنا معها هذا اللقاء الشائق عبر صفحات "هي" للحديث عن مهنتها وحياتها وطموحاتها.

بداية حدثينا عن مفهوم التسويق الاستراتيجي، وكيف دخلتِ هذا العالم؟

يخضع علم التسويق باستمرار إلى الكثير من التطويرات والتغييرات. هناك الكثير من المفاهيم التي تدور حول التسويق الاستراتيجي إلا أن المفهوم الأكثر شيوعا مغلوط مع الأسف لأنه يربط بين التسويق الاستراتيجي ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل مباشر وأساسي. التسويق الاستراتيجي هو عبارة عن فكرة ومستقبل وبناء للمعلومة لدى العميل المستهدف. يمثل التسويق الاستراتيجي فنا بحد ذاته ممزوج مع علم وأسس ليكوّن قصة ترويها العلامات التجارية والمشاريع. دخلت هذا العالم بالصدفة في المراحل الأخيرة من رحلة تحصيل رسالة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة اللبنانية الأمريكية، حيث كانت المواد الأخيرة عن التسويق، وشعرت حينها بأن هذا العلم هو شغفي. خطوت فيه عبر دمج التفكير الاستراتيجي طويل الأمد مع التسويق لخلق ماركات تجارية على مدى طويل وليس فقاعات كالتي نشاهدها في الوقت حالي.

لديك خبرة في تأسيس المشاريع كما أنك مدربة معتمدة من ILM في بريطانيا .. حدثينا عن أهمية هذا الأمر.

تأسيس المشاريع موضوع مهم للغاية، ولدي خبرة في هذا المجال من خلال التدريس تمتد إلى عشر سنوات، ولذلك لأني عاشقة كبيرة للتعليم. عندما كنت طالبة على مقاعد الدراسة الجامعية، كنت أعاني من تصعيب الأمور على يد بعض المعلمين والمحاضرين بأسلوب يستنفد الطاقات دون جدوى. أحب تبسيط الأمور، وقد وجدت أن هناك الكثير مثلي ممن لا يرغبون في قضاء عشر ساعات في دراسة كتاب ما، ومع ذلك هم أذكياء ولديهم إمكانيات مميزة. ولذا، دخلت عالم التدريب باستخدام فن تبسيط المعلومة لتمكين الشباب السعودي ودعمهم بالطاقة ودفعهم إلى تقديم الأفضل. أصبحت خبيرة في تأسيس الأعمال لأني شهدت الكثير من الأخطاء في هذا المجال على مستوى المشاريع الصغيرة والمتوسطة وحتى الكبيرة. شعرت برغبة في أن أنقل معرفتي إلى شباب الأعمال لتلافي الأخطاء في مرحلة تأسيس المشاريع، وهو ما يوفر الجهد والوقت والمال.

ما أبرز التحديات التي واجهتك شخصيا عند إطلاق شركتك؟ وكيف تغلبتِ عليها؟

لا يوجد الكثير من التحديات التي واجهتها، رحلة الحياة تتضمن الكثير من المرتفعات والمنخفضات التي تواجهنا على الطريق. أتمتع ولله الحمد بسمعة جيدة في مهنتي بنيتها على مدى سنوات طويلة، ولا أتذكر أنني قد واجهت تحديا معينا استوقفني.

ما طموحاتك فيما يتعلق بعالم التسويق الاستراتيجي؟

أطمح إلى نشر ثقافة التسويق الاستراتيجي، وأن التسويق الاستراتيجي لا يقتصر على إعلان أو تعزيز العلامات التجارية أو استخدام مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي. لدي رغبة ملحة لنشر علم التسويق الاستراتيجي وفنونه لتنفيذه في المشاريع السعودية القائمة. كما نعلم جميعا، توجه المملكة العربية السعودية اليوم هو في دفع الشباب لإطلاق مشاريعهم التجارية وتوفير سبل نجاحها، ويعتبر التسويق الاستراتيجي عنصرا أساسيا لا يمكن تجاهله لتحقيق هذا الهدف.

تتضمن رؤية 2030 تمكين المرأة بشكل كبير، كيف برأيك سيسهم ذلك في النمو المهني والمجتمعي للمرأة في السعودية؟

تمكين المرأة ضمن رؤية 2030 قوي، كما أن تعزيز دورها المهني عبر توسيع دائرة الوظائف المتاحة لها في مختلف الدوائر الحكومية والقطاعات الخاصة أمر رائع للغاية. هذا الأمر له انعاكسات إيجابية بارزة ليس فقط على الجانب الاقتصادي للمملكة،  بل على الجانب المجتمعي أيضا لأن المرأة هي الأم وهي المربي. إذا كانت المرأة قادرة على أن تكون قيادية ورائدة أعمال فسوف تنشئ أجيالا من القادة والرياديين. أرى أن المرأة السعودية قد كفت ووفت وأظهرت الكثير من النجاحات الكبيرة في فترة قصيرة للغاية؛ ويأتي القرار الملكي السامي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة ليتوج هذه الإنجازات وييسر تحقيق المزيد منها. 

ما نصيحتك الأولى والأهم للشابات اللاتي هن على وشك تأسيس مشاريعهن الخاصة؟

نصيحتي الأهم لجيل الشابات الصاعدات اللاتي نشأن في عصر السرعة والإنترنت والمواقع الاجتماعية أن يتحلين بالصبر، خاصة فيما يتعلق بتأسيس المشاريع. كما أنصحهن بتطبيق المثل (أعطِ الخبر لخبازه) بحيث لا يجدن ضيرا في الاستعانة بالخبرات المطلوبة، وطلب يد المساعدة عند تأسيس المشاريع الخاصة بهن، ليس من العيب أن نواجه حقيقة أننا لسنا خبراء في كل الأمور، بل علينا أن نبادر بالبحث واللجوء للجهات التي تساعدنا في بناء مشاريعنا. أما النصيحة الأخيرة، فهي تقبّل أن الخطأ أوالتعثر أوالفشل وارد في جميع التجارب التي نخوضها، بل قد تكون خطوة تقودنا إلى نجاحات كبيرة بشرط أن نتعلم منها عن طريق التزود بالمعرفة والتدريب، وهي التجارب ذاتها التي ستجعلنا أقوى وأقدر في مجال ريادة الأعمال سواء سيدات أو شباب.

ما هواياتك بعيدا عن عالم التسويق الاستراتيجي؟

هوايتي الأولى بعيدا عن مهنتي هي الطبخ! أعشق المطبخ كما أحب كل ما يتعلق بالجمال والموضة حتى إنني التحقت بدورات خاصة بتصميم الأزياء في London College of Fashion. أنا مغرمة بالألوان والثياب كما أني مهتمة بالرياضة بشكل كبير وأستمتع كثيرا بالموسيقى والقراءة ومشاهدة الأفلام. أما شغفي الحقيقي، فهو السفر بشكل دائم إلى مناطق جديدة.

ماذا يعني لك السفر؟ وهل من مدينة تركتِ لديك تأثيرا لا ينسى؟

السفر يعني لي الحياة؛ فهو وسيلة للتعلم وللتعرف إلى ثقافات مختلفة يمكن "سعودتها" وتطبيقها في بلدنا. أعشق تجربة المذاقات المختلفة من حول العالم؛ أحب دائما أن أجميع بين متعة السفر وفائدة التعلم، ولذا أحرص على الانضمام إلى دورات تعليمية أو ورش عمل، إضافة إلى الالتقاء بأشخاص مختصين في مجالي من خلفيات متنوعة وذوي تجارب غنية بالمعرفة. مدينتي المفضلة التي أعشقها من كل قلبي وتجدد علاقتي بنفسي وتلهمني هي لندن، ومن بعدها مدينة باريس التي تترك دائما أثرا كبيرا في نفسي.

من أين تستمدين طاقتك للعمل الدؤوب؟

أمي هي منبع الطاقة الذي أستمد منه وقودي للانطلاق ليس فقط في مهنتي، بل في كل جوانب حياتي. بعد الله تعالى، أمي لها الفضل في وصولي إلى ما أنا عليه اليوم. كلما وقعت أو تعثرت أجدها بجانبي تسندني وتدعمني. أعمل مستشارة للآخرين ولكن أمي هي مستشارتي في مشاريعي الجديدة أو أفكاري الإبداعية، فهي مصدر إلهام لي. تمدني والدتي بالطاقة الإيجابية وأتحدث إليها 3 مرات يوميا في الصباح وخلال اليوم ومساء. أتناقش معها في مختلف المسائل، قد تشفق علي أحيانا في بعض المواقف، إلا أنها صارمة جدا في مواقف أخرى.

أطقلنا مؤخرا هاشتاق #تملّك_الوقت .. ماذا يعني لك الوقت؟ وما طريقتك لاستقطاع وقت لذاتك؟

أتمنى لو كان اليوم مكونا من 48 ساعة! تنظيم الوقت هو سر نجاح أي شخص. تعلمت من غازي القصيبي، رحمه الله، درسا بليغا في فن إدارة الوقت، حيث كان يوصي دائما بإعطاء كل شي حقه من حيث الوقت دون المبالغة في ذلك، فكانت اجتماعاته لا تتعدى 20 دقيقة. كما كانت التزاماته اليومية محسوبة بكل دقة.