المهندسة المعمارية آلاء البان لـ"هي": ليس من العدل تطبيق المبادئ الغربية على المرأة السعودية

سطرت الدكتورة السعودية آلاء البان قصة نجاح، أهمّ عناصرها الطموح والوطن، وحصلت في العام الماضي وخلال ثلاثة أعوام فقط على درجة الدكتوراه في العمارة والتخطيط مع مرتبة الشرف من جامعة كولورادو، دنفر في الولايات المتحدة الأمريكية، لتكون بذلك أول من يحوز هذه الدرجة في هذه الفترة القياسية.. علما أن د. آلاء ولدت وترعرت في أسرة تؤمن بأهمية التعليم وبدور المرأة السعودية الفاعل في بناء المجتمع، فجدتها سيدة أعمال ناجحة في جدة، ووالدتها طبيبة سافرت إلى الخارج لإكمال تعليمها.

 

حدثينا بداية عن مرحلة الدراسة والتحضير للدكتوراه.

تخرجت في جامعة دار الحكمة، وصممت على متابعة التحصيل العلمي، وسافرت إلى دنفر عام 2013 في أول يوم من شهر رمضان المبارك، مع زوجي وابنتيّ (دانا، في المرحلة الثانوية) و(در، في المرحلة الابتدائية). وكان الحنين لأسرتي وموطني يزداد خصوصا في هذا الشهر المبارك الذي عادة ما يقضيه الناس مع أسرهم وفي وطنهم. ولكن حبّ العلم والشغف في العمل من أجل الوطن كانا يخففان عني ذلك الحنين. وبعد يومين من وصولي إلى دنفر، توفيت والدة زوجي بشكل مفاجئ في السعودية. وبعد شهر، وقبل أربعة أيام من بدء برنامج الدكتوراه، أنجبتُ توأمين (آلاء وآرام)  في أيام لا أجد ما يعبر عنها سوى وصفها بـ "الأوقات العصيبة". وكان لاستحضار الدعم الأسري والنموذج العائلي دور في إدارة الأوقات العصيبة، فلدي أسرة تؤمن بأهمية التعليم وبدور المرأة السعودية الفاعل في بناء المجتمع، وكانت جدتي سيدة أعمال ناجحة في جدة، كما سافرت والدتي الطبيبة إلى الخارج لإكمال تعليمها.

 

بعد كل هذه الصعوبات، ما شعورك وأنت تتسلمين شهادة الدكتوراه؟

عند تحقيق الهدف وقطف الثمار ننسى كلّ الآلام والصعوبات، هذا ما شعرت به وأنا أعبر إلى مسرح الجامعة لتسلم شهادة الدكتوراه، وذلك بعد شهر واحد فقط من إنجابي لابنتي الخامسة (سفانة).

 

فيم كان تخصصك؟ وما موضوع رسالتك للدكتوراه؟

تخصصت في الهندسة المعمارية والدراسات الجندرية، وكان عنوان أطروحة تخرجي "العمارة والهوية الثقافية في المنازل التقليدية في جدة"، وركزت على تأثير الثقافة الحجازية في العمارة المحلية في المنطقة التاريخية بمدينة جدة، آخذة بعين الاهتمام العلاقة بين التعبير المعماري والتأثير الأنثوي في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر. إضافة إلى الاهتمام بالثقافة السعودية، وتأثيرها في عملية البناء بشكل عام، وفي جدة على وجه التحديد. كما ركزت على أهمية الحلول التي يستدعيها انعكاس الثقافة واحتياجات الهندسة المعمارية المحلية. وتعاونت مع خمسة مستشارين خلال دراستي للحصول على درجة الدكتوراه. وهؤلاء المستشارون هم من وجهوا بحثي، وساعدوني في التركيز على السؤال الرئيس في البحث.

 

ما المحور الرئيس الذي تناولته في رسالتك؟

في الماضي كانت تصاميم البيوت مبنية لتراعي احتياجات المرأة، وهو ما يدل على أنه كانت لديهن الحرية في تشكيل هوية البيت، وهذا لا يتوافق مع التعريف الغربي للتمكين، وليس من العدل أن نحاول تطبيق المبادئ الغربية على المرأة السعودية. كما أكدت في الرسالة على ضرورة رفع مستوى الوعي بأهمية الحفاظ على الحضارة المعمارية في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط.

 

وماذا عن مرحلة ما بعد التخرج في دار الحكمة؟

بعد حصولي على شهادة البكالوريوس في التصميم الداخلي في جامعة دار الحكمة، حصلت على الماجستير في التصميم الجرافيكي من كلية كاليفورنيا للفنون. وتعرفت إلى برنامج الدكتوراه من خلال "برنامج فايز للتبادل الدولي" الذي أنشأه الدكتور المهندس زهير فايز، مؤسس شركة زهير فايز وشركائه، وخريج كلية العمارة والتخطيط، حين كنت أبحث عن برنامج دكتوراه من جامعة متميزة في الهندسة المعمارية.

 

وكيف تلقت الدكتورة سهير القرشي مديرة جامعة دار الحكمة خبر حصولك على الدكتوراه كونك إحدى خريجات الدار؟

عبرت الدكتورة سهير عن سعادتها بهذا الإنجاز بالقول: "أشعر بالفخر الكبير بإنجاز آلاء، وأعتقد أنه يعدّ إنجازا لجامعة دار الحكمة وللمملكة العربية السعودية ككلّ. والجد والاجتهاد ظاهر في هذا الإنجاز الفريد من نوعه، فخريجة دار الحكمة آلاء استطاعت بما تحمله من طموح وحبّ للوطن أن تجتاز، بل تتحدى الصعوبات التي واجهتها، وأصبحت مثالا تحتذي به غيرها من الطالبات والنساء بشكل عام".

 

وأين عملت بعد أن فرغت من الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية؟

عدت إلى جدة بعد عشر سنوات من الدراسة الطويلة في الولايات المتحدة الأمريكية، لأعمل أستاذة مساعدة في جامعة دار الحكمة. كما أسست شركتي الهندسية المعمارية الخاصة. وأرى الآن أن من أهم أولوياتي أن أكون قدوة لبناتي أولا، ثم لطالباتي، وأخيرا للمرأة السعودية، وأن أكون القدوة لهن في الذكاء، والتركيز، وقوة الإرادة، والإيجابية التي تصبّ في مصلحة تمكين المرأة.