الحظ والنجاح

عندما يصل شخص إلى مكانة كان يصبو إليها وتعب من أجل الوصول إليها، تحاول فئة في مجتمعنا تجاهل إنجازه أو التقليل من شأن ما قام به، ربما لأنهم يظنون أن ثنائهم عليه قد يقلل من شأنهم، أو لكي يريحوا أنفسهم بأنه ليس بأفضل منهم، ولم يقم بجهد يذكر، وأن ما هو عليه الآن جاء عن طريق الحظ ومحض صدفة لا أكثر، وأنا في حديثي هنا لست بصدد نكران وجود الحظ في حياتنا، لكنه لا يصنع المعجزات، ولا يخدمك إن لم تكن قادرا على استخدامه لمصلحتك، فالحظ قد يفتح لك الأبواب، ولكنه لا يمهد لك الطريق، فإن لم تكن جديرا به، تركك وذهب إلى غيرك، فهو سفينة إذا أحسنت قيادتها، فقد ترسو بك في موانئ ومحطات أخرى في حياتك. 
 
النجاح لا يحدث من تلقاء نفسه، ولا يكون عن طريق الحظ فقط، إنما هو مزيج من الجد والتعب والصبر، والمبدعون حقا هم من يحسنون استغلاله، ويجعلون من كل شيء يبدو في غاية السلاسة والسهولة، وربما هذا ما يجعلهم يبدون في أعين المنتقدين غير جديرين بالنجاح، وذلك لأنهم لا يملؤون المجالس بالحديث عن بطولتهم أو مشكلاتهم، فهم يعملون بصمت، ويجعلون إنجازاتهم تتحدث عنهم، فالنجاح هو جزء من حياتهم، ينظرون إلى الجزء الممتلئ من الكأس بدلا من النظر إلى الجزء الفارغ منه، فإذا وجدت هؤلاء الناس من حولك، فحاول التعلم منهم، واستفد من خبراتهم، وبدلا من البحث عن الثغرات في إنجازاتهم قم بالثناء عليهم، هنئهم وبارك لهم جهودهم، وإذا رأيت التميز عند أحد، فأخبره بذلك، فلن تندم يوما على الكلمة الطيبة، فهي صدقة.