خاص .. العالم يترقب الليلة انطلاقة مهرجان كان السينمائي

تتجه أنظار العالم مساء الليلة إلى مدينة كان الفرنسية التي تحتفل بانطلاق النسخة الجديدة من مهرجانها السينمائي الدولي، أكبر حدث سنوي في عالم السينما، في دورة يتوقع الجميع أن تكون استثنائية بكل المقاييس.

التوقع سببه إنها تحمل الرقم سبعين. سبعين عاماً حفر المهرجان خلاله اسمه في التاريخ كحدث يحلم جميع سينمائيي العالم بالتواجد فيه. والمهرجان كعادته لا يدّخر وسعاً في الاحتفال بأعياده، وكلنا نذكر الاحتفال بخمسينية المهرجان عام 1997 عندما تم تكريم المخرج المصري يوسف شاهين في مشهد مهيب يصعب خروجه من الذاكرة.

تواجد عربي في الافتتاح

السجادة الحمراء استعدت لاستقبال أكبر نجوم العالم، الذين سيحتفلون بإطلاق المهرجان وعرض فيلم الافتتاح "اشباح اسماعيل" للمخرج الفرنسي أرنو دبليشان، عن مخرج يستعد لتصوير فيلمه الجديد فتبدأ حبيبات الماضي في الظهور في حياته لتقلبانها رأساً على عقب. اختيار فيلم دبليشان لافتتاح المهرجان يرى البعض إنه يحمل ترضية له، بعدما تجاهل المهرجان قبل عامين فيلمه السابق الرائع "أيامي الذهبية" الذي أثبت بعدها كونه أفضل إنتاج فرنسي خلال العام.

حفل الافتتاح سيشهد أيضاً تقديم لجان التحكيم الرسمية للمهرجان، وعلى رأسها لجنة تحكيم المسابقة الدولية التي يرأسها المخرج الإسباني الكبير بيدرو ألمودوفار، ويشارك فيها النجم الأمريكي الأسمر ويل سميث ومواطنته جيسيكا تشاستين.

لجان التحكيم الرسمية ستشهد تواجداً عربياً يتمثل في المخرج المصري محمد دياب الذي تم اختياره ليكون عضواً في لجنة تحكيم مسابقة "نظرة ما"، ثاني مسابقات المهرجان من حيث الأهمية، والتي كان دياب قد افتتحها العام الماضي بفيلمه الأخير "اشتباك". وترأس هذه اللجنة النجمة الأمريكية أوما ثورمان التي ارتبطت لدى المشاهدين بأدوارها في أفلام المخرج كوينتن تارانتينو مثل "اقتل بيل" و"خيال رخيص".

يُذكر أن هناك عضو لجنة تحكيم عربي آخر هي الناقدة والمبرمجة اللبنانية هانيا مروّة، ضمن لجنة تحكيم مسابقة أسبوع النقاد لأفلام العمل الأول، لكن تقديم هذه اللجنة يكون في حفل مستقل حيث أن أسبوع النقاد مثله مثل برنامج نصف شهر المخرجين، كلاهما برنامج موازٍ تنظمه إدارة مستقلة، ولكليهما حفل افتتاحه وختامه المنفصل عن البرنامج الرسمي للمهرجان.

 

استنفار احتفالي وأمني أيضاً

وصلنا كان صباح أمس الثلاثاء، اليوم السابق لانطلاق المهرجان الذي يبدو في كل تفصيلة من المدينة حجم الاستنفار لدورته الجديدة. استنفار يغلب عليه الطابع الاحتفالي بالتأكيد، فأمام كل متجر من متاجر وسط المدينة تم وضع سجادة حمراء قصيرة تحمل اسم المهرجان والرقم سبعين؛ فبالنسبة لأصحاب المتاجر والمطاعم والفنادق مهرجان كان هو الحياة، هو الحدث الذي منح مدينتهم شهرة عالمية، والذي تتحول المدينة خلال أيامه الأثنى عشر من مجرد مصيف راق هادئ إلى مركز صناعة السينما في العالم، بتوافد آلاف المخرجين والمنتجين والصحفيين، وكافة تخصصات العمل السينمائي.

المهرجان يصدر كتاباً بعنوان "تلك السنوات"، يضم سبعين مقالاً لسبعين ناقداً من حول العالم يروون خلالها قصة المهرجان عاماً بعد عام، منذ أن بدأ كفكرة وأدتها الحرب العالمية الثانية عام 1939 ثم تم إحيائها عام 1946 كخطوة لإعادة المصالحة بعد الحرب، حتى تطور وتشعبت أقسامه وأنشطته بالصورة الهائلة التي نراها حالياً.

الكتاب يتضمن مشاركة عربية وحيدة من الناقد المصري الراحل سمير فريد الذي كتب عن دورة عام 1989، قبل أن يرحل عن عالمنا قبل أربعين يوماً بسبب مرض السرطان، بعد حياة حافلة وعلاقة طويلة مع مهرجان كان قام خلالها بحضور وتغطية خمسين دورة للمهرجان من نهاية السبعينيات وحتى العام الماضي بلا انقطاع.

الاستنفار ليس على مستوى الاحتفال فقط ولكنه أيضاً على الصعيد الأمنى. أمر طبيعي في ظل ما يحدث في العالم من حوادث إرهابية مؤسفة، وبالوضع في الاعتبار أن فرنسا أنهت قبل أيام معدودة انتخابات رئاسية ساخنة، وأن مدينة نيس المجاورة لكان كانت قد شهدت حادثاً مروعاً العام الماضي بعد أيام من ختام المهرجان.

رجال الشرطة يتجولون في شوارع المدينة ومعهم الكلاب المدربة لاستكشاف المفرقعات، رجال الأمن المدني وبوابات الكشف عن المعادن عند مداخل جميع الأبواب المؤدية للمهرجان، وصفوف طويلة من ضيوف المهرجان تقف في انتظار دورها للتفتيش الدقيق قبل الدخول لقصر المهرجان بصورة توحي بأن الزحام سيزيد أكثر في الأيام التالية مع توافد المزيد من الحضور. لا أحد يفكر في الاعتراض في ظل تفهم ضرورة هذه الاجراءات، لكن داخل الجميع غصّة مما أفسده الإرهاب من حياة كانت أسهل وأكثر بهجة.

في انتظار الانطلاق

بعيداً عن الأمن وملاحظاته المؤلمة الجميع يترقب إطلاقة المهرجان، الكل يخطط جدوله للاختيار بين عشرات الأفلام والأحداث واللقاءات بالغة الأهمية. البعض يحاول الحصول على دعوات تكفل له حضور العروض المسائية حيث السجادة الحمراء والسير بجوار أكبر نجوم العالم، والبعض الآخر يكتفي العروض الصباحية ليشاهد أكبر عدد ممكن من أفلام كبار المخرجين المشاركة في المهرجان. وفي النهاية القاعدة هي أن "لكل كانه الخاص"، فما يفعله ويشاهده كل شخص خلال المهرجان مختلف كلياً عن غيره، وهنا تكمن متعة حدث بهذه الضخامة وهذا التأثير، سننقل المزيد عنه في رسائل تالية.