المغني الأوبرالي José Carreras لـ "هي": والدتي كانت امرأة مميزة للغاية بمزيج فريد بين القوة والعذوبة

خوسيه كاريراس  José Carreras حنجرة ساحرة تطرب سامعيها، وتنقلهم إلى عالم جميل من المشاعر والأحاسيس. استمتعنا بلقاء هذا المغني الأوبرالي الإسباني الذي يتمتع بجانب إنساني عالٍ وتواضع جم وفكاهة جذابة تشد كل من حوله. احتفل خوسيه كاريراس بعيد ميلاده السبعين في ديسمبر الماضي في اليابان، حيث حضر هناك ليحيي أمسية أوبرالية، وقد دعا إليها جميع أفراد عائلته وأحفاده وأصدقائه المقربين الذين على رأسهم عائلة شوفوليه من دار "شوبارد"، والذين حدثنا عن علاقته الوطيدة بهم وعن دعمهم المستمر ماديا و معنويا لـ "جمعية خوسيه كاريراس لسرطان الدم".  إليكم تفاصيل لقائنا معه ..

 

هذه جولتك العالمية الأخيرة، وكانت مدينة دبي ضمن محطات الوقوف في هذه الرحلة، حدثنا عن أمسيتك في أوبرا دبي؟

هي بالفعل جولتي العالمية الأخيرة، ولكن ليس لها إطار زمني محدد؛ كان وجودي في مدينة دبي مصدر سعادة لي، وتفاعل الجمهور كان رائعا.

 

بعد هذا المشوار الطويل والحافل في تقديم المئات من الأمسيات الأوبرالية حول العالم؛ هل من مكان محدد هو الأقرب إلى قلبك وتشعر بالحنين إليه؟

هناك بعض الأماكن التي تثير لدي عاطفة جياشة، لأن الحضارة فيها قائمة بشكل كبير على الموسيقى والأوبرا مثل ميلانو وفيينا ولندن وسالزبروغ. مما لا شك فيه أن الأولى في قلبي هي دار الأوبرا في مدينتي برشلونة، ولكن تأتي بعدها دور الأوبرا في ميلانو وفيينا، حيث تتملكني مشاعر قوية حين أقدم حفلا أوبراليا فيها.

 

هل كنت تعلم منذ الصغر بأن الغناء الأوبرالي هو حلمك في الحياة؟

قد يبدو هذا غريبا، لكن إجابتي هي نعم، منذ أن كنت صبيا صغيرا كان لدي نداء داخلي قوي يدفعني إلى المحاولة بأن أكون مغنيا أوبراليا. منذ السادسة من عمري كان لدي إحساس قوي بالموسيقى، ولاحظ والداي هذا الأمر، ولذا ألحقوني بمعهد الموسيقى لكي أتعلم ما يجب تعلمه وأطور هذا الشغف بالموسيقى، وهذا ما حصل خطوة بخطوة حتى وصلت إلى مرحلة الغناء الأوبرالي بشكل احترافي.

 

نعلم أن علاقتك بوالدتك كانت مميزة للغاية، هل تظن أن إيمانها بك جعلك تصل إلى ما أنت عليه الآن؟

بالطبع، هذا الجزء مهم جدا في حياتي. أعلم أن كل ابن يشعر بالأمر ذاته تجاه والدته، لكن الحقيقة هي أن والدتي كانت امرأة فريدة وذات شخصية مميزة تملك عزيمة قوية، وفي الوقت نفسه لها جانب عذب وحنون. إنه بالنسبة لي المزيج الأمثل، وهو ما كنت أبحث عنه في المرأة كل حياتي.

 

وهل وجدت هذه المرأة بهذا المزيج الفريد؟

ليس بنسبة 100 في المئة!

 

أصبت بمرض اللوكيميا أو سرطان الدم، حيث أخبرك الأطباء بأن فرص نجاتك ضعيفة؛ ومع ذلك أثبتّ خطأهم وتخطيت هذا التجربة، وأنت الآن ولله الحمد معافى، هل لك أن تحدثنا عن هذا الأمر؟

مما لا شك فيه أن الإصابة بهذا المرض سببت لي صدمة كبيرة، خاصة أن سني لم تتجاوز حينها الأربعين عاما. عندما يواجه الإنسان مثل هذه الظروف يجد نفسه يتعلق بأبسط الآمال. عندما قال لي الأطباء: فرصك ضعيفة ولكن قد يستجيب جسدك لهذا العلاج أو ذاك، ومنها زراعة النخاع الشوكي، خاطبت نفسي قائلا: سوف أحارب من أجل هذا الأمل في النجاة وأتمسك به، وإن كان هناك فرصة بنسبة واحد في المليون فإنها لي! كنت محظوظاً للغاية، فقد كان حولي عائلة وأصدقاء رائعون دعموني منذ بداية إصابتي بالمرض. كما أني كنت بين أيدي فريق طبي محترف يفعل كل ما يستطيعه من أجلي، إضافة إلى الدعم النفسي من زملائي في عالم الموسيقى والجماهير وكل من حولي. قد لا أقول هذا الأمر كثيرا، ولكن بالتأكيد ساعدني الرب في مواجهة هذا المرض بعزم والنجاة منه.

 

بعد نجاتك من المرض حرصت على إنشاء "جمعية خوسيه كاريراس العالمية لسرطان الدم"؛ ما أهمية هذه الجمعية بالنسبة لك؟

بعد مروري بهذه التجربة الصعبة وجدت أني مدين إلى العلم والطب والمجتمع بشكل عام. وجدت أن الخطوة الأولى لإيفاء هذا الدين هو عبر إنشاء جمعية تعنى بمحاربة مرض اللوكيميا ودعم المرضى المصابين به. أنجبت هذه الجمعية الأم مؤسسات صغرى متفرعة في أمريكا وألمانيا وسويسرا، حيث تعمل كل جمعية بإدارة مستقلة مع التركيز طبعا على الهدف نفسه. نعمل كثيرا مع الأطباء، ونحرص على الاستفادة من كل التبرعات الخيرية التي تصلنا من حول العالم وعلى إيرادات حفلات الأوبرا الخيرية السنوية التي نقيمها لهذا الغرض.

 

كيف بدأت العلاقة بين جمعية خوسيه كاريراس لسرطان الدم ودار "شوبارد" للمجوهرات؟

أشيد بكل صدق بالدعم الرائع الذي نحصل عليه من عائلة شوفوليه ودار "شوبارد"؛ ولا أعني فقط الجانب المادي منه، وهو أمر نقدره طبعا، بل أيضا الجانب المعنوي، حيث يحرصون على بذل الوقت والمجهود بشكل شخصي لدعم أهداف الجمعية ورسالتها. أما بداية العلاقة، فكانت عام 1989 حين وردني اتصال من "شوبارد" يدعونني فيه إلى افتتاح بوتيك "شوبارد" الأول في فيينا وقص شريطه، وقلت بالطبع ولم لا؟ ومنذ ذلك الوقت بدأت العلاقة المتينة مع "شوبارد"، وقصصت خلالها الكثير من الشرائط للدار.

 

ما شعورك عندما ترى مرضى اللوكيميا ينتفعون من جمعية خوسيه كاريراس العالمية لسرطان الدم؟

إنه شعور عارم بالرضى لا يفوقه أي إحساس. هذه الجمعية لا تتمحور حولي، بل هي جهود عظيمة من أطباء وعلماء وأنا مجرد عنصر له مساهماته البسيطة في هذه المنظومة. أتذكر بشكل خاص طفلا في الرابعة من عمره يعاني من مرض سرطان الدم كان يخضع للعلاج وترعاه الجمعية؛ رأيته بعد سنوات طويلة وقد حضر إلى الحفل السنوي الذي تقيمه الجمعية في ألمانيا، ويجري نقله عبر قنوات التلفزيون للتوعية بالجمعية، ولجمع التبرعات لها. كان يبدو شابا يافعا مليئا بالصحة ويرتدي جينزا ممزقا حسب آخر صيحات الموضة! أثارت رؤيته وهو صحيح البدن شعورا رائعا في نفسي قد لا أستطيع أن أصفه في كلمات. أنا على يقين بأن العلم والطب سوف يتغلبان يوما ما على هذا المرض، ويهمني أن تكون الجمعية جزءا من هذا التحدي.

 

هل من أمر آخر تود أن تذكره في ختام هذا اللقاء؟

أنا سعيد للغاية بلقائك، كما أحب أن أشدد على الامتنان الذي نشعر به تجاه "شوبارد" التي تشد على أيدينا للتصدي لمرض سرطان الدم. نتعاون مع "شوبارد" في الوقت الحالي على بناء مركز للبحوث العلمية الخاصة بسرطان الدم في برشلونة للتعمق في دراسة هذا المرض وتكثيف الجهود العلمية والطبية للتصدي له والتغلب عليه.