ربيع صيف 2014

ربيع صيف 2014

هي:  أريج عراق
 
في عالم يغلي بالتوترات في أركانه الأربعة، تحولت البهجة إلى عملة نادرة، نبحث عنها في كل مكان ومناسبة، ونقتنص أي فرصة لنسمح لها بدخول حياتنا، لهذا فإن صناعة البهجة لم تعد أمراً عادياً يمر مرور الكرام، بل أصبحت حدثاً يستحق الاحتفاء، وفي مجموعة Louis Vuitton Cruise 2014، استطاعت الدار شديدة العراقة، أن تدخل البهجة على قلوب كل من تابع العرض، بهذه التشكيلة الكبيرة من كافة الألوان الزاهية.
 
كل الألوان بكل درجاتها، خصوصاً الزاهي منها، كان حاضراً، من الأصفر للأحمر للأزرق والأخضر والبني... إلخ، مع الحرص على وجود الأسود من دون كثافة لضبط الموازين بين الألوان لا أكثر، أما الإبداع الحقيقي فكان في كيفية الجمع بين هذه الألوان وبعضها، فرأينا الأصفر مع الأحمر مع الفضي، كذلك الأزرق مع الوردي، والأحمر مع الوردي، والطوبي مع الأصفر والأخضر، والبرتقالي مع الأصفر والأزرق، وهكذا، بينما لعبت النقوشات دوراً كبيراً في استثمار هذا المهرجان من الألوان، فتنوعت وتباينت من الخطوط المستوية إلى المموجة، ومن فروع الأشجار إلى الوردات الكبيرة.
 
الأقمشة أيضاً كان لها حظها من الاهتمام في هذه المجموعة الكبيرة، فكانت خليطاً ضم الكثير من أنواعها المختلفة، من الشيفون إلى الدانتيل، ومن الصوف إلى الجلد والفراء، ومن الجاكار إلى المخمل والحرير، ولم تخرج التصميمات عن السياق نفسه، فظهرت البنطلونات والفساتين الطويلة والقصيرة، والمعاطف بأشكال مختلفة... 
 
باختصار، فإن كل ما تبحثين عنه ويناسب ذوقك، ستجدينه هنا في مجموعة Louis Vuitton Cruise 2014، ولكن مع كثير من البهجة.
في زحام الفساتين الرائعة، والأفكار المميزة ولكن في نفس الإطار، نحتاج لبرهة من الوقت لنلتقط أنفاسنا، ونعيد التأمل، من خلال عرض مختلف، يخرج بنا من أجواء الـHaute Couture، لمناطق أخرى، هذا العام كانت منطقة الدراما هي صاحبة النصيب، في عرض Serkan Cura في أسبوع باريس Haute Couture لموسم ربيع وصيف 2014.
 
رغم أنه قدم مجموعة من التصميمات المختلفة، إلا أن الأقرب في عرض Cura أن نعتبره عرضاً مسرحياً وليس عرضاً للأزياء، أجواء الإضاءة وخشبة المسرح المنقسمة إلى مستويين، مع ماكياج العراضات الدراماتيكي، وحتى طريقة عرضهن بأداء مسرحي بعيداً عن قواعد عرض الأزياء الشهيرة، كل هذه العناصر دعمت الفكرة ووضحتها، حتى تجميعهن على الخشبة في نهاية العرض في تشكيل فني، إذن لم تكن الأزياء هي المحور الرئيسي، لكن هذا لا يمنع من إلقاء نظرة عليها.
 
اهتم Cura بالتطريز والريش بدرجة كبيرة، فلا يكاد يخلو تصميم من أيهما، والألوان كانت في أغلبها أحادية، حتى في التصميمات التي تتكون من أكثر من قطعة مختلفة الألوان، فتحمل كل واحدة لوناً مستقلاً، كما قدم تصميمات كاملة من الفراء، وتعامل مع الجسد باعتباره الخامة المكملة  لأزيائه.
 
إذا تعاملت مع العرض برؤية تقليدية، فإنك لن تستمتع كثيراً، أما إذا تركت لعلقك وروحك مساحة من التأمل، فإنك سترى مواطن جمال لا تدركها الأعين وحدها.
في ذلك الركن البعيد من الذاكرة، تقبع مجموعة من القصص الخيالية، قرأناها يومأ ونحن صغار، أو قصها علينا الكبار، وفي هذه القصص توجد أميرات وجميلات يرتدين أجمل الفساتين، وهذه الفساتين –في مخيلتنا- دوماً مبهرة رائعة، ولها مواصفات خاصة، كنا نظنها حبيسة أفكارنا وأحلامنا، حتى أطل علينا Zuhair Murad بعروضه الرائعة بشكل عام، وعرضه الأخير في أسبوع باريس Haute Couture لموسم ربيع وصيف 2014.
 
في هذا العرض منحنا Murad مجموعة من أجمل فساتين الأحلام كعادته، إلا أن هذا لم يجعله يخاصم الواقع، أو ينفصل عنه، فقدم أيضاً تصميمات عصرية للبذلة والتايور، وإذا حاولنا تصنيف هذا العرض، فإنه يمكن تقسيمه بسهولة وفقاً لمجموعات الألوان، فهناك مجموعة الأبيض الكريمي، والذهبي، والأسود بنقوشه، والوردي، والتركواز، والبنفسجي، وفي كل هذا تعلن خطوط ZuhairMurad عن نفسها بوضوح، سواء من خلال الأقمشة المفضلة لديه، مثل الدانتيل والحرير والتول والشيفون، أو من خلال التطريز الذي يبرع فيه ويمنحه نقطة تميز كبيرة، وهذه المرة كانت أحلام Murad تأتي على هيئة موجات، بعضها ذهبية، وأكثرها من الورود، وكلها في إطار من النعومة والأنوثة لا تخطئه عين.
 
الفساتين المنفوشة كانت محور العرض، سواء كانت طويلة أو قصيرة، مع حضور قوي للبنطلون أيضاً، ولم تغب اللمسة الإغريقية المفضلة عنده، بالأقمشة الملفوفة التي ترسم حدود الجسم، أو بالحزام الذهبي –الذي كان قاسماً مشتركاً في كل التصميمات- على هيئة ريشتان ترسمان حرف Z أو غصن الزيتون الشهير، أما التطريز فكان بالمجوهرات البراقة أو الترتر، أو الورود البارزة المنثورة على أغلب الفساتين، وخاصة فستان الزفاف الذي ختم به المجموعة، والمغطى بها بالكامل.
 
في النهاية يبقى السؤال، أي هذه التصميمات الرائعة سنراه قريباً على السجادة الحمراء؟ عن نفسي، أرشحها جميعاً، فهي تستحق.
ضرب Viktor Horsting وRolf Snoeren عصفورين بحجر واحد خلال عرضهما الأخير في المدينة الباريسية ضمن فعاليات أسبوع الأزياء الراقية لربيع وصيف 2014. فدار العرض Viktor & Rolf أطلق عطره الجديد Bonbon بلوحة إعلانية ضخمة خلفية للعطر الجديد في نهاية العرض، وقدمّ في الوقت نفسه عرضاً موسيقياً راقصاً غير مسبوق تمايلت فيه راقصات باليه حقيقيات تابعات للفرقة الهولندية كعارضات مع موسيقى بيانو، نقلن الحضور الى أجواء حالمة وجميلة وهادئة مع مجموعة بسيطة من حيث التصاميم والأقمشة المستعملة.  
 
كقطع فنية أطلّت راقصات الباليه بوقفتهن ومشيتهن المميزة على أطراف أصابع القدم بالباليرينا وبشعر كثيف على وجوهن، بتصاميم تنوعت فيها القصات الهائدة مع لوحات من اللون الوردي والأصفر الباهت.
 
الملابس جاءت قصيرة الى حد ما كالتنورة الفضفاضة مع الصدرية المطابقة القصيرة أو الفستان الخفيف. إستخدم المصصمان أيضا التنورة الطويلة بقصات هندسية متنوعة فكانت في بعض الأحيان جزءاً من الفستان بفتحات واسعة أو كقطع مركبّة غطتّ مناطق من الجسم. بعض الفراشات والعصافير والعقدات والأشرطة طبعت وزينّت على التصاميم، وكان الملفت في هذه المجموعة الجرأة في بعض القصات والألوان التي إعتمدها الممصمان كالـBodysuits بلون الجلد الشفاف والذي غشّ العيون باللون المشابه للون البشرة.
 
صحيح أن العرض لم يكن على قدر التوقعات ولا يليق بمناسبة كأسبوع الأزياء الراقية، إلا أن دار العرض إختار فكرة مميزة ومبتكرة لتحويل الأنظار اليه. 
منذ أسبوع ونحن نشاهد عروض الأزياء في أسبوع الخياطة الرفيعة في باريس، حيث قدم المصممون ابداعاتهم كٌل على طريقته الخاصة، حتى جاء اليوم الأخير الذي كان الكل ينتظره بترقب وشوق ليرى ماسيقدمه دار Ralph & Russo في أول عرض Haute-Couture لهم، وكونهم أول ماركة بريطانية تندرج ضمن البرنامج الرسمي لاتحاد Chambre Syndicale de la Haute Couture العريقة منذ قرن من الزمن! 
 
مجموعة رومنسية استطاعت أن تعيدنا الى العصر الذهبي للـHaute-Couture الذي كدنا أن ننسى عظمته ورونقه بعد أن اتجهت الموضة الى البساطة والعصرية واستطاعت أن تذكرنا بالمعنى الحقيقي للخياطة الرفيعة التي تجسدت بتصميمات مبتكرة متمثلة بتايورات باللون الأبيض افتتحت المجموعة مصنوعة من الكريب المطرز بدقة عالية جداً بزخرفات مستوحاة من الحديقة الفرنسية الخلابة Jardin à la Française، وبمجموعة من الفساتين الضيقة المفعمة بالأنوثة شُدّت بأحزمة التفت حول خصر العارضات محتفلة بالمرأة بكل عنفوانها، وفساتين كبيرة الحجم ذكرتنا بالحفلات الراقصة في قصور القصص الخرافية حيث تحولت كل عارضة فيها الى أميرة فائقة السحر والجمال. أما للتايورات حكاية أخرى حيث برهنت عن حرفية عالية وتمكُن من أدق التفاصيل، ان كان من الردائات القصيرة المُطرزة، أوالأكتاف البارزة المزينة بورود ربيعية منعشة، اوتنانير "البانسيل" الراقية. 
 
تنوعت الأقمشة بين كريب الحرير، الدانتيل، والشيفون والتول، وترجمت الى تصميمات مبتكرة تدرجت ألوانها بين الأبيض والأسود، الأزرق المغبرّ، الرمادي الباهت، والفضّي اللامع والزهري الشاحب. 
 
أما الشعر فقد صفف بتسريحة بسيطة للخلف وكذلك الماكياج الناعم الذي عبر عن رومنسية حالمة.
 
مجموعة مُبهرة ختم بها دار Ralph&Russo أسبوع الموضة للخياطة الراقية في باريس، وبدأ عصرا جديدا من الفتنة والابداع افتقدناه واشتقنا اليه... 
أن يكون لك موقف فهذا أمر جيد، أن تصر على الثبات على موقفك، فهذا أمر رائع، أن تتمكن من الإبداع من خلال هذا الموقف الثابت، فهذا هو تعريف القوة الحقيقية، وهذا هو -بالتأكيد- Rad Hourani، أحد الأعمدة الرئيسية في أسبوع باريس Haute Couture، لموسم ربيع وصيف 2014.
 
يختلف Hourani عمّن حوله من كبار المصممين، فله رؤية فلسفية متميزة، يصر على تقديمها دوماً، والغريب أنه يجد مجالاً للإبداع من خلال هذه الرؤية. يرى Hourani أن الجمال صفة مطلقة، لا تخص المرأة وحدها، ولكنها تتوفر للعنصر البشري بنوعيه، فنجد دوماً أن عروضه تجمع النساء والرجال، وأن تصميماته مطلقة، تصلح للجنسين، فنجد رجالاً يرتدون التنانير، ونساء يرتدين البنطلونات، والعكس أيضاً صحيح، ولا يمكننا هنا أن نطلق على القطع مسمياتها العادية، فالتنانير ليست كذلك، هي في الأغلب قطع من الأقمشة المسدلة، بخطوطه الحادة الشهيرة، والفساتين أيضاً هي مجموعة من الأقمشة المركبة فوق بعضها بشكل هندسي.
 
إلا أنه هذه المرة تميز ببعض المرونة بعيداً عن قصاته الحادة، فمنح التصميمات بعض الخطوط الدائرية من دون إفراط، لكنه حافظ على أقمشته القطنية القوية، مع بعض الجلد، واكتفى هذه المرة باللون الأسود عنواناً لمجموعته لا يغادره.
 
أما الاكسسوارات، فلم تزد عن الأحزمة المعدنية السوداء، سواء كانت عريضة أو رفيعة، وبعض اليايات (السوست) غير الملفتة، وقليل من الكشكشة.
الفراشات، تلك المخلوقات الرقيقة التي لا تتحمل لمسة، تخرج من شرنقتها المظلمة إلى نور الربيع، لتملأ الدنيا بهجة بألوانها المشرقة. ليس صعباً على أي مبدع، أن يكتشف العلاقة بين الفراشات والنساء، منذ أن قدم John Fowles روايته الشهيرة "جامع الفراشات" "The Collector"، التي حولها William Wyler إلى عمل سينمائي أكثر شهرة، ترشح لتسع جوائز أوسكار وحصد ست منها عام 1965، واليوم يحاول JEAN PAUL GAULTIER أن يجمع فراشاته حوله في عرضه الراقي لأسبوع باريس HAUTE COUTURE لموسم ربيع وصيف 2014.
 
لم يحاول GAULTIER أن يتبع خطى بطل الرواية – الفيلم، في الاستئثار بجمال ضحاياه، أعني عارضاته، ولكنه فضل مشاركة الجميع في جمالهن وجمال تصميماته، هو لم يتشبه بالفراشات، ولكنه قدمها بشكل مباشر سواء في قصات التصميمات، أو حتى في تسريحات الشعر واكسسوارات تزيينه، فرأينا الأكتاف العريضة والأكمام الواسعة كالأجنحة، والألوان الكثيرة المتداخلة، أما الأقمشة فكانت من النعومة بما يكفي لتساعد عارضاته في التحليق، فاستخدم الشيفون والحرير والدانتيل، والشبكات التي تغطي التصميم أو جزء منه، أيضاً لم ينس الريش ليجعلهن أكثر خفة.
 
في البداية حرص GAULTIER على تقديم ألوان أحادية مثل الأسود والأبيض والعنابي والأزرق، لكنه سرعان ما مزج هذه الألوان في تشكيلات فنية رائعة، تعبر عن الفراشات، أو قدم منها نقوش الفراشات نفسها، فإذا لم تكن النقوش واضحة، فإنه وضع لك نماذج الفراشات نفسها على أكتاف العارضات وخصورهن.
 
أما مفاجأة العرض، فكانت النجمة Dita Von Teese التي كانت إحدى الفراشات من دون مبالغة، بفستان أزرق بأجنحة صغيرة عند الصدر، وأجنحة أكبر عند الخصر.
ظهرت مجموعة كوتور ربيع 2014 محاكية بقوة للعقلية الإبداعية للمصمم البلجيكي Martin Margiela. حيث قدم المصمم مجموعة تسلط الضوء على الأقمشة المهملة التي يمكن تحويلها إلى أزياء للسهرة أي بمفهوم "إعادة تقييم الأزياء" أو بمعنى "تحويل الفحم إلى ماس" والعودة إلى تقدير القطع المشغولة باليد في صناعة أصبح فيها الإنتاج غزيراً وبالجملة من دون مراعاة للفردية والتميز. 
 
أعادت دار Maison Martin Margiela أو كما يطلق عليها اختصاراً MMM الحياة إلى قطع وأقمشة قديمة في مجموعة كوتور 2014 حيث مزجتها مع قطع جديدة وأقمشة منوعة لتقدم مفهوماً جديداً وفنياً أقل ما يوصف به أنه "خارج عن المألوف" في عالم الكوتور الأنيق. وقد قام فريق الدار بعمل رائع تطلب الكثير من الجهد للحصول على قطع مميزة من مجموعات خاصة لدى أشخاص مهتمين بجمع الأقمشة والاكسسوارات القديمة والنادرة من أزرار ولآلئ وسلاسل. 
 
تم تصميم المنسوجات من قبل المبدع Frank Lloyd والتي استوحى الكثير منها من حقبة الخمسينيات خاصة في تصاميم المآزر الطويلة واسعة الخصر. أما المعاطف فقد تم تصميمها من أقمشة سميكة تغنت برائعة الرسام Paul Gauguin الشهيرة "La femme du roi" أو "زوجة الملك". 
 
يذكر أن المصمم المبدع ولد عام 1957م في بلجيكا و تخرج عام 1979م من الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة Royal Academy of Fine Artsعام 1979م حيث أطلق أولى مجموعاته عام 1989م. كما عمل في بداياته مع Jean Paul Gaultier  ودار Hermes الفرنسية للأزياء الفاخرة. الغريب أن المصمم محتجب تماماً عن الإعلام و يقبع دائماً خلف الكواليس حتى في نهاية العرض ولم يحصل أبداً أن أجرى أي لقاء صحافي أو مقابلة وجهاً لوجه حيث يتم إرسال الأسئلة عبر الفاكس ليجيب عنها وهو أمر يعد مستهجناً ونادراً في صناعة تعتمد كثيراً على التركيز على شخصية المصمم والتسويق لعلامته وتصاميمه عبر الصحافة والإعلام. 
Elie Saab يستحق لقب الساحر تماماً كما يستحق لقب ملك الـHaute-Couture! فهو في كل عرض أزياء ينقلنا ببرهة عبر الزمن مع أول عارضة تخرج الى المنصة من عالمنا الواقعي المليء بالضجيج والتلوث الى عالم سحري أكثر هدوءاً وجمالاً، ينقلنا الى حلم وردي ويجعلنا ننسى في أي وقت أو زمان نعيش. وفي عرضه لمجموعة ربيع وصيف 2014 للخياطة الرفيعة اصطحبنا Saab الى حديقة رومنسية تعجز الكلمات عن وصف جمالها، حيث تضم جميع الأشكال والألوان من الورود التي قطفت للتو من حديقة الرسام الشهير لورنس ألما تاديما، وفيها أميرات رائعات بفساتينهن الكبيرة المدهشة، وفيها الكثير الكثير من الرومنسية...
 
فستان أبيض من الداتيل المطرز بالورود بدأ العرض، وبدأ معه الحلم وتهادت العارضات متباهيات بفساتينهن ذات الألوان الهادئة كالأبيض والزهر وكأنهن أميرات من عصور منسية، ومن بعده كان اللون الأحمر المتوهج على فساتين من الدانتيل والأورغانزا والتول، تلته لوحة بديعة تدرجت ألوانها بين الأخضر الفاتح، الأزرق والبنفسجي تارة على فساتين كبيرة وتارة على فساتين قصيرة مُطرزة، أما الفساتين الأكثر روعة كانت تلك التي زينت بورود سحرية ملونة نُثرت على الأقمشة المرهفة التي طافت حول أجساد العارضات. للون الأسود الملكي حصته أيضاً حيث أتحفنا Saab بمجموعة مثيرة وغامضة من الشيفون والدنتيل.
 
لحظة هدوء وترقب سبقت دخول ملكة مملكة Saab بفساتنها المذهل وطرحتها الطويلة المطرزة بالأزهار الصغيرة مثل بحر لامتناه من الروعة، ختمت العرض وختمت معه حلمنا البديع الذي تمنينا أن لانستيقظ منه وأن يستمر الى الأبد...
من قال إنّ الفساتين الضيقة هي الموضة الوحيدة التي تبرز أناقة المرأة؟ نجحت مجموعة "فالينتينو" Valentino التي عُرضت في اليوم الرابع من أسبوع الأزياء الراقية الباريسيّ لربيع وصيف 2014، بتغيير مفهوم الهوت كوتور وجعلها أكثر حيوية من خلال مزجها مع الأزياء الجاهزة. فأتت المجموعة لتتلاءم مع كافة الأذواق والمناسبات المهمة في عرض ضاج بالموديلات والاقمشة الملفتة.
 
جمع المصمّمان ماريا غرازيا تشيوري Maria Grazia Chiuri وبييرباولو بيتشوللي Pierpaolo Piccioli بين فنّ الخياطة الراقية والأزياء الجاهزة بالرغم من التزامهما بالألوان الكلاسيكية والهادئة بعض الشيء كالذهبي والرمادي والبيج بالاضافة الى الاسود والابيض. فتمايلت العارضات بفساتين أنيقة تميّزت بأقمشتها المطبّعة، لا سيّما الأقمشة الممزوجة مع رسمات ونوتات موسيقيّة، وحيوانات برّية طبعت أناقة المرأة القوية من خلال انتقائها ما يتلاءم مع شخصيتها. فبدت التصاميم كلوحة فنّية مستوحاة من سحر الطبيعة والاقمشة الربيعية الثمينة والمورّدة. وتوزّعت الاقمشة في المجموعة بين المخمل والدانتيل والساتان والشيفون والحرير، واللافت هو استخدام القماش الشفاف على الكتفين واليدين الذي أعطى المرأة المزيد من الأنوثة والجاذبية.
 
أما في القسم الثاني من مجموعة فالينتينو Valentino، ارتكزت الفساتين على البساطة المطلقة، فأتت المجموعة شبيهة بالازياء الجاهزة من خلال الفساتين القصيرة والممزوجة مع الكشكش، لابتكار قطع متناسقة تضفي الى التصاميم بعداً شبابياً. أما الفساتين الواسعة فتميّزت بالقصات المستقيمة والطويلة مع بروز موضة "الفستان الكاب" بأكمامه الواسعة والمتطايرة. كما أتت الفساتين إما محتشمة من ناحية الصدر والاكتاف المخبّأة والقبّات العالية، وإما مكشوفة بأقمشة الموسلين الشفافة، وبقصة الصدر الواسعة على شكل V التي تعكس جرأة وشياكة لدى المرأة.
"باريس هي عاصمة الأزياء الراقية بلا منازع، الموضة في أرقى درجات التعبير عنها، وأنا أحب دوماً أن أقدم Armani Privé هنا، حتى وإن بدأت ملامحها في التغير، فإنها تظل مصدر إلهامي الجميل"، هكذا تحدث الشاب Giorgio Armani الذي تجاوز التاسعة والسبعين من عمره عن مدينة أحلامه. لا عجب، Armani شاب بالفعل، بل هو أكثر شباباً من أبناء العشرين، وهذه الروح المنطلقة لا تجيد التحليق إلا في مدينة تشبهها، ولقد حلق Armani بالفعل في عرضه الأخير في أسبوع باريس Haute Couture لموسم ربيع وصيف 2014.
 
لمرة جديدة وكالمعتاد، يتحفنا Giorgio Armani بمجموعة رائعة، تنضم لقائمة إبداعاته اللانهائية، خطوطها الرئيسية ملكية بامتياز، وإطلالتها غجرية بشقاوة، ومن يمكنه أن يجمع هذين المتناقضين أفضل منه، هذه التطريزات الرائعة المنتشرة بامتداد التصميمات، والنقوش الملكية كأختام القصور، مع الأقمشة الراقية التي تصدرها الشيفون بطرق تختلف عن غيره تماماً، حيث جعله أرضية ليملأه بالتطريز بعد ذلك، إلى جانب الحرير والدانتيل والموسلين، أما الأقراط الكبيرة، وأغطية الرأس المعقوصة للخلف، وتلك الأوشحة الكبيرة، فكانت أكثر انطلاقاً من أن يتحملها النمط الملكي، خصوصاً مع ماكياج العيون الجريء الذي منح العارضات بسهولة تلك النظرة الغجرية الواثقة، من خلال ما يزيد عن الخمسين تصميم، أغلبها كان فساتين سهرة، مع وضع مميز للجاكت القصير، ونسبة غير كبيرة من البنطلونات الواسعة والتنورات المفتوحة والملفوفة.
 
Armani يحب الأزرق، هذه معلومة تشي بها كل عروضه، وهو لا يحاول إنكارها أو إخفاءها، بل يتعمد دوماً أن يؤكد أن لديه المزيد من الأزرق، هو يعشق سماء الليل الداكنة، ويرى تصميماته نجمات تلمع فيها، وله الحق، وإلى جانب الأزرق، يوجد كل ما هو لامع وناعم، فليس هناك من يحتفي بأنوثة ورقة المرأة مثلما يفعل هو، ولقد فعل.
في كل عام ننتظر بشوق ما سيقدمه لنا Karl Lagerfeld لـChanel وخاصة مجموعات الـHaute-Couture التي تكون أشبه بعمل فانتازي ينقلنا من حقبة الى حقبة، ومن مكان بديع أحياناً الى مكان غامض وموحش أحياناً أخرى. لكن في كل مرة نعيش حلماً ننسجه في خيالنا مع كل تصميم وينقلنا من عالمنا الواقعي الى عالم أكثر فتنة.
 
شاهدنا امرأة Chanel بوجوه متعددة في مجموعة ربيع وصيف 2014 للخياطة الرفيعة، حيث تارة رأينا المرأة الحالمة ترتدي أقمشة الشيفون بألوان زاهية، وتارة المرأة الغامضة بفساتين زُينت بالريش الأسود والزيتي، كما رأينا هناك المرأة الرومنسية بالفساتين الحريرية الطويلة، والمراة العصرية بالأقمشة المعدنية، لكن الأكثر حضوراً كانت المرأة الرياضية بأحذيتها الراقية المخصصة للجري، والتي ذكرتنا بنساء نيويورك أو طوكيو العاملات اللواتي يترتدين الأحذية الرياضة مع تايوراتهم الفاخرة بهدف مسابقة الوقت ويستبدولنها على باب المكتب، لكن في عرض Chanel لم يستبدلنها بل بقين فيها طول مدة العرض حتى مع فساتين السهرة. 
 
ضمت المجموعة الفستاتين الطويلة بالاضافة الى فساتين الكوكتيل القصيرة، كما ضمت التايورات والبطلونات التي كانت معظمها من الشيفون المشكوك، وكان هناك اضافة جديدة وهي الشورتات التي تصل لفوق الركبة. ودائماً كانت هناك بصمة الدار.
 
الألوان طغى عليها الباستيل بدرجات صيفية هادئة وتخللتها بعض القطع باللون الأسود المفضل لـCoco Chanel، الأقمشة غلب عليها الشيفون، بالاضافة للحرير والساتان والأقمشة ذات اللمعة المعدنية وبالتأكيد قماش التوييد الصيفي. 
 
الشعر والماكياج أخذا منحى عصريا يتلاءم مع الأفكار الجديدة، ففي الماكياج كان التركيز على العيون حيث تم ابرازها من خلال ظلال العيون باللونين الأسود من أعلى الجفن والفضي اللامع تحت الجفن أما الشعر فمستوحى من تسريحة السبايكي لكن هذه المرة من الخلف. 
 
يقدم Lagerfeld كل موسم مجموعة هائلة ومتنوعة فيها العديد من الأفكار المبتكرة فنظن أن مخيلته ستنضب بحلول الموسم التالي، لكنه يعود ويبهرنا بأفكار أكثر عصرية وأكثر ابداع، واليوم أثبت أنه يتحدى الزمن ويسابقه وفي كثير من الأحيان يسبقه بمجموعاته التي لا مثيل لها.