نرجس نور الدين لـ هي: هذه قصتي مع الخط العربي

دبي: خاص بـ "هي" حول ماذا تدور أعمالك الفنية؟ الخط العربي هو مجالي، أوظف الحرف والكلمة من أجل إتمام لوحة تشكيلية أساسها الخط. هل كانت دراستك الأساسية هي الفنون؟ نلت شهادة الدبلوم في الدراسات المصرفية، وعملت في المجال المصرفي حتى سنة 2006، وبعد ذلك هجرت عالم المال وتفرغت لفن الخط العربي، لكن قبل التفرغ تماما كنت قد انتسبت لمعهد الخط في الشارقة سنة 2000، ثم بيوت الخطاطين، حيث تابعت تدريبي على يد المبدع خالد الساعي، الذي علمني خط الجلي الديواني، لأحصل من خلال إجادتي له على جائزة في الدورة السادسة لمسابقة إرسيكا الدولية للخط العربي إسطنبول – 2004، وهي أول وأرقى مسابقة عالمية لفن الخط، وكنت أول خطاطة خليجية تحصل على تقدير فيها، بعد ذلك قصدت إسطنبول سنة 2006 لمتابعة دراسة خط الثلث على يد الشيخ حسن جلبي، وداوود بكتاش، ثم طهران سنة 2007 لمتابعة خط النستعليق (الفارسي) على يد عباس أخوين. وحاليا شرعت بدراسة خط الشكستة على يد الله كابلي. ما الخط المفضل لديك؟ خط الجلي الديواني هو المفضل لدي، وهو يوائم يدي وبصري وشخصيتي. وتظهر بصمة الفنان وتعرف لوحته في الاتجاه الكلاسيكي من متانة سبكها وتركيبها، من قوة حروفها وأناقتها ودقتها، من جرأته ومعرفته في التصرفات الجائزة وغير المشهورة في تركيب الحروف، وحتى من تصرفاته المبتكرة. هناك الكثير من التفاصيل والجوازات والكيفيات التي تدل على خبرة الخطاط، وتعكس ثقافته واطلاعه، وهناك أيضا الأخطاء الشائعة التي تعكس عدم الاطلاع. فاللوحة إما أن تنطق بإبداع كاتبها وتفننه وإتقانه، أو بمستوى عادي من الإتقان مع عدم تقديم جديد، أو أن تكون دون ذلك، ولكل مستوى أهله. أما في الاتجاهات الحديثة، فهناك من الخطاطين من اعتمد أسلوبا خاصا عرف به، وهناك من ابتكر خطا جديدا وقدمه في كثير من الأعمال واللوحات، وهناك من أحيا خطا منسيا، فأدبه وقعّده وأخرجه في حلة عصرية جديدة. وفي كل حال، بصمة الخطاط تكون واضحة لأهل هذا الفن. من شجعك في مشوارك مع الخط والكلمة؟ لقيت كل التشجيع من والدي لدراسة أصول الخط، هذا التشجيع كان مهما جدا لي كفتاة، وقد حررني من قيود وأعباء كبيرة، ووضعني على الطريق الصحيح لدراسة الخط من الأساتذة، ولحسن حظي، ساعدتني ظروفي العائلية والاقتصادية على السفر لدراسة الخط على يد ألمع الأساتذة في اسطنبول وطهران، وهما قطبا فن الخط الإسلامي، هناك نرى عالما آخر زاخرا بالإبداع والتاريخ العريق والعمالقة المبدعين والمواهب الشابة والطاقات الواعدة، خلال هذه الأسفار رأيت عن كثب كم يستحق فن الخط من العناية والرعاية، وكم يتفانى الأساتذة في سبيل خدمة هذا الفن، وكم يبذل الطلاب من الجهد والعناء والمثابرة حتى يصلوا إلى المستوى المرموق. حدثينا عن قواعد الخط العربي؟ هي دقيقة جدا وصارمة، ولتصبح خطاطا لا بد أن تتقن هذه القواعد، وأن تكتب الحروف بشكلها الصحيح، من جهة أخرى، هناك هندسة وبناء للوحة الخطية، توازن اللوحة والكتل والفراغات لا تقل أهمية عن ضبط قواعد الحرف، وعلى الخطاط أن يتفنن بها، ويتقن هندستها، أحيانا نرى حروفا جميلة ومضبوطة، ولكن تركيب اللوحة غير متناسق، هذا بعد آخر ومهم جدا يحكم جمالية اللوحة الخطية، ويجعل من الخط فنا وهندسة، وليس مجرد حرفة كما يعتبره البعض، وهنا ينقسم الخطاطون بين من ينفذ الحرفة، فيضبط القاعدة ولكن من دون إبداع وتجديد، وبين فنان يتقن القواعد والأصول ويبدع بهندستها وتشكيلها. وبرأيي أن من يعتبر الخط أقل من فن وهندسة هو بالحقيقة لا يعرفه، أو أنه تعرف إليه من غير أهله. ما هي المعوقات التي تكبل المبدع العربي ليتقن الخط ورسم الكلمة؟ الخطاط العربي يعيش في غربة وعزلة وإحباط. فإذا أراد الدراسة والإجازة، فعليه التوجه إلى تركيا، وتحمل كل الصعوبات اللغوية والمادية وغيرها. وعندما يعود مكللا بالنجاح والإجازة، يواجه منافسة غير متوازنة مع دخلاء على الفن، يملؤون البلاد، وبخاصة دول الخليج بكل ما يسيء لفن الخط، ثم يجد نفسه في مواجهة مجتمع لا يتذوق هذا الفن كما يجب، ولا يميز الغث من السمين.