Van Cleef & Arpels - le grand tour

دار فان كليف أند آربلز تروي لنا قصّة Le Grand Tour

25 يوليو 2023

دعوة إلى الانطلاق بالأحلام

في العام 1910، وبعد أربع سنوات على تأسيس دار فان كليف أند آربلز، نشر أندريه سواريز روايةً تحكي رحلته عبر إيطاليا. فكان عمله الذي حمل عنوان Le Voyage du Condottière عبارةً عن نزهةٍ جال خلالها عبر المراكز الثقافية للبلد ذات الخريطة التي تشبه الحذاء (في البندقية، وفلورنسا، ونابولي)، كما كشفت صفحاته عن بحث استطلاعيّ لعظماء النهضة (ليوناردو دافنشي، وبوتيتشيلي، ومايكل أنجلو، وغيرهم). وبالنسبة إلى الكاتب والشاعر الفرنسي، "كما كلّ شيء له أهمية في الحياة، فإنّ الجولة الكبرى عمل فنيّ: هي إبداع".سيراً على خطى ذاك المؤلّف وكلّ المسافرين الذين قاموا بالجولة الكبرى أو "Grand Tour" الخاصة بهم، أعادت الدار تفسير رحلة تنشئة خاصة بها تركت بصمتها على المشهد الفنّي والثقافي في أوروبا.

Van Cleef & Arpels
Van Cleef & Arpels

كانت بدايات الجولة الكبرى في إنكلترا في القرن السادس عشر، وقد سُمّيت في إشارةٍ إلى رحلةٍ دائريةٍ تعود إلى نقطة بدايتها، لتحظى بشعبية واسعة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وكان الأرستقراطيون الشباب يقومون بهذه الرحلة الاستكشافية عبر القارة (والتي تدوم لعامين أو ثلاثة أعوام) من أجل إنهاء دراستهم ما بعد الأكاديمية، وصقل شخصيتهم، وتوسيع عقولهم، وضمان دخولهم إلى المجتمع. وكانت هذه التجربة موصىً بها بشدة في تلك الفترة، وكانت تتكوّن من شقّين إلزاميين: زيارة باريس، والمكوث في المدن الرئيسية في إيطاليا. وفيما كانت مناطق شمال فرنسا، وسويسرا، وممرّات جبال الألب، ومقاطعات ألمانيا جميعها من المحطّات التي من الشائع التوقف فيها، إلاّ أنّ مسار الرحلة كان متغيّراً. فالجولة كانت، وقبل كل شيء، تمثّل ملحمةً شخصيةً، تسير على وقع الأحداث السياسية، والحروب، والحركات الفنية والأزياء، بالإضافة إلى عوامل خاصة أخرى (من قبيل نقاط المغادرة المختلفة، والمركز الاجتماعي، والموارد المالية، والتفضيلات الشخصية). كانت الجولة الكبرى، وهي مثال حقيقي للتربية الفكرية والثقافية والاجتماعية، تعد بدراسات عملية في الفن والأدب. ويتخلّلها استكشاف للمعالم الرمزية للبلدان التي تتم زيارتها، سواء كانت آثاراً لماضيها المجيد أو انعكاسات حديثة لأهميتها المعاصرة. وعلى الرغم من أن تكلفة تلك الرحلة كانت تبقيها حكراً على النخبة في بداياتها، إلا أنها جذبت جمهورًا أوسع على مرّ السنين، واستحوذت على اهتمام الفنانين والمثقفين.

مجوهرات  Van Cleef & Arpels
مجوهرات Van Cleef & Arpels

في النسخة الأصلية التي وحّدها البريطانيون، كان خط سير الرحلة ينطلق بدايةً من لندن وصولاً إلى فرنسا. في باريس، يتأمّل المسافرون إبداعات ما يعرف بالقرن العظيم "أوGrand Siècle   "، لا سيما تلك التي قام بها ملك الشمس لويس الرابع عشر، والتي جعلت المدينة نموذجًا للذوق الرفيع. ولما كانت هذه الكلاسيكية الفرنسية تستمدّ إلهامها من العصور القديمة، ومن عصر النهضة، فهي كانت تستدعي الإقامة في إيطاليا ليتمّ فهمها بالكامل. في مدينتيْ هيركولانيوم وبومبي، اللتين دفنهما ثوران بركان جبل فيزوف في العام 79، كشفت الحفريات الأثرية في الثلاثينيات، والأربعينيات من القرن الثامن عشر عن كنوزٍ قديمة: من آثارٍ، وأغراضٍ يوميةٍ، ومجوهرات، تشهد على حضارةٍ مثالية، وأصبحت مواضيع لدراسات متعمّقة.

مجوهرات راقية من فان كليف أند آريلز

وانتقل عشق الأشياء القديمة إلى عالم المجوهرات. فمن الأمشاط، إلى التيجان والسلاسل وصولاً إلى أقراط الأذن المتدلية، والأساور، ومشابك الأحزمة، اتخذت المجوهرات - المشغولة بالذهب، على غرار النماذج التي تمّ استخراجها من باطن الأرض، هيئاتٍ متماثلةً وأصبحت مرصّعةً باللآلئ والأحجار الكريمة المنقوشة بزخارف مستعارة من العصور القديمة. وأصبحت الرموز والجواهر ذات النقوش المحفورة بشكل نحتٍ غائر على الأحجار الكريمة مطلوبةً إلى حدّ بعيد. ونشأت عن هذه الموضة، التي انبثقت من إعادة استخدام الأغراض التي تمّ اكتشافها في أعمال الحفر، ومعها الابتكارات المعاصرة، إلى صناعةٍ كاملة متكاملة، وإلى تطوّر تقنيات مقلّدة لتحويل هذه الأغراض إلى ابتكاراتٍ متاحة للجميع. وبينما أصبحت الأصداف المحفورة ، والتي كان يسهل العمل عليها، هدايا تذكاريةً أصليةً للأسفار والرحلات في إيطاليا، لجأ مصنع ويدجوود الإنكليزي إلى استخدام الخزف من أجل إعادة إنتاج تصاميم العصور القديمة. وجذبت أشكال الفسيفساء المصغّرة من روما أيضاً مزيداً من الاهتمام، ففي عالم المجوهرات، أتاح هذا المزيج من الألواح الصغيرة، والتي تعرف أيضاً بالرقع أو tesserae، والمصنوعة من الزجاج الملون (أو أحيانًا من المينا أو الأواني الترابية) إمكانية ارتداء المناظر الطبيعية العتيقة التي يحلم بها الكثيرون كزينةٍ، بعد تثبيت الرقع على ترصيعة معدنية.

التعبير عن الدراية العالية لدار فان كليف أند آربلز

انكبّت دار فان كليف أند آربلز على نقل جمال الكتابات والإبداعات الفنية التي تمّ العثور عليها في سياق الجولة الكبرى، فحرصت على الاستفادة من الطيف الكامل لخبرتها: من إبداع استوديو التصميم الخاص بها، والعين الثاقبة والنظرة المدرّبة لخبراء الأحجار الكريمة، والدراية، والخبرة، والإتقان العالي لورش العمل الخاصة بالمجوهرات الراقية. فعمل مصمّمو الدار وحرفيّوها على بثّ الحياة في قطعٍ من المجوهرات تم تصوّرها مثل العديد من رسومات السفر: كدعوة للانطلاق والتأمّل بدهشة وإعجاب.

مجوهرات فاخرة من  Van Cleef & Arpels

وزخرت المجموعة بكاملها بعقودٍ وأساور شكّلت لوحاتٍ من المناظر الطبيعية الغنية بالتناقضات، فجمعت الحلي الزخرفية فيها بين جمال العصور القديمة الإيطالية وروعة الجبال المغطّاة قممها بالثلج. وتمّ العمل على المشابك بتقنية ثلاثية الأبعاد لتستعرض أحجامًا منحوتةً تتماهى فيها الحدود ما بين المجوهرات وفن صياغة الذهب. فجاءت الأقراط لتضيء الوجه بأشكالها المتدلية على طراز الأسلوب الباروكي أو على هيئة الحقائب الصغيرة الإتروسكانية، بينما رُفعت الخواتم بتصميمها النافر، لتأسر النظرات بحناياها الغرافيكية وألوانها النابضة. وقد صُمّم كل إبداع وكأنّه أشبه بلوحةٍ تضجّ بالتفاصيل المنفّذة بصبرٍ وعنايةٍ بالغة. يتمّ الشغل على الذهب بدقةٍ وذوق ليظهر بوجوهٍ مختلفة، فمنه ما عولج بالضرب ليولّد تأثيراً بالانعكاس، ومنه ما أُضفيت عليه الحواف الزخرفية ليقيم تلاعباً بالألوان، كلآلئ برّاقة، أو في خطوط هندسية نُفّذت بواسطة تقنيات الصقل والتلميع المتناوبة. تولّد الإبداعات انطباعًا بالمفاجأة، حيث تلتقي الدراية التقليدية، التي تكرّم تاريخ المجوهرات، بالتقنيات المعاصرة. وتتجلّى على الجوانب الأمامية والخلفية للإبداعات براعة حرفيي الدار من خلال رقة المفاصل، واللمسات الأخيرة بأدق تفاصيلها.

وتتألق الأحجار الكريمة بمروحةٍ واسعةً من الألوان تعزّزها عملية انتقاء منوّعة. وتأتي كلّ ترصيعة لتحتفي بجمال الأحجار المختلفة، التي تكشف عن ألوانها الزاهية في تناغماتٍ عمل على ابتكارها خبراء الأحجار الكريمة في الدار. وتشكّل المواد النادرة مجموعاتٍ متقابلةً فيما بينها: الأحجار الكريمة ذات الأوجه المصقولة تلتقي جنباً إلى جنب مع تصاميم الكابوشون، وشفافية الأحجار الكريمة تترافق مع لمعان اللؤلؤ، وتأجّج أحجار الأوبال، أو بريق المرجان في شكله الطبيعي. وأيضاً، يجتمع اللون الأزرق القويّ لأحجار السافير مع الأزرق الليلي لأحجار اللازورد؛ ويتعزز اللون الأخضر الفاتن لأحجار الزمرد ببريق الماس؛ فيما تختلط درجات ألوان العقيق الرقيقة بألوف الفروقات الدقيقة من ألوان أحجار السافير الملونة. وبمرتبة الشرف حلّت الأحجار التي صُقلت بأسلوب فنّ النحت بالحجر الصلب، حيث يتربع حجر الزمرّد المحفور وسط عقد قابل للتحول، بينما تضيء الجواهر المنقوشة، السافير، واليشب، والسترين ثلاثة مشابك تستحضر كنوز العصور القديمة.